مقالات متنوعة

محمد لطيف : حكمة مشروعية حشد الموارد.. لدعم الأجنبي!1


والتحية للزميلة سمية.. الصحافية الاقتصادية المعروفة.. ورئيسة تحرير الزميلة الغراء التغيير.. ونطمئنها بدءا أننا لسنا ضد الاستثمار الأجنبي على إطلاقه.. ولكننا مع الاستثمار الأجنبي الذي يضيف ولا يخصم.. ومسألة الأصول التي يخلفها المستثمر الأجنبي ليست منحة هي الأخرى.. بل يكون ذلك المستثمر قد استعاد رأسماله ومائة ضعف كأرباح قبل أن يغادر.. وإذا طبقنا مبدأ الإهلاك على أي مشروع بعد عشرين عاما من تشغيله.. وأنت سيدة العارفين.. فسيحتاج الحساب بتطبيق هذا المبدأ إلى وقفة منك ولا شك.. حيث أن القيمة الدفترية لتلك الأصول ستكون صفرا.. ولا شك أن خبيرتنا الاقتصادية من المشجعين للاستثمار الأجنبي لما يدره من عملات صعبة تحسن الموقف النقدي في البلاد.. ونتفق معها في ذلك ولا شك.. ولكن ما رأيكم إذا قلنا إننا فيما يبدو أمام استثمار أجنبي من نوع جديد.. ليس حريصا على إضافة سنت واحد للاقتصاد المتهالك هذا.. بل يسعى لاستغلال الموارد المحدودة هذه ومزاحمة المشاريع الوطنية.. والتضييق على أوجه الصرف الملحة بالبلاد.. وذلك بالسعي للاستحواذ على نسبة مقدرة من الموارد الأجنبية لتمويل صفقة شراء شركة اتصالات.. لا عبر تمويل مصرفي محدود.. بل بإنشاء محفظة مصرفية بحالها لتمويل أحلام الشراء؟!
وقبل الخوض في التفاصيل دعونا نلقي نظرة عجلى على سياسات البنك المركزي للعام 2015 الذي يلفظ أنفاسه.. فسياسة التمويل لهذا العام قامت على.. تشجيع المصارف على تكوين محافظ لتمويل الأنشطة الاقتصادية المختلفة خاصة القطاعات الإنتاجية، مع إخطار بنك السودان المركزي لوضعها في الاعتبار عند تقديم الحوافز.. ولئن سألت عما يعني المركزي بالقطاعات الإنتاجية..؟ جاءك الرد من ذات المنشور الصادر عن البنك المركزي الذي يقول.. الاستمرار في تشجيع وحث المصارف على توجيه القدر الأكبر من مواردها المالية للتمويل بغرض تحقيق أهداف البرنامج الاقتصادي الخماسي المتمثلة في زيادة الإنتاج من المنتجات الزراعية والصناعية والنفط والمعادن لزيادة الصادرات وإحلال الواردات، وذلك عن طريق التمويل المباشر من المصارف أو تكوين محافظ فيما بينها.. إذن، حين يتحدث بنك السودان عن الإنتاج فهو يعني الزراعة والصناعة والنفط والمعادن.. ثم يضيف إليها.. تشجيع المصارف على تمويل خدمات الصادر مثل النقل والأوعية التخزينية والتحميل والتفريغ وأي خدمات أخرى ذات صلة.. ثم تؤكد السياسة التمويلية هذه الموجهات بنصها على.. الاستمرار في تقديم الحوافز بواسطة بنك السودان المركزي للمصارف المتعاونة في تقديم التمويل المباشر أو المساهمة في محافظ التمويل في المجالات التالية.. التمويل متوسط وطويل الأجل للقطاعات الإنتاجية المستهدفة بالبرنامج الاقتصادي الخماسي كالزراعة والصناعة والتعدين..!
ليس هذا فحسب.. بل إن السياسة التمويلية قد نصت بوضوح على ما يلي.. يحظر التمويل للأغراض والجهات التالية.. شراء العربات وشراء وتشييد العقارات والأراضي إلا ما استثني منها بموجب أحكام منشور الإدارة العامة لتنظيم وتنمية الجهاز المصرفي.. شراء الأسهم والأوراق المالية.. التجارة في مجال رصيد الاتصالات واستخداماته.. حدثوني إذن.. شركة اتصالات تعرض كل أصولها للبيع.. فهل تخرج أصول تلك الشركة من هذه المنقولات الواردة تحت بند الحظر الصادر من البنك المركزي..؟ والحال كذلك.. مقروءا مع النصوص الواضحة عن دواعي إنشاء المحافظ واستخداماتها.. مقروءا ذلك مع أن الأصل في الاستثمار الأجنبي ضخ موارد إضافية في جسد الإقتصاد الوطني.. لا الأخذ منها.. فكيف يستقيم أن تسعى شركة أجنبية لإنشاء محفظة من البنوك المحلية لتمويل صفقة.. البائع والمشتري فيها أجانب..؟ وما هي الفائدة التي تجنيها البلاد من هكذا عملية..؟