الطيب مصطفى

الوطني.. إلى أين يسوق البلاد؟!


ويأبى المؤتمر الوطني مرة أخرى إلا أن ينكص على عقبيه ويتراجع عن تعهداته التي أبرمها كتابة وأقوالاً موثقة!.
لقد قالوها مثنى وثلاث ورباع وعلى رؤوس الأشهاد إنهم ملتزمون بمخرجات الحوار أياً كانت، فما الذي جعلهم يعلنون الآن عن رفضهم للحكومة الانتقالية؟!
في منحى آخر.. فقد بلغ الفرح منا مبلغاً عظيماً حين أتاح الوطني للأحزاب حرية إقامة الندوات خارج دورها، وعقدت ندوات محضورة تم التعامل معها بأسلوب ديمقراطي راقٍ، وهو بكل المقاييس، انفراج كبير في مناخ الحريات، ولكن لم تمض أيام على ذلك التطور الهائل حتى ارتدوا و(غرقوا في شبر موية) حين منعوا بعض قيادات الأحزاب المعارضة من السفر إلى خارج السودان، ولم يقم أي من القيادات الأمنية بتقديم توضيح عن كيف ولماذا هذه التصرفات والتناقضات التي تجعل الحليم حيران؟!.
بالله عليكم ما الذي يجبرهم على تعكير الأجواء الآن بدلاً من تلطيفها وتمهيد الطريق لإنجاح الحوار حتى يكون شاملاً وجامعاً للصف الوطني بدلاً من هذا المسخ الذي يسجي الآن في غرفة العناية المكثفة معانياً من سكرات الموت؟.
من تراه (يبعبص) من وراء الكواليس كشيطان رجيم يضع المتاريس ويغلق الأبواب بل النوافذ أمام أي تراض وتوافق بين أبناء السودان كلما انفتحت كوة للأمل ومسرب للضوء؟.
حتى إذا كان الوطني غير مرحب بحكومة انتقالية لماذا يبدي الآن ما كان ممكناً إخفاؤه إلى أن يلتئم شمل المتحاورين وينخرط الممانعون ممن هم بالخارج في انتظار اللقاء التحضيري أو ممن هم بالداخل من أمثالنا الذين نقاطع الآن لكننا نتوق إلى اللحظة التي تجمعنا بالآخرين حتى يكون الحوار شاملاً بل نحرص ونسعد بلعب دور الموفق الساعي لرتق الفتق وتقريب الشقة بين الأطراف المختلفة لندخل جميعاً إلى قاعة الحوار الذي نريده شاملاً يحقق تلاقي أهل السودان وينقل البلاد إلى مربع جديد من التعافي والتراضي الوطني نستدبر به الحروب التي انهكتنا ونستقبل عهداً جديداً يسوده السلام والأمن والاستقرار والتداول السلمي للسلطة بعيداً عن البندقية التي عطلت مسيرة السودان وهوت به إلى قاع الدنيا.
كان بإمكان الوطني، من باب حسن السياسة والتكتيك، أن يصمت ويضمر ما تنطوي عليه نفسه ويفعل كل ما من شأنه تشجيع الممانعين وإقناعهم وتطمينهم حتى يشاركوا ويحقق هدف الحوار الشامل الذي كان من أهم الأسس التي تواضع عليها المتحاورون من أول يوم وهم يصوغون خارطة الطريق التي اعتمدت كمرجعية للحوار الوطني أقولها الآن مقسماً بالله إن الوطني بسلوكه هذا الغريب لم يترك لأي متشكك أو لأي متعاطف معه ذرة من مبرر يتيح له إنكار أنه لا يرغب في أي حوار وأنه (قنعان) ظاهراً وباطناً من الحوار، لكن من تراه يقنع من يجتمعون الآن في قاعة الصداقة في انتظار النثرية والفتات حتى لو كانوا يتلقون الصفعات تلو الصفعات.. من يقنعهم بأنه قد آن الأوان لهم ليغادروا قاعة الحوار بما تبقى لهم من كرامة؟!
الوطني يمتلك من وسائل الترغيب والترهيب ما كان من الممكن أن يحرك به الكثير من الذين حشدهم داخل قاعة الصداقة ليبصموا على ما كان ممكناً أن يسكت عنه إلى أن يحين أوانه فما الذي يدفع الوطني ليعلن موقفه من الحكومة الانتقالية الآن بدلاً من أن (يتكتك) الأمر في وقت لاحق مع الكومبارس ورقع الشطرنج المستعدة لفعل ما يريد وبدون حتى أن يصرح؟، لماذا وضع الألغام في طريق الحوار وزيادة دواعي التشكيك في صدقه في وقت ينتظر فيه الحادبون على الحوار خطوات عملية تقنع المتشككين في صدق الحكومة ومؤتمرها الوطني؟.
بالله عليكم قارنوا بين الأحزاب التي استجابت لدعوة الحوار يوم انعقاده لأول مرة في يناير من العام الماضي والأحزاب التي انسحبت منه.. هل أصبح الحوار شاملاً بانخراط الممانعين أم أن كثيراً من الذين شاركوا في جلسته الأولى قد انسحبوا؟.
من هو المسؤول عن هذا التراجع وعن خرق العهود والمواثيق بل عن خرق خارطة الطريق التي تواثق عليها طرفا الحكومة والمعارضة ومن زور قائمة ممثلي المعارضة في تنسيقية الحوار (7+7)؟.
أقولها والحزن يملأ جوانحي، إن المؤتمر الوطني يتحمل مسؤولية الاختناق والاحتقان السياسي الحاصل الآن، بل يتحمل المسؤولية عن تردي الأوضاع الاقتصادية والمخاشنات التي تحدث مع الاتحاد الأفريقي والمجتمع الدولي، فبدلاً من أن يسير في طريق الحل يمضي في تعقيد الأزمة الوطنية، متجاهلاً كل ما يمكن أن تفرزه من تداعيات نخشى أن تسوق هذه البلاد إلى ما نرى بعض تجلياته في جوارنا العربي والأفريقي.
أختم بسؤال أوجهه للمؤتمر الشعبي الذي أحرق مراكب العودة إلى صفوف المعارضة تعويلاً على آمال عراض علقها على الوطني بدون أدنى حيثيات موضوعية.. كيف يفعل الآن وقد فقد المعارضة ربما إلى الأبد، وملأ رئة الوطني بالشكوك حول ما يخبئ من سيناريوهات لا تروقه؟!.
لن أسأل شعيب فهو مجرد مبتدئ قفز في بحر السياسة اللجي بلا أدنى فكرة عن العوم، لكني أدعوه شفقة عليه إلى أن يصمت حتى لا يضحك عليه الناس؟!


تعليق واحد