نور الدين مدني

أترككم لقراءة “الرجل الخراب”


*نبه كاتب الرواية القراء إلى أن روايته تحكي عن أشخاص حقيقيين وآخرين من نسج خياله‘ لكنني ظللت طوال متابعتي لمجريات الأحداث فيها أقارن بينها وبين ما يجري لبعض السودانيين في دول الشتات وما يعانونه من صراع بين الواقع الذي أصبحوا جزءًا منه وبين قيمهم وإرثهم العقدي والمجتمعي.

*بطل الرواية والراوي نفسه‘ ولن أشغلكم في محاولة الربط بين الكاتب والراوي الذي تعمد في خواتيم الرواية أن يتركنا مع أبطالها ليحيرنا أكثر في حقيقة ما جرى للبطل الذي مات بذات الطريقة التي حاول بها التخلص من خطيب ابنته.

*بطل الرواية هو حسن درويش جلال الدين الصيدلاني الذي غير اسمه في النمسا إلى هاينرس لكنه ظل رهين محبسه القيمي والمجتمعي‘ وعندما ضرب ابنته على خدها اشتكته أمها للشرطة الذين جاءوا وأخذوه للحبس وتقرر حرمانه من الاقتراب من أسرته لحين إشعار آخر.

*منذ ذلك الوقت أصبح البطل يخاف من ردود فعل زوجته وابنته بعد أن عرف أن أولوية الحماية “هنا”للأطفال والنساء والكلاب والقطط ثم الرجال‘ ليس هذا فحسب فقد عمل في بداية حياته هنا “مخرياً للكلاب”.

*لن أحكي لكم تفاصيل رحلة درويش من بلده إلى النسما في رفقة ” الخنازير” والمغامرات التي تعرض لها ‘ وانتقل بكم بسرعة في محطات حياته هنا إلى أن ماتت لوريا شولز التي كان يعمل معها مخرياً لكلابها‘ فتركت له البيت والكلاب معا.

*مرة أخرى لن أشغلكم بتفاصيل اللقاء الذي تم بين درويش وابنة مخدمته الراحلة – نورا شولز – التي جاءت لزيارة أمها المريضة‘ لكن الأم ماتت بعد يومين من وصول ابنتها ليدخل درويش في مرحلة جديدة من حياته هنا.

*باختصار وجد دريش نفسه مضطراً للزواج من ابنة مخدمته النمساوية التي طلبت منه الزواج كي يتمكن من الحصول على الجنسية النمساوية‘ وبالطبع نسي “حبيبته” التي كانت تنتظره في البلد كي يحضر ويأخذها إلى هنا .. وتزوج النمساوية زواجاً مصلحياً على حساب حبه وحبيبته.

*لاأدري متى وكيف أنجب منها بنتاً – رغم ماعرفناه منذ بدء الرواية – هي ميمي‘ وكان يريد أن يهرب بها من جحيم الفساد الأخلاقي والقيمي الأوروبي‘ على حد تعبير كاتب رواية “الرجل الخراب” عبدالعزيز بركة ساكن الذي قصد في خواتيم روايته أن يترك أبطالها ينهونها بطريقة مأساوية.

*دفع درويش “توني” خطيب ابنته من أعلى حافة جبل فسقط على شجرة أنقذت حياته‘ فدفعته زوجته من ذات القمة فهبط إلى الأرض ميتاً‘ وتركنا ساكن لزوجة البطل وأسئلتها المحيرة وهي تقول : إذا كنت دفعته فلست التي قتلته …لوصبرت قليلاً لألقى علينا تحية الوداع ومضى لحتفه.

* وبعد .. أترككم لقراءة رواية ” الرجل الخراب” لتحكموا عليها بأنفسكم.