تحقيقات وتقارير

يتعرضون لتضييق معلن من المؤتمر الوطني النواب المستقلون.. المغضوب عليهم تحت قبة البرلمان


صباح الخير: 18 نائباً مستقلاً يتعرضون لاستهداف ممنهج
عفاف تاور: اتهامات المستقلين مردودة عليهم ولا نخوض معهم حرباً خفية أو معلنة
مبارك النور: هناك تمييز سلبي ضد المستقلين والرئيس يمنحنا دقائق قليلة للحديث في حين أنه يسمح لنواب الوطني بالإسهاب

“نتعرض لحرب معلنة من المؤتمر الوطني داخل البرلمان”.. هكذا جهر نواب مستقلون بالهيئة التشريعية القومية، ويدفعون بعدد من الشواهد التي تعضد اتهامهم المصوب ناحية حزب يدمغ دوماً بمحاربة الرأي الموجه ضده بصرف النظر عن المنصات التي ينطلق منها، والنواب المستقلون بالبرلمان القومي البالغ عددهم ثمانية عشر يمثلون ثلث الناخبين الذين شاركوا في الانتخابات الأخيرة، وانضموا الى البرلمان من ثلاث عشرة ولاية، هم يؤكدون أنهم يتعرضون لحرب من المؤتمر الوطني الذي بدوره ينفي هذا الاتهام جملة وتفصيلاً، ويؤكد أنه وقياساً على عدد من الحقائق أنه مردود عليهم.

استهداف واضح
لمعرفة تفاصيل الاتهام الموجه من قبل المستقلين ناحية الحزب الحاكم، يشير العضو المستقل البروفسير أحمد صباح الخير الى أن كتلة المستقلين في البرلمان يبلغ عددها ثمانية عشر عضوًا تم انتخابهم في الانتخابات الماضية من قبل المواطنين في ثلاث عشرة ولاية، وقال في حديث لـ(الصيحة) إنهم جاءوا من اتجاهات فكرية مختلفة وخرجوا من الأحزاب التي كانوا ينتسبون إليها بسبب الظلم وعدم العدالة وغياب المؤسسية، وأردف: “ليس من بيننا غواصة للمؤتمر الوطني أو حزب آخر”، ويكشف عن تعرضهم لحرب حقيقية وشرسة عقب خروجهم من أحزابهم إلا أنهم تمسكوا بقناعاتهم وموضوعية خروجهم، وقال: أنا كنت قيادياً في المؤتمر الوطني، وقد خرجت نتيجة للظلم وعدم المؤسسية والتهميش الذي تتعرض له مناطقنا وهو أمر لم نستطع السكوت عليه وتحمله، وأن هذا دفعهم للترشح من مقاعد المستقلين.

ويشير إلى أنهم وبعد دخولهم البرلمان عقدوا عددا من الاجتماعات طرحوا من خلالها ورقة إطارية للكتلة حوت الأفكار والأهداف وما يريد المستقلون عمله بالإضافة الى الطموحات وسقوفاتها، وأكد أن الحرب عليهم بدأت قبل بداية جلسات البرلمان وذلك بمحاولة المؤتمر الوطني اختراق اجتماعاتهم حيث سرب مداولاتها الى الصحف وذلك لضرب الكتلة، ولفت الى أنهم رغم ذلك واصلوا مساعيهم الرامية لتوحدهم تحت مظلة تخصهم وعلى إثر ذلك رسموا خارطة طريق واضحة المعالم حتى يتمكنوا من الحصول على تصديق للكتلة بصورة رسمية من البرلمان، ولكن يقول البروفسير إن جهودهم ذهبت أدراج الرياح بداعي تعنت كتلة المؤتمر الوطني، وقال إنهم وفي سبيل تحقيق هدفهم جلسوا الى رئيس كلتة المؤتمر الوطني الذي رفض، إلا أن رئيس البرلمان اقترح إجراء تعديل على اللائحة، إلا أن أعضاء المؤتمر الوطني كانوا “متعصبين” الى أبعد الحدود وصوتوا ضد وجود كلتة للمستقلين، وأضاف: حينما رفضوا منحنا كتلة طرحنا عليهم سؤالاً لم يجدوا له إجابة وقلنا لهم: هل توجد انتخابات في العالم يتنازل خلالها حزب عن دوائر لأحزاب أخرى، وقلنا لهم بذات الفهم كان يجب منح المستقلين كتلة، ويشير الى أن المستقلين تم إبعادهم عن رئاسة وعضوية لجان البرلمان.

لعب على المكشوف
ويضيف البروفسير أحمد صباح الخير: وهنا أشير إلى أن أعضاء من كتلة الوطني صرحوا أمامنا أن المستقلين خطر على الأمن الوطني، إلا أنهم تراجعوا عن هذا الحديث وأكدوا أن المستقلين يشكلون خطراً على المؤتمر الوطني، وقال أحدهم لنا “في الانتخابات الماضية دخل 18 عضواً مستقلاً البرلمان ونخشى أن يصبح العدد في الانتخابات القادمة 180 مستقلاً”، وأشار الى أن كل محاولات المؤتمر الوطني لتقسيم مجموعتهم وتفتيتها باءت بالفشل، وذلك لأن خدمة المواطنين بتجرد هدف يجمع بينهم، مؤكداً أنهم لن يقفوا مكتوفي الأيدي لخدمة المواطنين الذين انتخبوهم، وقال إنهم أصحاب علاقات واسعة مع المنظمات غيرها وسيتواصلون معها من أجل تقديم خدمات للمناطق التي ينحدرون منها، وقطع بعدم صمتهم تحت قبة البرلمان رغم التضييق الذي يتعرضون له.

عداء صريح
ويقول العضو المستقل مبارك النور إن المستقلين ومنذ بداية فترتهم الأولى في البرلمان عقدوا عددا من الاجتماعات التي تواثقوا وتعاهدوا خلالها على توحيد برنامجهم والدفاع عن قضاياهم باتفاق وتكتل، وكشف في حديث لـ(الصيحة) عن تشابه قضاياهم بالإضافة الى أن كل المستقلين قادمون من الهامش، وأكد أن مناصبة المؤتمر الوطني العداء للمستقلين يعود بشكل مباشر الى فوزهم الحقيقي في الانتخابات الذي جاء كما يشير بعيدًا عن شراء الأصوات، ومال الدولة والإعلام بل بالإرادة الحقيقية للمواطنين الذين منحوهم أصواتهم حسبما قال مبارك النور عن قناعة ورضا، وقطع بأن المستقلين في البرلمان هم الممثلون الحقيقيون للشعب، وأضاف: حينما انضممنا إلى البرلمان سعينا لعمل كتلة كشيء طبيعي وهي لم تكن موجودة في لائحة البرلمان لعدم وجود مستقلين من قبل، وعلى هذا الأساس خاطبنا رئيس البرلمان وطلبنا منه تعديل اللائحة لاستيعاب كتلة المستقلين ووافق، وأضاف: وبالفعل حضرنا اجتماع اللجنة المنوط بها تعديل اللائحة إلا أننا تفاجأنا بتكتل أعضاء المؤتمر الوطني الذين رفضوا تمرير التعديل وصوتوا ضده، بل إن أحد نواب الحزب الحاكم قال إن المستقلين يمثلون تهديدًا حقيقيًا للأمن القومي، والحقيقة أن المستقلين يهددون المؤتمر الوطني والأحزاب لأنها بلا برامج، وأكد أنهم ثالث كتلة في البرلمان، ولفت الى أنهم تجاوزوا محطة رفض المصادقة لهم بكتلة وباتوا أكثر تنسيقاً وتفاهماً.

مضايقات
وكشف مبارك النور عن مضايقات يتعرضون لها من قبل كتلة المؤتمر الوطني وقيادات البرلمان تتمثل في تهميشهم وإقصائهم عن السفر خارج السودان رغم عدم حرصهم عليه ـ كما أكد ـ وقال: السفر تبديد لأموال الشعب ليس إلا وللأسف وبدلاً من أن يطبق البرلمان سياسة التشقف في السفر فإنه لا يفعل ذلك، فالوفد الذي يغادر خارج السودان يضم في تكوينه ما لا يقل عن خسمة عشر عضواً وهذا بذخ ليس له مبرر أو مردود، كما أن الاختيار للسفر لا يتخطانا فقط، بل في كثير من الأحيان لا نعرفه إلا من الصحف، وبخلاف ذلك فإن الوفود البرلمانية التي تزور أوربا تذهب للفسحة والدليل على ذلك ان الوفد الذي سافر مؤخرًا الى جنيف تفرق على الدول الأوربية لزيارات خاصة وترك المهمة التي ذهب من أجلها وهذا وضح جلياً حينما ألقى وزير العدل كلمته حيث لم يجد عضوا من الوفد في الجلسة بخلاف عضو مستقل وهو دكتور عجبين، وأشار إلى أن رئاسة البرلمان تحرص من خلال المداولات على منح أعضاء المؤتمر الوطني فرصا زمنية طويلة للحديث دون أن تتم مقاطعتهم من قبل رئيس البرلمان وربما يتحدث أحدهم ثلث ساعة: وأردف” نحن نتحدث لدقيقيتن فقط فيتدخل رئيس الجلسة ويأمرنا بالتوقف عن الحديث”، ويعود هذا الى أن حديثنا لا يرضيهم، وأكد أنهم يجدون صعوبة بالغة في البرلمان بل إن أعضاء في كتلة المؤتمر الوطني يشيرون إلينا صراحة أننا نمثل أنفسنا.

زياة الوفد الأمريكي
وعن زيارة وفد الكونقرس الأمريكي قال مبارك النور إن رئاسة الجلسة رفضت منح المستقلين فرصا للحديث، وقال إنه تم تقسيمها لأعضاء كتلة المؤتمر الوطني والأحزاب الكرتونية التي تواليهم وتدور في فلكهم، حتى إن هناك أعضاء في أحزاب لم يعجب حديثهم رئاسة الجلسة فتمت مقاطعتهم، وقال إن مهدي إبراهيم تحدث لنصف ساعة متواصلة دون أن تتم مقاطعته، وأضاف: بخلاف حصوله على فرصة زمنية طويلة فإن رئيس كتلة المؤتمر الوطني تحدث باللغة الإنجليزية وهو أمر غريب لجهة أن هناك أعضاء لا يجيدون هذه اللغة، ولم تكن هناك ترجمة، ولماذا لم يتحدث باللغة العربية التي هي لغة الدولة الرسمية كما أن البرلمان يمثل رمزية للبلاد، وكان يجب على رئيس كتلة الوطني التحدث باللغة العربية وأن تتم الترجمة للوفد وذلك لأننا حينما تزور الوفود السودانية دولاً أوربية أو أمريكية او آسيوية فإن مضيفيهم لا يتحدثون لهم باللغة العربية، وقال إن التضييق الذي مورس عليهم في زيارة الوفد الأمريكي كان واضحاً والهدف منه إقصاء الرأي الآخر حتى لا يسمع الأمريكان الحقيقة كاملة.

الحوار الوطني
وعن عدم مشاركتهم في الحوار الوطني يؤكد مبارك النور هذه الحقيقة، ويقول إنهم حصلوا في الانتخابات الماضية على ثلث أصوات الناخبين ورغم ذلك تم اقصاؤهم عن الحوار، وأكد أنه لم يسبق ان تم الاتصال عليهم أو دعوتهم للمشاركة رغم مطالبتهم التي دفعوا بها إلى رئيس الجمهورية في هذا الخصوص عبر الإعلام ورئيس المجلس الوطني، ويقطع بأن أي حوار يتم إجراؤه دون إشراك المستقلين يعتبر ناقصًا لجهة أنهم يمثلون جزءاً كبيراً من الشعب، ولفت الى أن الحوار إذا إفضى الى حل المجلس الوطني فكيف سيتم التعامل معهم، وقال: المؤتمر الوطني وأحزابه المشاركة معه قد يوافقون ولكن لماذا يدفع المستقلون ثمن حوار لم يشاركوا في مخرجاته وأين سيذهبون، ورأى أن هذا جزءاً من التهميش الذي يتعرضون له، وأن حل مشاكل المستقلين تتمثل في منحهم كتلة تمتلك حق ابتدار وتوجيه التداول داخل قبة البرلمان، بالإضافة الى المشاركة في الحوار الوطني لقدرتهم على الاختراق كما يؤكد، معتبراً أنهم الوسيط الحقيقي لحل مشاكل السودان.

المؤتمر الوطني ينفي ويرفض

بالمقابل ترفض عضو كتلة المؤتمر الوطني بالبرلمان الدكتورة عفاف تاور اتهامات المستقلين، وتؤكد في حديث لـ(الصيحة) أن اتهاماتهم مردودة عليهم في بعض المواقف، وتجزم بعدم وجود حرب يتعرض لها المستقلون من قبل نواب الحزب الحاكم، وتستدل بنائيبها في رئاسة اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان ـ التي استقالت منها أخيراً ـ وهو العضو المستقل الدكتور عجبين، وتلفت الى أن إجراءات السفر إلى سويسرا تمت بعلمه، وكان من أعضاء الوفد الذي سافر الى جنيف ضمن وفد البرلمان، كاشفة عن أن اجتماعات اللجنة التي كانت تترأسها مع وزارة الخارجية لترتيب العمل كان أيضاً الدكتور عجبين من أعضائها، وقالت إن ذات العضو المستقل تم اختياره في المجلس الاستشاري ليمثل اللجنة، إلا أن عفاف تشير إلى أسباب احتجاجات الأعضاء المستقلين، وتشير الى أن زيارة الوفد الأمريكي للبرلمان هي السبب، وقالت إن اللجنة التي كونها البرلمان لتنسيق الزيارة كانت تضم أحد النواب المستقلين، وأضافت: أما حديثهم بعدم منحهم فرصا للحديث خلال مداولات البرلمان فهذا أيضاً غير صحيح ـ لأنكم كصحفيين ـ تعتبرون شهوداً على الفرص التي تمنحها لهم منصة الجلسات، رغم أن عددهم بسيط مقارنة بعدد أعضاء المؤتمر الوطني، وفيما يتعلق بالزيارات الخارجية وتكوين اللجان تؤكد أن البرلمان لم يبدأ بعد تكوين الوفود الخارجية بالطريقة المعروفة، وأضافت: رئيس البرلمان قال من قبل إنه في شهر أكتوبر “الماضي” ستكون هناك إجازة تتزامن معها سفريات خارجية، وسأل الأعضاء هل يتم الإبقاء على الوفود السابقة أم يحدث تغيير لاختيار الأعضاء بالتخصص، وقد وافق كل البرلمان على استمرار اللجان السابقة التي لم تكن تضم مستقلين لعدم وجودهم في الدورة البرلمانية السابقة، وتشير تاور الى أنها ورغم انضوائها تحت لواء كتلة المؤتمر الوطني إلا أنها نادرًا ما تحصل على فرص للحديث رغم طلبها وقالت إن هذا الأمر سلطة تقديرية لرئيس المنصة، وترى ان كل مستقل يشكل كتلة قائمة بذاتها، وأكدت أن العضو المستقل برطم كشف عن أنهم ليسوا حريصين على أن تكون للمستقلين كتلة لأنها تفقدهم الاستقلالية، وتقول إن اللائحة توضح أن الكتل للأحزاب، وتؤكد أن منح الفرص يتوقف على الموضوع المطروح، ولا ترى أن هناك داعياً لحساسية المستقلين.

رفض الاستقلالية
من ناحيته يرجع العضو المستقل صلاح أحمد النور عداء الحزب الحاكم للمستقلين إلى سبب واحد ويشير الى أنه يتمثل في أن المستقل ليس من ورائه جهة تنظيمية تؤثر على قراره وتفرض عليه أجندة محددة، وقال في حديث لـ(الصيحة) أن هذا الأمر منحهم استقلالية تامة داخل قبة البرلمان ساعدتهم في الحديث بحرية، وكشف المستور بتجرد للشارع السوداني، وأضاف: سلاح الحديث بشفافية يؤرق المؤتمر الوطني الذي لا يريد أن يلقي الأعضاء الضوء على الكثير من القضايا ويكشفون تفاصيلها للرأي العام، ونحن نسلك هذا المنهج لجهة لأننا لا نشارك في الجهاز التنفيذي وليست هناك جهة يمكن أن تخدم قضايا ناخبينا ولا نملك ما نقدمه ولا نجد أمامنا غير كشف الحقائق والطرق بقوة على كل مايضر الشعب السوداني، وهذا هو السبب المباشر الذي جعل الوطني يرفض باستماتة السماح بوجود كتلة برلمانية للمستقلين، ويؤكد النور إنه رغم ذلك يوجد تفاهم وتجانس بين النواب المستقلين الذين أكد أنهم ليس خصماً ولا إضافة للحزب الحاكم فإن أصلح يشيدون به وإن أخفق يحددون موضع الخلل وينتقدونه بجرأة، وقطع بأن جهرهم بالرأي لا يرضي كتلة المؤتمر الوطني التي تعمل كل ما في وسعها لإسكات صوت المستقلين الناقد والكاشف للاخفاقات، مؤكدًا أنهم لن يتوقفوا ويتراجعوا عن منهجهم، ونفى أن يكون كل الأعضاء المستقلين كانوا ينتمون للحزب الحاكم، وقال: إذا عندهم تصفيات حسابات مع “ناسهم” دي حاجة تخص، ولكن أعتقد أن مشكلة الحزب الحاكم الأكبر تتمثل في أنه يتخوف من بروز ظاهرة المستقلين التي حظيت بتجاوب من قبل الشعب السوداني، وأكد أن هذا يمثل هاجسًا حقيقياً للمؤتمر الوطني الذي يخشى تمدد الظاهرة وازدياد قبول الشعب للمستقلين، وأردف: أعتقد أن الشعب وصل مرحلة الاكتفاء والتشبع من الأحزاب ولم يعد يثق فيها كثيراً ويدرك أنها من أسباب تراجع البلاد الى الوراء، وأنه وصل الى قناعة راسخة مفادها أن الطريق الوحيد لإنقاذ البلاد من أزماتها الحالية التعويل على المستقلين.

تحقيق: صديق رمضان
صحيفة الصيحة