جمال علي حسن

المادة “152”.. المراجعة مطلوبة والحذف مرفوض


المادة 152 التي تقع ضمن الباب الخامس عشر للقانون الجنائي السوداني لسنة 1991 والمتعلقة بجرائم العرض والسمعة والآداب العامة لا أعتقد أنها تنص على مبادئ غير مناسبة مع مجتمعنا السوداني حتى تثير كل هذه الحساسية السياسية من جانب مثقفين وبعض المنتمين إلى القوى المعارضة ذات التوجهات غير الإسلامية .
فموضوع الزي الفاضح مثلاً وبعيداً عن توجهات الحكومة ومرجعياتها ومشروعها السياسي أو الفكري فإننا سودانيون يتميز مجتمعنا بثوابت ولوائح عرفية واجتماعية ترفض اللباس الشاذ وترفض السلوك المخل بالآداب والجارح للشعور العام في الشارع السوداني .
نقول هذا بمناسبة التوجهات داخل البرلمان هذه الأيام لمراجعة المادة 152، إذ لا أتصور أن تكون هناك رؤية فكرية أو سياسية يتبناها أي طرف أو جسم سياسي أو ثقافي أو اجتماعي ليبشر بها ويدعو السودانيين لتبنيها وتكون تلك الرؤية تدعو لرفع وإلغاء أية لائحة أو قانون يمنع مظاهر الفوضى الأخلاقية ويسمح بحرية كاملة بسقف مفتوح يحول مدينة مثل الخرطوم إلى حالة أشبه بحالة (لاس فيغاس) مثلاً وتترك الشارع العام بلا ضابط ولا رابط ولا حتى لوائح تجرم اللباس الشاذ والخادش لحياء المجتمع والفاجر في الشارع السوداني العام.
الموضوع ليس موضوع إسلاميين وكيزان وإخوان مسلمين أو غيرهم.. الموضوع موضوع أخلاق وأعراف مجتمع وأصالة سودانية .
أكثر الانتقادات للسلوكيات والمظاهر الخارجة عن المألوف أطالعها في تعليقات وأخبار المواقع الإلكترونية المعارضة للحكومة.. هم الذين استنكروا بشراسة واقعة القبض على مجموعة من المثليين والشواذ في الخرطوم في وقت سابق بل حاولوا توظيفها سياسياً وقالوا إن هذه الظاهرة تعبر عن المرحلة التي وصلت إليها البلاد في عهد الحكومة الحالية.. وكان هذا الكلام غريباً جداً ومتناقضاً مع الحملة العنيفة ضد المادة 152 في القانون الجنائي..
هؤلاء الذين ظلوا يطالبون بحذف هذه المادة من القانون هم أنفسهم الذين تقرأ تعليقاتهم الغاضبة على لبس الفنانة السودانية الفلانية الفاضح ومقاطع الفيديو التي توثق مظاهر متفلتة تحدث في حفلات ورحلات وتجمعات مختلطة داخل السودان .
حالة الانفصام في الموقف تلك ناتجة عن عدم منح صاحبها نفسه فرصة لتحديد مشكلته مع قوانين الآداب العامة ..
هل المشكلة أن تلك القوانين تم وضعها وإجازتها وتطبيقها في عهد الحكومة الحالية التي يرفضها ويرفض كل ما تأتي به؟.. أم أن مشكلته مع نصوص القانون؟ أم مع آليات تنفيذه؟ .
المادة 152 مثلاً يمكن أن تكون محتاجة فعلاً لمراجعة من حيث تقديرات التجريم ومعايير الزي الفاضح أو الفعل المخل.. هذا مطلوب.. لكن أي حديث أو مطالبة بحذف المضمون وإلغاء هذا القانون مبدءاً وبالكامل هو حديث مرفوض بحسب عرف المجتمع السوداني ومرفوض من الشخص الذي يطالب به نفسه حين يهدأ ويعود إلى حالته الثانية وموقفه الآخر لأننا نعتبره في الغالب شخصاً يتبنى في داخله موقفين متناقضين ويعاني من انفصام في الموقف.
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.