جمال علي حسن

تعويضات الجريف.. وعد الوالي في المحك


منذ سنوات لا تكاد تسمع بتظاهرة احتجاجية في الخرطوم أو في أية مدينة من مدن السودان إلا وتكون تلك التظاهرة محددة المطالب والأسباب، حتى تظاهرات طلاب الجامعات واعتصاماتهم صارت تحدث في معظم الأحيان لأسباب خاصة بهم، أو قضية من قضايا الوسط الطلابي نفسه .
وهذا يعني أن التظاهرات ذات الشعارات القومية المفتوحة والسقف العالي، سقف القضايا الكلية أو الشعارات والمطالب السياسية، مطالب القوى المعارضة التي تدور حول السلطة والثروة والديمقراطية وتوجهات الدولة وسياساتها الاقتصادية أو غيرها من القضايا القومية الأخرى، لا يكاد يكون لها أي وجود، باستثناء احتجاجات سبتمبر قبل عامين بعد رفع الدعم عن الوقود .
وحين يتجاوب المسؤول المعني مع مثل هذه الاعتصامات الشعبية المحددة المطالب بغض النظر عن أسلوبها والتزامها بالسلمية، حين يفعل المسؤول ذلك ويقوم بتقديم وعود بحل القضية المحددة تنتهي هذه المظاهر ويعود المواطنون إلى بيوتهم يترقبون تنفيذ الوعد والحل المتفق عليه.
وهذا بالضبط هو الذي حدث في الخرطوم في شهر يونيو الماضي في احتجاجات أهالي الجريف شرق وما تبعتها من أحداث مؤسفة لقي فيها مواطن مصرعه وأصيب آخرون في مواجهات بين الشرطة والمحتجين الذين كانوا قد دخلوا في اعتصام مفتوح داخل منطقتهم استمر زهاء الأربعة أشهر احتجاجاً على توزيع الحكومة أجزاء من أراضي المواطنين هناك كمخططات سكنية .
احتجاجات أهالي الجريف الشرق كانت قد نالت إقراراً بشرعية مطالبها بعد زيارة والي الخرطوم عبد الرحيم محمد حسين للمنطقة ووقوفه على تداعيات القضية واجتماعه بأعيان المنطقة والأهم من ذلك تعهد الوالي للأهالي بحل المشكلة بشكل مرضٍ حسب صيغة الوعد الذي قطعه معهم والذي عاد بموجبه الأهالي إلى بيوتهم وظلوا يترقبون تنفيذ هذا الوعد، قبل أن يعلنوا من جديد أمس عزمهم العودة للاحتجاجات حيث لم يتحقق لهم أي حل ولم تف الولاية بتعهداتها بحجة أنه لا توجد الآن خطط إسكانية حتى يتم منحهم إياها.
هل تعشق الحكومة إقحام نفسها دائماً في مواقف معقدة ثم لا يستقيم مزاج الحل عندها إلا حين تزداد الأمور تعقيداً..؟
طالما أنكم تقرون بتعدي الحكومة على أراضي هؤلاء الأهالي فلماذا التطويل والمماطلة وتضييع الوقت والتسبب في إثارة توترات لا داعي لها..؟
الولاية تقول للأهالي ليس لدينا خطط إسكانية الآن وكأن الخطط الإسكانية التي تقرها الحكومة هي خطط لمدن متكاملة تقوم فعلاً بتخطيطها ودراسة كنتورها و(تزبيط) الخدمات فيها قبل أن تعلن عنها وتسلمها للناس .
أليست الخطط الإسكانية تلك هي الخطط التي نشاهدها بأعيننا ونشهد على فقر التخطيط فيها وغياب الخدمات عنها..؟
ما المشكلة إذن في تحديد مساحات تعويضية بديلة مرضية لهؤلاء غداً طالما أن هناك إقرارا رسميا فعليا وقوليا بحقهم وإقرارا بتعدي الحكومة على أراضيهم..؟
لماذا الانتظار؟ وحتى لو لم تكن هناك خطط إسكانية فمن الممكن أن يصدر الوالي قراراً استثنائياً بخصوص تعويضات أهالي الجريف فهم أصحاب حق لماذا ينتظرون وماذا ينتظرون هل ستمنحهم الحكومة مدنا جاهزة أو مخططات مكتملة الخدمات أم هي مجرد أراضٍ تذبح الحكومة عقيقتها وتختار لها من معجم أسماء المدن والأحياء أحد تلك الأسماء الرنانة؟ ..
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين