تحقيقات وتقارير

“إبراهيم محمود”: الجولة القادمة لتكملة اتفاق سلام نهائي، وليس وقف عدائيات فقط


خلافاً لحديثه، الذي هاجم ، فيه “ياسر عرمان”، الأمين العام للحركة الشعبية – قطاع الشمال. فإن مساعد رئيس الجمهورية “إبراهيم محمود”، كان هادئاً، طوال الوقت، و لم تثره أسئلة الصحافيين الساخنة، غير المتناسبة ومكيفات صالون المؤتمر الوطني، الباردة. حيث نظم نائب رئيس الحزب للشؤون الحزبية، تنويراً صحفياً مرتجلاً أقتصر على الصحافيين المكلفين من قبل صحفهم بتغطية مناشط حزبه.
ويأتي تنويره، في وقت مفصلي، على الصعيد المحلي، بشأن الوصول لعملية سلمية، تنهي الخلافات السياسية المستعصية في البلاد، فجانب الحوار الوطني ، الذي يتداول فيه زهاء المائة حزب، مضاف إليهم حركات مسلحة، في أروقة قاعة الصداقة أوراق متعددة لحزم جدل ست قضايا رئيسية. بجانب ذلك تبدأ الحكومة الأربعاء المقبل، الجولة التاسعة لمفاوضات المنطقتين ــ النيل الأزرق، جنوب كردفان ــ بالعاصمة الأثيوبية ، أديس أبابا، برعاية الوساطة الأفريقية. ويعول الكثيرون على هذه الجولة لإنهاء حرب طال أمدها.
الخيانة الوطنية..
عد مساعد الرئيس، تصريحات “عرمان”، بدعوته لرفض الاتفاقيات الموقعة بين السودان والسعودية، بخصوص تمويل مشاريع تنموية. بالغريبة. وقال : في وقت تجتمع القوي السياسية لإيجاد حلول تدفع بعملية الاستقرار في البلاد ، يدعو “عرمان” السعودية لعدم مساعدة السودان، وأضاف : (هذا سلوك مشين لا يشبه أصلا مواطناً يريد خير بلاده)، وأجاب “محمود” على فرضية هل بدعوته هذه يعد “عرمان” خائناً لوطنه، بطريقة حذرة، دون أن يسميه، رغماً عن السؤال، كان بخصوصه، بقوله: (كل من يدعو لمحاصرة السودان ، أو فرض عقوبات عليه ، تعتبر خيانته خيانة عظمى)، بيد أنه أستدرك، وقال: (نربأ بأي سوداني ،أن يكون جزء من استهداف وطنه).
تخوف مخلوط..
رفض “إبراهيم محمود”، أن تكون علاقة بلاده مع السعودية، والتي شهدت تطوراً كبيراً في الفترة الأخيرة، خاصة بعد تأييد ومشاركة السودان في عاصفة الحزم، الرامية لإعادة الشرعية في اليمن، والزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين. أثمرت عن التزام السعودية بتمويل مشاريع تنموية بأكثر من ست مليار. رفض أن تكون خصماً على جدية الحكومة، في شأن مفاوضات المنطقتين، وقطع بأن ذلك (فهم مغلوط).
وأبدى نائب رئيس الحزب الحاكم امتعاضه، من تشكيك “عرمان”، بأن تلك القروض جاءت بعد رهن الحكومة لأراضيها للسعودية، ووجه له سؤلاً مفاده: (من الذي رهن أرض البلاد لتكون ضمانا؟ ). وقال إن إيقاف التنمية يأتي في صالحهم، لتتضاعف المعاناة، ليؤدي ذلك برفض المواطنين للحكومة ــ حسب وصفه.
جرعة أخرى..
المؤتمر الوطني، ظل منذ فترة يتهم الحركة الشعبية – قطاع الشمال، بأنها السبب الرئيسي في معاناة البلاد، ببداية حربها ضد الدولة منذ العام (1983)م، بلا توقف، رغم تعاقب عدة حكومات. هذا بخلاف احتفاظها بالفرقة التاسعة والعاشرة، بعد توقيع اتفاق السلام الشامل، مع الحركة الشعبية الأم، في العام (2005)م، حتى أنفصل جنوب البلاد وكون جسماً مستقلا. وقطع “محمود” بأن احتفاظها بالفرقتين لنيتها المسبقة لتجديد الحرب.
وقال: من يريد استمرار الحرب، لا يريد بالمقابل استقرار. ووصف تحريضها للسعودية بالاتجاه الخطير . واستشهد الرجل بتساؤل أمريكي ــ دون أن يسميه ــ من أعضاء الوفد البرلماني لأمريكا في الفترة الماضية. لماذا يعارض بعض السودانيين دولتهم وليس حكومتهم، وقال “محمود” بلسان الأمريكي المتسائل: بأن هناك عدداً من رعايا الدول الأفريقية، يقيمون في الولايات المتحدة ، يعارضون أنظمة الحكم في بلادهم، إلا أنهم لا يطالبون بحصار دولتهم. عكس السودانيين المطالبين الإدارة الأمريكية بزيادة العقوبات.
أمل أخير..
قال مساعد الرئيس أن وفد حكومته الذاهب للجولة العاشرة لمفاوضات المنطقتين، (الأربعاء) المقبل، سوف يذهب بقلب مفتوح، لتكملة اتفاق سلام نهائي، وليس وقف عدائيات فقط، وأرجع ذلك لإحساسهم بمعاناة المواطنين.
وتأتي الجولة بعد تسع جولات، كان آخرها في ديسمبر الماضي، توصل فيها وفدا التفاوض، لحوالي 90 % من القضايا الخلافية، بحسب “محمود”، وقال: (لا نرى سبباً واحداً لعدم توصلنا لسلام)، وتساءل: (ما الذي بقى؟ غير أن تذهب الحكومة ويأتي رافعو السلاح للجلوس على كراسي السلطة). ودعاهم للالتزام الفوري باتفاق توصيل المساعدات الإنسانية للمتأثرين بالحرب، الموقع بين الحكومة، الأمم المتحدة، الاتحاد الأفريقي، والحركة الشعبية. ولم يغفل أيضا عن دعوتهم للالتزام بسلام دائم، معلناً من جانب حكومته، استعدادهم لذلك.
ورفض “محمود”، حديث الحركة الشعبية، بعدم مناقشة قضية المنطقتين بمعزل عن قضايا البلاد العامة، وقال: قضايا السودان لا تناقشها حركات منفردة، مردفاً: بل يناقشها الشعب من خلال قواه السياسية والمجتمعية في مؤتمر الحوار الوطني، الذي عده فرصة فرصة لكل حملة السلاح ليأتوا ويتحاوروا. وقال: بعد ذلك من يرفض أن تكون مرجعيته الشعب هذا قطعاً خارج عن القانون وإرهابي.
السلطة بيد الشعب..
وسخر “محمود” من توصل قادة قوى (نداء السودان)، لتصفية حكومة الإنقاذ، وإبدالها بحكومة انتقالية، أو انتفاضة شعبية. في اجتماعها المنفض أول أمس بالعاصمة الفرنسية. وقال: (إذا كانت المجموعة الصغيرة في الجبهة الثورية لا تستطيع الاتفاق على رئيس لها، فهل يستطيع الاتفاق على رئيس للسودان). ونصحهم بقبول دعوة التحاور، ورد قضية السلطة للشعب، ليختار ما يريد، بعد توفير مطلوبات الاختيار الحر والشفاف، حسب قوله.
جدلية اليمين واليسار
لم ينف “إبراهيم محمود” الصراع بين التيار الإسلامي واليساري، وقال: نحن لسنا خارج العالم ، فهناك من يريد أن تصبح مرجعية الحكم إسلامية، وآخر يريد فصل الدين عن الدولة، وقال إن حسم تلك المعضلة يكمن في إرجاعها للشعب. وأضاف: المشكلة هناك من يريد فرض رؤاه بالقوة، وتساءل: (لماذا يعاني الشعب السوداني، ولماذا تضيق الحياة بالناس)، مرجعاً ذلك للحرب، وقطع بأن من يريد استمرارها هو سبب معاناة الشعب. مبيناً استحالة أن يسود الرخاء الاجتماعي مع الحرب
معلومات جديدة..
ونافح مساعد الرئيس التي الاتهامات التي يوجهها البعض للحكومة باهتمامها بتنمية الولاية الشمالية، دون الولايات الأخرى، وطالبهم بدليل. واسترشد في منافحته بوصول طريق الإنقاذ للجنينة، إضافة لمطارها الدولي. وسريان التيار الكهربائي في جنوب كردفان، وانطلاقته لدارفور، فضلاً عن الجامعات المنتشرة في كل الولايات.
ولم ينس أن يستشهد كذلك بالسدود، بتعلية سد الرصيرص، وبناء سدين في شرق البلاد، واحد في ستيت والآخر في نهر عطبرة. وقال إن مواقع السدود لتوليد الكهرباء محددة بطبيعة الأرض ،وليس بالإقليم. جازماً بأن أنتاجها لا يكون حكراً على منطقة دون سواها، وقال: الخير يعم.
وأعلن عن موافقة دولتي السعودية والإمارات، لتمويل مشروع (السقيا) في كل السودان، ببرنامج مشابهة لبرنامج البرازيل (زيرو هنكر)، وسماه (زيرو عطش). وقال: (بإنفاذه لن يكون في حتة في السودان ما فيها موية).
وبخصوص تخوف البعض من أن يؤدي إنشاء السدود الجديدة، التي التزمت السعودية بتمويلهم لتهجير المواطنين، وهمس الآثار، أفاد “محمود”: السدود لن تهجر الناس، مرجعاً ذلك لعدم الاحتياج لبحيرة كبيرة لتخزين المياه، لجهة أن المياه تخزن في بحيرة سد النهضة الأثيوبي، وتنساب باستمرار طوال العام، ووصف من يقول ذلك بتغريده خارج السرب.
صراع الحدود..
وبشأن الصراعات القديمة المتجددة في الحدود مع دولتي أثيوبيا ومصر، قال إن قضاياها شائكة، مبيناً أن حكومته قطعت شوطاً كبيراً مع أثيوبيا، بعد تكوين لجنة فنية مشتركة وضعت نقاط الحدود بتقنيات الـ( (gpsومن ثم رسمتها على الورق. وقال تبقى فقط وضع العلامات عليها ،وتلك يضعها الرئيسان. وأضاف (بعد ذلك رأينا إذا كان في مزارع اثيوبي عايز أزرع في السودان، ما عندنا مشكلة). وجزم بأن حكومته تعمل مع أثيوبيا لوضع حدٍ لاحتكاكات عصابات الشفتة الأثيوبية.
وأوضح أن مستندات الحكومة في قضية حلايب، تثبت سودانيتها. بدء من مستندات اتفاق الاستقلال. بين حكومة الاستعمار بريطانيا ومصر من جهة والسودان من الجهة الثانية، بكامل حدوده الإدارية.
وقطع بأن المتبقي فقط الوصول لتفاهمات لحل مشاكل الحدود بطرق سليمة مع الدولتين.

المجهر السياسي