نور الدين مدني

الود المفقود وبخور الباطن


*رسالة عتاب مؤثرة كتبها الكاتب الصحفي والدبلوماسي قير تور على صفحته بالفيس بوك لبعض الأقربين يعيب عليهم عدم اهتمامهم بخبر شقيقه المريض استوقفتني وأجبرتني على التعليق.

*لابد أن أذكر القراء أن قير تور كان يكتب معنا في ” السوداني” عموداً يومياً بعنوان” لويل كودو” وأنه عمل بالخارجية السودانية قبل أن تفرقنا السياسة اللعينة إلى دولتين وتتسبب في المزيد من حالات الشتات الجغرافي.

*قير تور عبر عن خيبة أمله في بعض الأقارب الذين كانت تربطه بهم علاقات طيبة ومصالح‘ لكنهم لم يكلفوا نفسهم مجرد السؤال عن شقيقه المريض.

*جاء رد قير تور على مداخلات الذين اهتموا بالتعليق على رسالته تحمل الكثير من المشاعر الطيبة خاصة تجاه أسرة صحيفة ” السوداني” وقال إنه في عام 2007م لم يقصروا معه عندما مرض والده وزاروه في المستشفى وكانوا- بعد موته – حضوراً في المقابر وشاركوه أيام العزاء.

*أوضح قير في تعقيبه أنه كان يقصد بعض أقاربه الذين كانوا يلجأون إليه لقضاء بعض حاجاتهم‘ لكنهم فجاة انقطعوا عنه ونسوا صلة الرحم التي أوصانا الله بالحرص عليها‘ وقال في حسرة : فما بالكم إذا كان القريب مريضاً؟.

*تأثرت بهذه الرسالة كما تأثرت بالكلمات الطيبات التي خص بها أسرة صحيفة “السوداني” ولأن رسالته هذه لا تعبر عن حالة خاصة وإنما تعبر عن بعض ما اعترى العلاقات الاجتماعية والأسرية من ضعف وهشاشة رأيت تخصيص كلام الناس اليوم عنها.

*كما ذكرت في تعقيبي عليه في الفيس بوك أنه من الظلم تعميم الأحكام على الناس خاصة وأن الحياة الاجتماعية أصبحت معقدة وصعبة وقمتها الضغوط الاقتصادية ومشاغل الحياة اليومية المزدادة‘ لكن كل ذلك لا يبرر قطع العلاقات خاصة مع الأقربين.

*لم تعد مسافات الأمكنة مبرراً للقطيعة بين الناس خاصة في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي يسرت سبل اللقاءات .. وبعضها بالصوت والصورة معًا.

*إن خدمات الاتصالات الحديثة أصبحت قريبة المنال لغالب الناس وهي تتيح للأهل والأصدقاء والأحباب مساحات رحبة للتواصل‘ فلا أقل من الحرص على الكلمة الطيبة” بخور الباطن” لأننا نحتاجها جميعاً لتقوية ما انقطع مادياً من علاقات‘ وليبقى الود بيننا رغم المسافات البعيدة.