الصادق الرزيقي

مع التشاديين في هيئة الموانئ


> ظلت معلومات كثيرة عن مؤسسات وهيئات وطنية غائبة عن الرأي العام السوداني، ولا تطلع وسائل الإعلام بشكل كاف عليها، من بينها هيئة الموانئ البحرية التي زرناها أول أمس ومعنا وفد كريم من اتحاد الصحافيين التشاديين الذي يزور البلاد هذه الأيام بدعوة من الاتحاد العام للصحافيين السودانيين.
> زيارتنا كقيادتي الاتحادين لولاية البحر الأحمر ومدينة بورتسودان غرضها إطلاع الوفد الصحفي من الجارة تشاد على التطورات الكبيرة والتحديث الهائل في هيئة الموانئ البحرية السودانية ودورها الذي تلعبه كمنفذ للعالم الخارجي للسودان والدولة المغلقة في جواره، وهي إثيوبيا وجنوب السودان وإفريقيا الوسطى وتشاد، ونظراً لوجود اتفاقيات اقتصادية وتعاون بين الحكومتين السودانية والتشادية، فإن الاهتمام الصحفي التشادي بزيارة بورتسودان والجلوس إلى الدكتور جلال محمد أحمد شلية المدير العام لهيئة الموانئ البحرية كان يمثل أولوية وأهمية كبيرة للزملاء والإخوة من تشاد.
> ولكم كانت مفاجأة لنا نحن كصحافيين سودانيين عدم إلمامنا الكامل بهذه الهيئة وما ترفده للخزينة العامة من إيرادات ووجودها المركزي الحيوي في تحريك عجلة الاقتصاد السوداني، فعمر هذه الهيئة أكثر من مائة وعشرة أعوام، وتعتبر من أكبر وأضخم المؤسسات في الدولة وأعظمها تأثيراً في التجارة وتبادلاتها، وربما يمكن القول إنها العمود الفقري للاقتصاد وحركة الوارد والصادر، ومرت هذه الهيئة منذ تأسيسها في عام 1905م وحتى اليوم بمراحل مختلفة في بنيتها وهياكلها ونمط عملها، وليس من جدال في أنها اليوم تعد من أكبر الهيئات البحرية في المنطقة وأعرقها، وتتخذ من النظم والوسائل والضوابط والقواعد الإدارية والفنية التي تجعل منها الأنموذج الأكثر استقراراً والأثمر في محيطنا القاري وفي منطقتنا العربية، ويمكنها اذا وجدت الاهتمام الكافي خلال الحقب الوطنية السابقة أن تكون واحدة من انجح هيئات الموانئ في العالم التي تعتمد على قدراتها الذاتية والقدرات الذهنية والكفاءات الوطنية في التطوير والتحديث.
> وبرغم تأثير العقوبات الاحادية الامريكية الظالمة على بلادنا وما فعله الحصار الاقتصادي والتضييق، قفزت الهيئة قفزات واسعة للأمام وواجهت التحدي والصعوبات في نجاح منقطع النظير، واستطاعت توسيع الموانئ والمرابط والأرصفة وإدخال احدث النظم، وتواصلت مع نظيراتها في العالم وحافظت على علاقات تاريخية قديمة في الفضاء الدولي الفسيح في مجال الموانئ والتبادلات التجارية والملاحة الدولية في المحيطات والبحار، بل اكتسب ميناء بورتسودان بحكم موقعه المهم في البحر الاحمر موقعاً متميزاً لا تخطئه عين، خاصة اذا نظرنا لما يحدث في المجال الاقليمي والدولي وخروج موانئ كثيرة على البحر الأحمر وباب المندب من دائرة الخدمة الآمنة التي تقدم للملاحة الدولية.
> وبرغم مواجهة الهيئة أوضاعاً ضاغطة في الداخل الا انها اليوم تعيش تعافياً جديداً ونهوضاً ضخماً، وتجاوزت الأفكار غير المنتجة التي كانت تدعو لخصخصتها، ورغم ان ايراداتها تذهب مباشرة لخزينة وزارة المالية الاتحادية باعتبار الهيئة احد اكبر المواعيين الايرادية، فإن ما شهدناه من اعمال وافق مفتوح على توسيع الهيئة وموانئها وانفتاحها على العالم الخارجي، يؤكد أن هيئاتنا الوطنية تستطيع ان تحقق المطلوب منها واكثر، ولها مقدرة على تحقيق معدلات كبيرة في النمو الذاتي.
> ونعود للإخوة التشاديين الذين كانوا معنا، فاهتمام قيادة بلدهم خاصة الرئيس ادريس ديبي ورئيس الوزراء الذي يتابع زيارتهم لحظة بلحظة، يدل على أن تشاد باتت تعتمد على ميناء بورتسودان في استيرادها كل احتياجاتها الضرورية والنشاطات التجارية، وعندما زرنا الميناء الجنوبي للحاويات وجدنا حاويات بالعشرات تم تخليصها وشحنها بالشاحنات في طريقها في رحلة عبر ولايات السودان المختلفة الى داخل تشاد، ووقفوا معنا على حجم العمل، فتوجد عدة مكاتب تخليص تعمل لصالح البضائع والواردات التشادية، ووقع اتحاد الصحافيين التشاديين مذكرة تفاهم مع الهيئة في اطار مبادرة للصحافة ووسائل الإعلام التشادية لتشجيع الشركات ورجال الأعمال والغرف التجارية في تشاد للعمل عبر ميناء بورتسودان في الصادر والوارد.
> ومن المعلوم أن تشاد حسب تقارير اقتصادية في دول وسط وغرب إفريقيا، قد قلت وارداتها وصادراتها عبر موانئ الكميرون ونيجيريا على المحيط الاطلسي للظروف الأمنية في المنطقة، خاصة نشاطات جماعة بوكو حرام والحرب المفتوحة عليها هناك، وتتجه الأنظار في الجارة تشاد للانفتاح شرقاً عبر ميناء بورتسودان في هذا الصدد، وسيتم تبادل زيارات بين وفود من هيئة الموانئ البحرية ورجال المال والأعمال والغرف التجارية في تشاد عبر مبادرة اتحاد الصحافيين التشاديين التي يدعمها بقوة اتحاد الصحافيين السودانيين لانتظام هذا العمل الاقتصادي وتبادل المنافع والمصالح بين البلدين والشعبين الشقيقين، وواجب الصحافة مساندة ودعم هذا الجهد والتواصل.