الطيب مصطفى

بين البرلمان والموظفة الأمريكية!


لست أدري ما إذا كان رئيس البرلمان البروف إبراهيم أحمد عمر يعلم (بخرمجة) بعض مشرعيه الذين ينشغلون بما هو أدنى من النوافل، بينما يغضون الطرف عن أوجب فرائضهم وواجباتهم المتمثلة في الرقابة على السلطة التنفيذية في زمان أزمات الكهرباء والمياه والغاز والاتصالات والتي ظننا أننا قد استدبرناها إلى الأبد ولكن!.
أقول هذا بين يدي خبر مفخخ يقول إن لجنتي التشريع والشؤون الخارجية بالبرلمان قد جلستا مع موظفة في السفارة الأمريكية ووعدتاها (بتعديل أو حذف) المادة (152) من القانون الجنائي المتعلقة بالزي الفاضح!.
تخيلوا قدر ومكانة برلماننا الذي تجتمع اثنتان من أعظم لجانه وليس واحدة فقط مع موظفة بالسفارة الأمريكية لكي تقدما لها فروض الولاء والطاعة وتبذلا لها الوعود ولا تكتفيا بذلك إنما تخرج متحدثة عنهما لتعلن، ربما متباهية، عن تلك التنازلات المجانية على رؤوس الأشهاد!
إنه عطاء من لا يملك لمن لا يستحق.. فقد نسيت اللجنتان أنهما ممثلتان للشعب لا لسفارة أمريكا – عدونا اللدود – التي لم تتكرم عليهما بإرسال السفير إنما أرسلت موظفة مغمورة لا ينبغي أن تقابل موظفاً صغيراً في البرلمان، دعك من لجانه وأعضائه.
أهم من ذلك فإنه إذا كان هناك ما يقتضي إجراء تعديل في تلك المادة فإنه ينبغي أن يجرى استجابة لوازع وطني ودافع أخلاقي لا لسفارة دولة أجنبية تشن الحرب علينا وتضيق الخناق علينا آناء الليل وأطراف النهار.
لكن دعونا نسأل.. ما الذي يسوغ لأمريكا أن تحشر أنفها في قوانيننا.. ما هي يا ترى تلك العلاقة الخاصة التي تمنحها ذلك (الحق الحصري) وهي التي جددت عقوباتها على السودان وشعبه لعام جديد اعتباراً من بداية هذا الشهر، ثم هي التي ترفض إعفاء ديون السودان وتمارس عليه ضغوطاً لا تمارسها على أي دولة أخرى في العالم وتضعه في قائمة الدول الداعمة للإرهاب رغم هرولته لاسترضائها وخدمة أجندتها الظالمة؟!.
إنه العطاء المجاني الذي تحبه أمريكا التي لم أنس ما قاله وزير خارجيتها الصهيوني الشهير هنري كيسينجر للرئيس السادات (إن أمريكا لا تسدد ثمن ما يهدى إليها) !.
لقد أدمنا العطاء بلا مقابل في كل ما كانت أمريكا جاهزة لتبذل في سبيله وما الجنوب عنا ببعيد.
أعود لقضية مادة القانون الجنائي التي (هرولت) اللجنتان و(اندرشتا) أمام تلك الموظفة معلنتان رغبتهما في حذفها أو تعديلها.
تقول المادة (152) من القانون الجنائي التي أزعجت تلك الأمريكية ما يلي: (من يأتي في مكان عام فعلاً أو سلوكاً فاضحاً أو مخلاً بالآداب العامة أو يتزيا بزي فاضح أو مخل بالآداب العامة يسبب مضايقة للشعور العام يعاقب بالجلد بما لا يتجاوز أربعين جلدة أو بالغرامة أو بالعقوبتين معاً).
هل يذكر القراء الكرام قصة أفراد النظام العام الذين قبضوا على مجموعة منحلة من الشباب يرتدون ملابس نسائية ووجدوا في وسط الشقة التي يقيمون فيها في الخرطوم بحري حفرة دخان (عديل كده) يتناوب أولئك المخنثون في الجلوس عليها بملابسهم النسائية؟، هل شاهدتم ذلك الفيديو المتداول في الوسائط الإلكترونية لذلك (الفنان) الذي يتراقص بصورة تتعفف الحرائر من النساء من فعلها مع أزواجهن؟، هل شاهدتم أو سمعتم التنابذ بفاحش القول الذي صك آذاننا بين مجموعة من الشواذ جنسياً والعاهرات السودانيات اللائي يقمن خارج السودان؟، هل رأيتم أزياء أولاد ميكي من بنطلونات ناصلة وسلوك فاضح أو سمعتم عن تجار الجنس الذين يصطادون بعض فتيات الجامعات مستغلين حاجتهن الماسة؟.
ليت أعضاء اللجنتين الذين انصاعوا لـ(توجيهات) تلك الأمريكية سألوها هل تسمح الشرطة الأمريكية لفتاة أمريكية بأن تمشي عارية في شارع برود وي في مدينة نيويورك؟ أمريكا وأوروبا لهما نظام عام يا هؤلاء قد يختلف في التفاصيل عن النظام العام في السودان لكنه موجود.. أمريكا وأوروبا تحاربان المخدرات بل تحاربان التدخين في الأماكن لعامة بأكثر مما نفعل.
بالرغم من ذلك تقول اللجنتان إنهما قد تحذفان مادة الزي الفاضح؟.
للأسف الشديد إن موجة تحرير المرأة من كل شيء بما في ذلك الملابس التي تستر أجسادهن بالمخالفة لدين هذه الأمة تشارك فيها بعض الإسلاميات انهزاماً للصوت العالي للخارجات على قيم ودين هذه الأمة وتقاليد هذه البلاد، سيما مع تصاعد صوت دعاة ثقافة الجندر المصحوبة بغزو ثقافي وحضاري كاسح يعمل على أدراج نساء العالم في نمط حضاري وسلوكي واحد.
أقول إنه لا بأس من التداول حول تعريف الزي الفاضح لكن أن تتحدث اللجنتان عن حذف ما لا يحذف حتى في أمريكا فهو ما ينبغي أن يقرع عليه هؤلاء الذين يزعمون أنهم يمثلون الشعب السوداني وهو منهم براء.
أقول لرئيس البرلمان ولنوابه الكرام إن واجبكم أن تعبروا عن قيم هذا الشعب الذي تمثلون لا عن نمط الحياة والقيم الأمريكية، وذلك التزاماً بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي يتعين على البرلمان في دولة تزعم أنها تلتزم بدين هذا الشعب وبشريعته فإذا عجزتم عن الإصلاح وعن النهوض بدوركم التشريعي والرقابي فما أقل من أن تتركوا الأمور على حالها عملاً بسنة فليقل خيراً أو ليصمت.


تعليق واحد

  1. والله انه لعمل مؤسف و مخجل من هؤلاء المبطحين اين كرامتكم وأنتم تجلسون كالتلاميذلهذه الموظفه هل عشان هى. مجرد أمريكية ؟