مصطفى أبو العزائم

حاضر رياضي سيئ ومستقبل أسوأ (!)


القرار الذي اتخذته اللجنة المنظمة لمسابقات الاتحاد السوداني العام لكرة القدم يوم أمس الأول, والذي قضى باعتبار فريق الهلال مهزوماً بهدفين دون مقابل في مباراتيه اللتين غاب عنهما ضمن منافسات الدوري الممتاز, واعتباره مهزوماً بهدفين في مسابقة كأس السودان أمام المريخ, وحرمان الهلال من المشاركة العام القادم في منافسة كأس السودان بالإضافة إلى غرامة مالية تقترب من المئة مليون إلا قليلاً.. مع قرار أخطر سيكون له ما بعده أيضاً مثلما سيكون لهذه القرارات ما بعدها, ونقصد بالقرار الأخطر إيقاف نشاط رئيس نادي الهلال السيد أشرف سيد أحمد حسين (الكاردينال) لمدة عامين داخلياً وخارجياً, مع حرمان فريقي الهلال والأمل من أداء الثلاث مباريات الأولى في الموسم الجديد على أرضيهما (!)

في رأينا أن هذه القرارات يريدها الاتحاد العام أن تظهر في صورة قرارات مدروسة, خضعت لبحث مستفيض قبل أن يتم إعلانها على الملأ, لكنها – وللأسف الشديد – تبدو لنا وللجميع أنها ليست أكثر من ردة فعل انتقامية, لمواقف رئيس نادي الهلال وأعضاء مجلس إدارة النادي, وآرائهم الصريحة والجريئة في الاتحاد العام, وهذا قطعاً من حقهم لكن أن يصل الأمر إلى حد إصدار مثل هذه القرارات الظالمة فإنه حقاً لأمر بئيس ومخزٍ يدعو للخجل والأسى.. والخوف على مستقبل الرياضة وكرة القدم في بلادنا.

يجب أن يعلم الاتحاد العام ومناصروه بأن الأندية الرياضية – خاصة العريقة – أقوى وأكبر من الأفراد, وإن العمليات الانتقامية وردود الأفعال الغاضبة ستنتج غضباً جماهيراً أكبر وأعظم, وربما قاد إلى (خراب مالطا).

المراقبون للشأن الرياضي في البلاد يعلمون تماماً أن الواقع الرياضي الحالي, وحاضر كرة القدم هو الأسوأ تاريخياً, خاصة عندما نقرأ ونسمع ونشاهد المليارات تنفق على من لا يحققون هدفاً ولا يحرزون نتيجة, وفي ظل تحول كبير نحو الرياضة العالمية التي كشفت لنا عن سوءات رياضتنا المحلية التي بات القائمون على أمرها يعتمدون على (القيل والقال) ويخبئون خلف أزيائهم الرياضية وشعارات أنديتهم أسلحة البغض والكره والحسد, ويستخدمون – للأسف الشديد – أقلام البعض أسلحة في مواجهة الخصوم, وموجات الأثير وصفحات الصحف ميادين لمعاركهم الخاسرة.

لابد أن ترفع الحكومة يدها عن الرياضة, وهي نشاط أهلي, وعلينا أن نعمل على الإصلاح بـ(البر والتقوى) لا (بالإثم والعدوان) لأن لهذا الذي يحدث الآن ردود أفعال عنيفة قد تسيل خلالها دماء, وتتحول ميادين التنافس الخضراء إلى ساحات قتال حمراء!.

ونتساءل إن كان الاتحاد العام ومن هم على قيادته قد قرأوا تاريخ الكوارث الرياضية الناتجة عن ردة فعل الجماهير الغاضبة مثلما حدث قبل أعوام قليلة في مصر عندما اقتحم مشجعو النادي المصري البورسعيدي أرض الملعب مع إطلاق صافرة نهاية مباراة المواجهة مع فريق الأهلي المصري, ثم الاعتداء على مشجعي النادي الأحمر ولاعبيه ومدربيه في مشهد عنف مأسوي أدى بحياة العشرات وأدى إلى إصابة الآلاف, نتيجة التعبئة السالبة, والشحن النفسي الضار.

وقبل الآن وتحديداً في الخامس والعشرين من مايو 1964م وقعت كارثة اعتبرها أهل الشأن الرياضي هي الأسوأ في تاريخ مباريات كرة القدم, وقد وقعت أحداثها بالملعب الدولي بعاصمة (بيروليما) في مباراة جاءت ضمن التصفيات الأمريكية الجنوبية المؤهلة لأولمبياد طوكيو في ذلك العام بين المنتخبين البيروفي والأرجنتيني- وكان العداء محتدماً بين البلدين, وقد تقدم الفريق الأرجنتيني بهدف الفوز مما أدى إلى ثورة عارمة وسط مشجعي الفريق البيروفي, وتفجر الوضع قبل نهاية المباراة بدقيقتين عندما ألغى الحكم هدفاً للمنتخب البيروني وهو ما أدى إلى انفجار الوضع, ودخول المشجعين إلى الملعب لتكون الحصيلة (318) قتيلاً أغلبهم من مشجعي الفريق الأرجنتيني مع أكثر من خمسمائة مصاب.

في العهد المايوي أعلن الرئيس الراحل جعفر محمد نميري (الرياضة الجماهيرية) وحل الفرق الرياضية, بل أعلن في خطاب عام بأنه (لا هلال.. ولا مريخ.. و.. ولا موردة حتى).. لكنه نقض ما ذهب إليه.. عادت الأندية وذهب النميري- رحمه الله- لكن اتحادنا لا يقرأ التاريخ.