عبد الجليل سليمان

من قتل الأزهري؟ اسألوا قوت


تتناسل الأحزاب والكيانات السياسية السودانية على نحوٍ يقتضي وضع سياسات وخطط وإستراتيجيات للحد من إنجاب المزيد منها، كونها لا تجلب إلاّ الخراب ولا تُقدِّم للمواطن والوطن إلاّ السراب واليباب والوعود الكِذاب، وهكذا يمكننا الاستطراد في السجع حد الوجع، لكننا نكف ونمسك حتى نأتي على ما يسمى بالقوى الوطنية للتغيير التي تُعرف اختصاراً بـ(قوت)، حيث إنها (نبتت) فجأة في فجاج الساحة السياسية، فلم يلتفت إليها أحد وكأنها لم تكن، وبغتة انتصبت واستطالت منتهزة سانحة الحوار الذي في أديس أبابا، فبدت وكأنها (طُحلب) يريد أن يتسامى نخلة سامقة. وإلاّ ما الذي يدفع (قوت) التي يقودها عضوان سابقان في الحزب الحاكم هما (حامد تورين وفرح عقار)، إلى كل هذا الكد واللهث الذي يصل حد تلاحق الأنفاس صعوداً وهبوطاً من أجل الانضمام إلى قوى الإجماع الوطني ونداء السودان (المعارضة)، وهي، أي (قوت)، في واقع الأمر، ورغم رأينا في المعارضة بوضعها الراهن، غير مؤهلة للالتحاق بها، فهي أقرب إلى قوى الإئتلاف الحكومي حد أنها تكاد تكون جزءاً من المؤتمر الوطني، فرئيسها (تورين) كان وزير للتربية والتعليم وظل مسانداً لمذكرة العشرة التي أطاحت بالترابي، بل هو صاحب الاقتراح الشهير بتأسيس حزب سياسي جديد (حينها) باسم (الإنقاذ) بزعامة البشير ليكون بديلاً لحزب المؤتمر الوطني، معتبراً أن ذلك كفيلاً بوضع حد للصراع بين البشير والترابي. أما (فرح عقار) والذي كان أحد قياديي الحزب الحاكم ومرشحه السابق إلى منصب والي النيل الأزرق فقد تم فصله بسبب ما اعتُبر حينها خروجاً عن المبادئ الأساسية للحزب الحاكم.
الرجلان كانا في قمة السلطتين التنفيذية والحزبية للوطني وائتلافه، فماذا يريدان من نداء السودان وقوى الإجماع الوطني، حتى يأتي أمين العلاقات الخارجية في (قوت) بأقدار مهولة من الهذيان والتوتر، حيث اتهم عبر للزميلة (السياسي) الحزب الشيوعي وفاروق أبو عيسى بأنهما يمثلان عقبة أمام (توسعة) نداء السودان، بحصر آليات الحوار مع المؤتمر الوطني في اللقاء التحضيري (المُزمع) على قوى النداء فقط.
لربما رفض قوى الإجماع الوطني (توسعة) النداء، بحسب ما قال (عمر عثمان) أمين العلاقات الخارجية بـ(قوت)، بحيث تستوعب (حزبه) ويشارك في المفاوضات مع الحكومة ضمن وفد المعارضة، هي التي أهاجت وأججت مشاعر (قوت) الرقيقة إلى حد هاج وماج واضطرب فتوعد (أبو عيسى) بحرب شعواء لاهوادة فيها ولا نهاية لها، أطلق عليها (الدق على الرؤوس)، مشيراً إلى أنهم سيفتحون ملف اغتيال (إسماعيل الأزهري) أول رئيس وزراء سوداني، وفي هذا السياق فإن ثمة إشارة واضحة إلى (أبو عيسى) بأن له علاقة ما بما كُشف عن الرجل، ولم نكن نعلم به، وهو أن الأزهري اغتيل وأن قتلته لا يزالون على قيد الحياة، وأن بحوزة (قوت) ملفاً يثبت أغتيال الأزهري ويحوي على أسماء من شاركوا في اغتياله، وهذا ما لا يجب على أسرة الأزهري والحكومة ممثلة في النائب العام السكوت عليه وتمريره، ينبغي استدعاء الرجل والتحري معه، ونزع الملف منه وتقديم (قتلة) الزعيم الأزهري إلى المحاكمة، وإلا فإن من ادعى بذلك ينبغي أن يحاكم هو، كونه يثير البلبلة والفتن والقلاقل ويهدد الأمن القومي والاجتماعي في هذه الظروف الحرجة التي تمر بها البلاد.