الطيب مصطفى

هذه المنظمات المشبوهة!!


صرت عندما أقرأ خبراً أو أسمع عبارة (منظمات المجتمع المدني) أتحسس مسدسي لا لسبب إلا لأن كثيراً منها يوظف من قبل السفارات الغربية وصناديق الأمم المتحدة والمنظمات الأممية في مقابل (الكاش الذي يقلل النقاش) لتحقيق أجندتها الثقافية التي تهدف إلى إدراج المجتمعات الإسلامية في نمط الحياة والأطر والمفاهيم الثقافية الغربية.

إحدى الصحف نشرت خبراً يقطع نياط القلب ويفري الكبد عن اجتماعات واحتجاجات وصياح من بعض المنظمات التي تطالب بتعديل قانون الأحوال الشخصية بحيث تعتبر الفتاة التي لم تبلغ سن 18 عاماً طفلة قاصر، والأدهى والأمر أنها تطالب كذلك بإبعاد الشرع عن هذه القضية التزاماً بالمعايير الدولية!

قلت لمحدثي والغيظ قد بلغ مني أقصاه إن هذا يعني أن نحيل جامعاتنا إلى رياض أطفال تضم قاصرين وقاصرات، ذلك أن الطالب والطالبة يدخلون الجامعة في سن السادسة عشر والسابعة عشر من أعمارهم!

يا سبحان الله ! (وبعدين).. ماذا نفعل لمواجهة هذه الموجة والتيار الجارف من السوس الذي ينخر في مجتعنا ويسعى إلى انتزاع الروح من أجسادنا وإلى إخضاعنا إلى عملية استلاب ثقافي وحضاري كامل يعمل على إحالتنا إلى شعب آخر فاقداً لخصوصيته الثقافية والحضارية؟!

قبل يومين كتبت عن موظفة السفارة الأمريكية التي جلست بين يديها اثنتان من أهم لجاننا البرلمانية لتقدما لها فروض الولاء والطاعة وتعدانها بالاستجابة لأوامرها حول إلغاء إو تعديل قانون النظام العام بالرغم أن أمريكا نفسها تعمل ببعض مطلوباته، واليوم يلطم بعض المستلبين ثقافياً والغرباء عن نبض أمتهم الخدود ويشقون الجيوب صراخاً وعويلاً في سبيل إلغاء المادة (152) من القانون الجنائي الخاصة بالزي الفاضح، وكذلك إلغاء قانون الأحوال الشخصية لسنة 1991 بما يمنع زواج البنات قبل سن الثامنة عشر واعتبار من لم يبلغ تلك السن طفلاً قاصراً !

منظمات المجتمع المدني التي نحن بصددها الآن والمتخصصة في تغريب المجتمع السوداني استنجدت بلجنة تابعة للجامعة العربية تسمى لجنة حقوق الإنسان وأنشأت معها تحالفاً سموه (التحالف العربي من أجل السودان) حيث توافق (التعيس وخايب الرجا) لإنفاذ أجندتهم الشريرة في السودان باعتباره (الحيطة القصيرة) التي لا تجرؤ الجامعة العربية على التطاول على غيرها من الدول ..فبالله عليكم هل تستطيع الجامعة العربية أن تحشر أنفها في قوانين المملكة العربية السعودية أو دول الخليج أو غيرها؟!

إنها (الحقارة) بالسودان التي تجعل كل من هب ودب يتدخل في شؤونه كما فعلت موظفة السفارة الأمريكية وهي تحاضر وتأمر وتوجه برلمانيينا المساكين قبل يومين؟!

أغرب مافي الأمر أن من يطالبون باعتبار من هم دون سن الثامنة عشر أطفالاً قصر لفتوا أنظارنا إلى أن هناك تعارضاً بين قانون الطفل الذي يقولون – ويا للهول -إنه حدد عمر الطفل بأنه (من لم يبلغ سن الـ 18 عاما وقانون الأحوال الشخصية الذي حدد الأمر بالبلوغ !

إن كان ما قيل عن قانون الطفل صحيحاً فإنها خطيئة كبرى تتعارض مع شرع الله تعالى وينبغي أن تُعالج بأسرع ما يمكن وهذه رسالة للأخ وزير العدل د.عوض الحسن النور .

أعجب من هؤلاء المتطاولين الذين ينسون أن الله تعالى خالق الناس هو الذي عدد مراحل نمو الإنسان وحدّد بدء مسؤوليته الشرعية عن أفعاله ببداية مرحلة البلوغ التي يحدث عندها تغيير جسدي ونفسي يلزمه رب العزة سبحانه لحظة بلوغها بالتكليف الشرعي الذي يحاسب بموجبه عن أفعاله وأقواله.

الفتاة يا هؤلاء تصبح مسؤولة أمام الله تعالى لحظة بلوغها وفي تلك اللحظة تصبح مهيأة لأن تكون أماً، وهذا واضح وجلي حتى في عالم الحيوان وليت هؤلاء يجيبون عن السؤال ..كم هي نسبة العذارى في المجتمعات الأوربية بين الفتيات اللائي لم يبلغن الثامنة عشر ؟! لا أملك إحصائيات لكني،وقد عشت في أوروبا ،أكاد أجزم أنها محدودة للغاية.

ليت هؤلاء المستلبين ثقافياً يستفتون الأطباء عن أعلى سنوات الخصوبة لدى النساء وسيجيبونهم بأنها دون الثامنة عشر وهكذا عاشت أمهاتنا وجداتنا ولولا الأجندة السياسية التي تجعل أوروبا تصر على أن تسيّر العالم وفق نمط حياتها وأطرها الثقافية والحضارية ، رغم دعاوى التعددية الثقافية ومزاعم الديمقراطية التي يتشدقون بها ، لاعترفت بخطل حياتها الاجتماعية التي ابتعدت عن منهج الله رب العالمين وعن نواميسه وشرائعه.

ثمة سؤال أرجو الإجابة عنه .. هل يعتبر لاعب كرة القدم الشهير ميسي طفلا قاصراً وقد احترف في الأندية الأوربية وغيرها وهو في السادسة عشر من عمره؟ هل من احترف في مختلف ضروب الرياضة قبل بلوغهم تلك السن يعتبرون أطفالاً قصر أم أن الأمر يتعلق بالنساء لا الرجال لشيء في نفوس من يسعون إلى طمس هويتنا الحضارية وتقليل مواليدنا من خلال فرض تلك الأنماط السلوكية المنحطة؟!

أعجب لماذا تسود قيم الغرب وتفرض بل وتخدم من خلال المنظمات الدولية على العالم أجمع وهل نتوقع أن تنجلي المعركة بعد أن نقبل بما يسعون إلى فرضه علينا أم تسعى المنظمات المشبوهة إلى فرض بقية الانحرافات السلوكية التي أفرزتها اختلالات الحضارة الغربية المحاربة للهدي الرباني بما في ذلك زواج المثليين وانهيار الأسرة وغير ذلك من الوسخ الذي تتصف به حضارتهم الحيوانية الشاردة عن الله تعالى؟!

يجدر بي أن أذكر بأن التحالف العربي من أجل السودان يضم (مجلس كنائس السودان الجديد والشبكة السودانية لحقوق الإنسان وشبكة حقوق لرصد الانتهاكات)، ودعونا فقط نتأمل في مجلس كنائس السودان الجديد الذي بلغت به الجرأة في زمن هواننا على الناس درجة أن يهاجم مع (جوقة) المستلبين ثقافيا ويطالب بإلغاء قوانين الأحوال الشخصية.. ثم تأملوا في عبارة السودان الجديد ..ألا تذكركم بسودان قرنق وباقان وعرمان وعقار؟!


تعليق واحد