تحقيقات وتقارير

البروفيسور زاكي الدين احمد حسين: عالج ابنة امبراطور اليابان فكافأه بمستشفى ابن سينا


مصادفة وانا ارخي السمع كان جمع من جيل سبعيني يلتف حول جهاز هاتف سيار وهنالك من يقرأ سيرة احد اطباء السودان ويقول لسامعيه (هذا الطبيب يشع وطنية لماذا لم تكرمه الدولة في سلسلة حكوماتها السابقة والحالية) وقادني الفضول للسؤال عنه وانا ليس جهلا بالعظماء من اطباء بلدي فكان الرد انه الراحل البروفيسور زاكي الدين احمد حسين ابن كردفان الغرة وسيرة الرجل عامرة ومعروفة ليس على النطاق المحلي وانما العالمي واحد صروح المستشفيات في وطني تحمل في صفحة انجازها اسمه مرتبطا بفكرة قيامه وادارته وهو يستحق ان نجلسه في مقعد ظل السياسة فهو يستحق:

خريج كتشنر الطبية
نجد في قائمة خريجي كلية كتشنر الطبية الممتدة لكلية طب الخرطوم اسم زاكي الدين أحمد (نمرة 162) في الدفعة 24 التي تخرجت عام 1957م ورغم أنه كان يحمل نفس مؤهل أقرانه إلا أن الأساتذة البريطانيين رأوا فيه نبوغاً واستعداداً، لأن يقود تخصص الجراحة في السودان بعد تميزه في شهادة البكالوريوس
عرفه شعب السودان كجراح بارع، وعرفه الأطباء كما عرفته مهنة الطب بأنه مؤسس لجراحة الجهاز الهضمي، وأنه صاحب المبادرات في تطوير التخصصات الجراحية وإرساء قواعدها، ولعل أبرز ما قدمه للأمة السودانية تأسيس قسم للجهاز الهضمي في مستشفى الخرطوم بحري، الذي انتقل به إلى مستشفى الخرطوم قبل أن يؤسس مستشفى ابن سينا.
كان كبيراً في تعامله مع الأطباء، وتمتع باحترامهم وتقديرهم لما لمسوه منه من ترفعٍ عن الصغائر وسلوكٍ مهني راقٍ وأخلاقي عالٍ.
ناظر عموم الجراحة
عرفتُ الراحل زاكي اسس جمعية اختصاصيي الجهاز الهضمي السودانية واستقطب لها كل الاختصاصيين في مجالات أمراض الجهاز الهضمي من باطنيين وجراحين واستشاريي علم الأمراض والأشعة والعلوم الأساسية. وقد تأثرت شخصية الرجل بخلفية عائلته آل زاكي الدين، شيوخ قبيلة البديرية في شمال كردفان، فكان جده ثم والده ناظر عموم قبيلة البديرية؛ هيناً لطيفاً يسع الجميع، يُعمل الفكر ويحتضن الفرقاء في تسامح غريبٍ، ويحب الخير للزملاء في غير تنافس مَرَضي أو حسدٍ .
وهذا ما جاء على لسان الجراح التقي (ميرغني سنهوري في رثائه في المقابر، وميرغني سنهوري تخرج في كلية الطب أربعة أعوام بعد أن تخرج زاكي الدين)، قال: (كان هو أول مهنئ لي والفرحة قد غمرته بعد أن علم أني نجحت في الزمالة الملكية في علم الجراحة بأدنبره، ودعا مجموعة الأطباء السودانيين في حفل تكريم لي. وكان هذا دأبه مع من يتميز من أقرانه وكأنه يحس بأنه ناظر عموم علم الجراحة).
وقد حدا به هذا الشعور لجمع قبيلة الأطباء في مؤسسات وجمعيات، فقد أسس جمعية الجراحين التي بدأها بنادي الجراحة وكان ذلك عام 1962 ثم بنفس روح الابتكار أسس جمعية اختصاصيي الجهاز الهضمي. وكانت الفكرة رائعة والإخراج مبتكرا، إذ خرج بها من قاعات الجامعات إلى الفنادق الكبيرة والاجتماع مساءً على عشاء العمل، مما حدا بعدد كبير من الأختصاصيين الاستجابة للندوات والمحاضرات العلمية.
كانت الجمعية تجتمع صباح كل جمعة في منزله العامر بشارع الجمهورية في ضيافة أسرته ويدفع فاتورة فندق الهلتون، حيث يلتئم جمع الأطباء في الاجتماع الدوري الشهري من ماله الخاص،
، وظل كذلك لفترة طويلة والكرم تأثير قبلي على شخصية زاكي الدين، ظل زاكي الدين رئيساً لهذه الجمعية لسنين عددا، وترك رئاستها ليكون عضواً بعد أن أصبحت الجمعية الأولى بين رصيفاتها، وما زالت كذلك بجهدٍ مَنْ دربهم زاكي الدين.
كبويتا
حكى رحمه الله أنه بعد التخرج وقضاء فترة الامتياز أُرسل للعمل في كبويتا بجنوب السودان، وهي منطقة مشهورة بمرض ديدان الكلاب أو مرض التكيس العداري الذي يتطلب عمليات معقدة لإزالتها من الكبد والبريتون، مما أكسبه خبرة أفادته في تدريبه لاحقاً، وهنالك في كبويتا وصل إليه وبلا مقدمات تلغراف من البروفيسور جولين تيلور رئيس قسم الجراحة بكلية الطب، يطلب منه الحضور للخرطوم بعد اختياره لتخصص الجراحة في بريطانيا ، خاصة وأنه كان المتفوق في دفعته عند التخرج في الجامعة، واحتفظ بهذا التفوق حتى في بريطانيا عندما نال زمالة الكلية الملكية في الجراحة.
محطته المشرقة مستشفى ابن سينا التخصصي، فقد أشرف على العمل المعماري والاستشاري واختيار المعدات وحتى السور الخارجي حكى أنه قام بجولة في العاصمة ليضع تصوراً لشكل سور المستشفى، فلمح سور المجلس الوطني بأم درمان وأخذ منه الفكرة والتي طلب من اليابانيين تنفيذها.
وكان أول مدير للمستشفى، وما ميز إدارته للمستشفى أنه بعث بأعداد كبيرة من الاختصاصيين الشباب للتدريب في اليابان ضمن الاتفاقية التي أبرمها مع اليابانيين، وإذا كان هنالك من يستحق أن تُسمى منشأة باسمه لأنه ساهم في وجودها، لكان زاكي الدين أحق بأن تُسمى مستشفى ابن سينا باسمه، تخليداً للفكرة والتجرد والمثابرة وحب المهنة والوطن.
محنة المرض
بدأ عمله كجراح في جامعة الخرطوم ثم التحق بوزارة الصحة، ثم طلب من الجامعة أن تعيد تعيينه، فنظرت لجنة من مجلس الأساتذة في سجله الحافل بالعطاء تدريباً للناشئة وتميزاً مهنياً وعطاءً للوطن وتطويراً للمستشفيات، فرأت أن تمنحه درجة البروفيسور (أستاذية) عن جدارة، وما زادته درجة الأستاذية إلا مزيداً من العطاء.
أقعده المرض لأكثر من عام بعد أن كان نشطاً أكاديمياً واجتماعياً، وامتُحن بمرض منعه من البلع، ففقد نعمة الشرب والأكل، وأكثر ما كان يضايقه أن ذهنه متوقد وجسمه واهن، وصور الأمر وكأنه في سجن، وكان يقول (عندي ذخيرة من الإيمان ولولاه لانهارت قواي، ولكن الحمد لله).
لقد كان زاكي الدين ودوداً وفياً محباً لأسرته، وكان يحب أن يرى الدنيا بمنظار الجمال، ويسره أن يرى الحياة تنمو وتزدهر، ويسره أكثر أنه ساهم في هذا النمو والازدهار.
ومع تطور علم المناظير في نهاية السبعينات، رأى زاكي الدين – الذي لم ينقطع عن زيارة بريطانيا ضرورة أن يكون هنالك قسم متخصص في السودان يواكب ما شاهده في بريطانيا والحديث له أنه قابل وكيل وزارة الصحة حينها ولعله الدكتور عباس مختار.. قدم له دراسة مكتملة لإنشاء القسم. وكان زاكي الدين يتمتع باحترام غريب من زملائه، فتم إنشاء القسم مع صديقه الراحل أحمد نجيب في مستشفى بحري بعد أن وافقت الوزارة على ميزانية مفتوحة لإنشاء القسم.
صداقة ومحبة
قمة إنجازاته مستشفى ابن سينا، كانت فكرته من حجز الأرض التي يقوم عليها الآن وحتى التمويل الياباني وإنفاذ المشروع، بل وإدارته في فترة ذهبية حتى أصبح المستشفى الرقم الأول في الخدمة الطبية في مجال الجهاز الهضمي، باطني وجراحي. أكثر ما أفاد زاكي الدين سلوكه المتحضر، وثقافته الواسعة، وإتقانه للغة الإنجليزية (Black Englishman) واتصاله الدائم بالمملكة المتحدة التي كان يحبها ويلتزم بزيارتها وأسرته سنوياً. وقد احتفظ بصداقة غريبة مع الجراحين البريطانيين الذين عملوا في السودان، كجوليان تيلور والذين عاصرهم أثناء تدريبه بالمستشفيات البريطانية.
(إنه ولد)
وقد حكى زاكي الدين أن جوليان تيلور له علاقة أسرية مع أسرته، وعندما وضعت الدكتورة ستنا حسن إسحاق مولوده الأول (حسن)، كتب زاكي الدين لجوليان تيلور تلغرافا :
(إنه ولد)، ولم يزد، لمتابعة جوليان تيلور للحمل من بداياته وسؤاله الدائم عن حالة الأم وتشرب زاكي الدين الروح البريطانية تهذيباً وتمدناً، وبحبه للعلم وكان لا يخفي حبه لهم وقد أفادت علاقته هذه جمعاً غفيراً من أطباء الجراحة الذين أعانهم بالتدريب في بريطانيا.
قصة مستشفى
وكتبت د. هيا إبراهيم الجوهر قصة مستشفى ابن سينا وعلاقة د. زاكي الدين بها تقول: في منتصف السبعينات الميلادية صرخت امرأة يابانية من العاصمة السودانية بآهة من ألم في بطنها، وصل صدى صرختها اليابان، كيف لا وهي زوجة السفير الياباني في السودان وابنة إمبراطور اليابان
لذا استنجد زوجها بالخارجية اليابانية لمساعدته على إيجاد حل عاجل لحالتها، خصوصا مع ضعف الإمكانات هناك، فما كان منهم إلا أن وجّهوه إلى “مستشفى بحري”، وهو مستشفى متواضع يفتقر لأبسط المستلزمات الطبية، لكنه غني ببشر فاق طموحهم إمكانات البلد، انطلق السفير بزوجته حيث أُمر، وزاد رعبه رعباً حين رأى حال المستشفى، وطلب من الطبيب أن يسكن آلامها فقط حتى يتمكن من نقلها خارج السودان لعمل اللازم، ولكن الطبيب السوداني الشاب “زاكي الدين أحمد حسين” ردَّ عليه بكل هدوء وثقة بالنفس، رغم الوضع من حوله قائلاً: معذرة المرأة هذه بقى لها ساعتان، إما الجراحة أو الموت..
زاد ذلك من فزع السفير وحيرته، فهذه ابنة الإمبراطور، ولم يجد حلاً سوى أن يجعلها تقرر مصيرها، فقالت له والألم يعتصرها: أخضع للجراحة..
وقف السفير على باب غرفة العمليات المتواضعة منتظراً سماع نبأ وفاتها، ولكن تمر الساعات وتنتهي العملية والقلق يعتصر قلبه منتظراً سماع النبأ السيئ، وتكون المفاجأة وتخرج زوجته على قدميها بعد يومين من إجراء العملية، ليطير بها إلى أضخم وأفخم مستشفيات اليابان، وهناك أخضعوها والجراحة نفسها لفحوص واختبارات ليتأكدوا من سلامة ما حدث لها، وخرجوا والدهشة تعلو وجوههم والسؤال الذي على ألسنتهم: مَن أجرى لها العملية وأين أُجريت؟ فما حدث لها معجزة ..
فقال السفير: أُجريت لها في بلد اسمه السودان، وعلى يد الطبيب زاكي. فأصرّوا على دعوة الطبيب السوداني المعجزة للتعرُّف عليه، وما هي إلا فترة وجيزة ويُؤتى بالطبيب بناءً على دعوة شخصية من الإمبراطور نفسه، ليسأله: ماذا تتمنى؟ وهنا حدث ما لم يكن في الحسبان، وصنع الطبيب الشاب المعجزة الحقيقية، فلم يطلب مالاً ولا جاهاً ولا إقامة دائمة هناك كان حبه لوطنه وشعبه أكبر، فطلب إقامة مستشفى للسودان مستشفى حديث متطور يضاهي مستشفيات اليابان. وكان له ما أراد، فبعد تسع سنوات وفي بداية الثمانينات الميلادية ظهر على أرض السودان (مستشفى ابن سينا) بمعدات حديثة ومتطورة، وتعهد بتجديده كل عام من اليابان.
هكذا يتصرف العظماء، وحق علينا أن نذكره وندعو له بالرحمة، فقد تُوفي هذا الجرّاح الفذ تاركاً خلفه إرثاً عظيماً ودروساً لكل الأجيال العربية اليائسة، فعلمه وإيمانه بقدراته وتغليب حبه لشعبه ووطنه خلّدت ذكراه.. فرحمه الله رحمة واسعة.
كلية الطب
كان من أعظم الأساتذة بكلية الطب حيث كان عالما و حكيما، لا غرابة في شخص البرفيسور زاكي الدين إن إنطبق عليه نداء السودانيين للطبيب بالـ(حكيم) و كان باراً بوطنه أحب مرضاه و أحبوه و خدم بلاده في كل ربوعها بكل تجرد و نكران ذات.
العظامي والعصامي
وكتب الاستاذ محجوب عروة عن معرفة بالراحل في احد اعمدته الراتبة :ﻟﺒﻰ ﻧﺪﺍء ﺭﺑﻪ ﻭﺗﺪﺍﻋﻰ ﺇﻟﻰ ﺃﻳﺎﻡ ﻣﺄﺗﻤﻪ ﺃﻫﻠﻪ ﻭﺯﻣﻼﺅﻩ ﻭﺃﺻﺪﻗﺎﺅﻩ ﻭﺃﻫﻞ ﻛﺮﺩﻓﺎﻥ ﺍﻟﻐﺮﺓ ﺃﻡ ﺧﻴﺮﺍً ﺟﻮﺓ ﻭﺑﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺪﻣﺖ ﻟﻠﺴﻮﺩﺍﻥ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻭﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻴﺮﺍﺕ ﻭﻟﻼﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻲ ﻭﻣﻦ ﺃﻓﺬﺍﺫ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﺃﻣﺜﺎﻝ ﺍﻟﺮﺍﺣﻞ ﺍﻟﻤﻘﻴﻢ ﺍﻟﻤﺮﺣﻮﻡ ﺍﻟﺠﺮﺍﺡ ﻭﺍﻟﻄﺒﻴﺐ ﺍﻟﻔﺬ ﻭﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺑﺮﻭﻓﺴﻴﺮ ﺯﺍﻛﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺯﺍﻛﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻈﺎﻣﻲ ﻭﺍﻟﻌﺼﺎﻣﻲ ﻓﻲ ﺁﻥٍ ﻭﺍﺣﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺤﺪﺙ ﻋﻨﻪ ﻛﻞ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺗﻌﺮﻑ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﺣﺘﺮﺍﻡ ﻭﺇﻋﺠﺎﺏ ﻭﺣﺐ ﻟﻤﺎ ﻗﺪﻣﻪ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻮﻁﻦ ﻭﻟﻠﻄﺐ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻲ ﻣﻦ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺟﻠﻴﻠﺔ.. ﺟﺎء ﻣﻦ ﻛﺮﺩﻓﺎﻥ ﻭﺗﺨﺮﺝ ﻓﻲ ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﻄﺐ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﺨﺮﻁﻮﻡ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﺨﻤﺴﻴﻨﺎﺕ ﻛﻄﺎﻟﺐ ﻣﺘﻤﻴﺰ ﻭﻧﺎﺑﻐﺔ ﻧﺎﻝ ﺃﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﺭﺟﺎﺕ ﻓﻲ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻭﻋﺎﺩ ﻟﻴﺨﺪﻡ ﻭﻁﻨﻪ ﻭﺃﻫﻠﻪ ﻓﻜﺎﻥ ﺧﻴﺮ ﻣﺜﺎﻝ ﻟﻠﻄﺒﻴﺐ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﺍﻟﺠﺮﺍﺡ ﺍﻟﻤﺎﻫﺮ ﺍﻟﻤﺘﻤﻴﺰ، ﻧﺎﻝ ﺷﻬﺮﺓ ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺒﺒﺎً ﻓﻲ ﺗﺸﻴﻴﺪ ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ ﺍﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻴﺔ ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻸﺳﻒ ﻛﺎﻥ ﺟﺰﺍء ﺍﻟﺒﺮﻭﻓﺴﻴﺮ ﺯﺍﻛﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻋﺎﻡ ﻛﻤﺎ ﺫﻛﺮ ﻟﻲ ﺃﺣﺪ ﺯﻣﻼﺋﻪ ﺍﻷﻁﺒﺎء ﻫﻮ ﺟﺰﺍء ﺳﻨﻤﺎﺭ ﺇﺫ ﺃﻗصى ﻣﻦ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ﻅﻠﻤﺎً ﻓﺮﺟﻊ ﺍﻟﻰ ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﻄﺐ ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﻘﺎﺑﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺘﻌﺴﻒ ﺇﻻ ﺑﻤﺴﺘﻮﻯ ﻋﺎﻝٍ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﺍﻟﻘﻮﻳﻢ ﻭﺍﻟﺘﺴﺎﻣﺢ ﻭﺍﻟﻮﻓﺎء ﻟﻮﻁﻨﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺸﻘﻪ ﻭﻟﻠﻤﻮﺍﻁﻦ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺩﻓﻊ ﺍﻟﻀﺮﺍﺋﺐ ﻟﻴﺘﻌﻠﻢ ﺃﻣﺜﺎﻟﻪ ﺍﻷﻓﺬﺍﺫ ﻓﻠﻢ ﻳﺆﺛﺮ ﺑﺮﻭﻑ ﺯﺍﻛﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻻﻏﺘﺮﺍﺏ، ﺑﻞ ﺑقى ﻓﻲ ﻭﻁﻨﻪ ﻓﻘﺎﺑﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻹﺟﺮﺍء ﺍﻟﻤﺘﻌﺴﻒ ﻓﻲ ﺣﻘﻪ ﻛﻤﺎ ﺍﻟﻨﺨﻠﺔ ﺍﻟﺒﺎﺳﻘﺔ ﺗﺮﻣﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﺤﺠﺎﺭﺓ ﻓﺘﻌﻄﻴﻚ ﺃﻁﻴﺐ ﻣﺎ ﺗﻨﺘﺠﻪ. ﻭﻛﺪﻟﻴﻞ ﺁﺧﺮ ﻋﻠﻰ ﺗﻤﻴﺰﻩ ﻭﺷﻬﺮﺗﻪ ﻋﺎﻟﻤﻴﺎً ﻓﻘﺪ ﺣﻜﻰ ﻟﻲ ﺧﺎﻟﻲ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﻧﻮﺭ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﺤﺴﺎﺑﺎﺕ ﺍلسابق ﻓﻲ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻌﻴﺖ ﻟﻪ ﺍﻟﺒﺮﻭﻑ ﺯﺍﻛــﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﻛﻨﺖ ﺃﻋﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺟﺮﻯ ﻟﻪ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺟﺮﺍﺣﻴﺔ ﻣﻌﻘﺪﺓ ﻧﺎﺟﺤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺪﺓ ﻗﺒﻞ ﻣﺪﺓ ﺗﺄﺛﺮ ﺟﺪﺍً ﻭﺭﻭﻯ ﻟﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺮﺣﻮﻡ ﺳﻔﻴﺮﻧﺎ ﺍﻷﺳﺒﻖ ﻓﻲ ﻟﻨﺪﻥ ﻭﻭﺯﻳﺮ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻴﺔ ﺳﺎﺑﻘﺎً ﻋﺒﺪ ﷲ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺍﻟﺨﻀﺮ ﻭﺍﻟــﺬﻱ ﺗﺮﺑﻄﻪ ﺻﻠﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﺑﺄﺳﺮﺗﻨﺎ ﻓﻲ ﻗﺮﻳﺔ ﺍﻟﺨﺘﻤﻴﺔ ﺑﻜﺴﻼ ﻗﺎﻝ ﻟﺨﺎﻟﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺨﻀﺮ ﺑﺈﺟﺮﺍﺋﻪ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺮﻁﻮﻡ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺪﺭﻱ ﺃﻥ ﺯﺍﻛﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺟﺮﺍﻫﺎ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ ﺇﻧﻨﻲ ﺳﺄﻋﻤﻞ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻭﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﻟﻨﺪﻥ ﻟﺨﻄﻮﺭﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻭﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺳﺎﻓﺮ ﺍﻟﺨﻀﺮ ﺍﻟﻰ ﻟﻨﺪﻥ ﻹﺟﺮﺍء ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺠﺮﺍﺣﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﻘﺪﺓ ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻷﻁﺒﺎء ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﻴﻦ ﻧﺼﺤﻮﻩ ﺃﻥ ﻳﺘﺮﻳﺚ ﻗﻠﻴﻼً ﻷﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺟﺮﺍﺣﺎً ﺷﻬﻴﺮﺍً ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻫﻮ ﺍﻷﻓﻀﻞ ﻹﺟﺮﺍء ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﻭﺻﻞ ﺍﻟﺠﺮﺍﺡ ﻗﺪﻣﻪ ﻟﻪ ﺍﻷﻁﺒﺎء ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﻮﻥ ﻓﻔﻮﺟﺊ ﺑﺄﻧﻪ ﺑﺮﻭﻓﺴﻴﺮ ﺯﺍﻛﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻓﺄﺟﺮﻯ ﻟﻪ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻜﻠﻠﺖ ﺑﺎﻟﻨﺠﺎﺡ ..
ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﺮﺍﺣﻞ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﺑﺮﻭﻓﺴﻴﺮ ﺯﺍﻛﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻌﺮﻓﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﻣﻨﺰﻝ ﺍﻟﺮﺍﺣﻞ ﺍﻟﻤﻘﻴﻢ ﻭﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﺨﻠﻮﻕ ﻭﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻭﺍﻟﻮﻁﻨﻲ ﺍﻟﻐﻴﻮﺭ ﺍﻟﻤﺮﺣﻮﻡ ﻓﺘﺢ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺍﻟﺒﺸﻴﺮ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺠﻤﻌﻨﺎ ﻓﻲ ﻣﻨﺰﻟﻪ ﻋﻘﺐ ﻛﻞ ﺻﻼﺓ ﺟﻤﻌﺔ ﺣﻮﻝ ﻣﺎﺋﺪﺓ ﺍﻟﻐﺪﺍء ﻭﻳﺤﺮﺹ ﺑﺮﻭﻓﺴﻴﺮ ﺯﺍﻛﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺣﻀﻮﺭﻫﺎ ﻭﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻛﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻘﺎﺵ ﻣﻊ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺃﻟﻮﺍﻥ ﺍﻟﻄﻴﻒ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺑﺂﺭﺍﺋﻪ ﺍﻟﻤﺤﺘﺮﻣﺔ ﺍﻟﻤﻌﺘﺪﻟﺔ ﻣﻨﺎﺩﻳﺎً ﺑﻀﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﻮﻓﺎﻕ ﺍﻟﻮﻁﻨﻲ ﻟﺘﺠﻨﻴﺐ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﻓﻲ ﻧﻔﻖ ﺍﻟﺼﺮﺍﻋﺎﺕ ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﻭﺍﻟﻔﻮﺿﻰ. ﻫﻜﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺮﺍﺣﻞ ﺍﻟﻤﻘﻴﻢ ﻋﻈﻴﻢ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﻣﺘﻮﺍﺿﻌﺎً ﻋﺼﺎﻣﻴﺎً، ﺑﻞ ﻋﻈﺎﻣﻴﺎً ﺣﻴﺚ ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﺃﻋﻈﻢ ﺍﻷﺳﺮ ﺍﻟﻜﺮﺩﻓﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺪﻣﺖ ﻟﻮﻁﻨﻬﺎ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻭﺃﺣﺴﺐ ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﻓﻴﻬﻢ ﺭﺳﻮﻝ ﷲ صلى الله عليه وسلم(ﺃﻗﺮﺑﻜﻢ ﻣﻨﻲ ﻣﺠﻠﺴﺎً ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺃﺣﺎﺳﻨﻜﻢ ﺃﺧﻼﻗﺎً ﺍﻟﻤﻮﻁﺄﻭﻥ ﺃﻛﻨﺎﻓﺎً ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺄﻟﻔﻮﻥ ﻭﻳﺆﻟﻔﻮﻥ).. ﻭﻗﺪ ﺃﺧﺒﺮﻧﻲ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﻣﺤﻤﻮﺩ ﺣﺴﻨﻴﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻗﺮﻳﺒﺎً ﻣﻨﻪ ﺷﻬﺪ ﻟﻪ ﺑﺄﻥ ﻓﻘﻴﺪﻧﺎ ﺍﻟﺮﺍﺣﻞ ﻛﺎﻥ ﻳﺼﻮﻡ ﺍﻻﺛﻨﻴﻦ ﻭﺍﻟﺨﻤﻴﺲ ﺟﻌﻠﻬﺎ اﷲ ﻓﻲ ﻣﻴﺰﺍﻥ ﺣﺴﻨﺎﺗﻪ ﻭﻻ ﻧﺰﻛﻲ ﻋﻠﻰ اﷲ ﺃﺣﺪﺍً.
وفاته
رحل عنا زاكي الدين صباح الجمعة 12 ديسمبر 2014م، بعد أن صارع المرض الغريب لأكثر من عام في صبرٍ وإيمانٍ عميقين.

الخرطوم: عادل الشوية
الراي العام


‫3 تعليقات

  1. يرحمه الله رحمة واسعه وأدخله جنات الفردوس مع الصديقين والشهداء

  2. مثل هولاء الأعلام يجب أن يحتفى بهم،
    ويكرموا بذكر فضائلهم لتعرفها الأجيال،
    لا أن تمتلي وسائل إعلامنا المختلفة بالفنانين والرقاصات والكورة فقط!!!
    نسأل الله له الرحمة والبركة لذريته وأهله.

  3. رحم الله البروفيسور زاكي الدين فقد كان انسانا قبل ان يكون جراحا .
    كان طيب القلب حسن الاخلاق يعامل كل من حواليه بروح الاخوة والحب الصادقين سريع البديهة ،كان دوما يتسم بروح الدعابة حتى في احرج الاوقات. اتذكر مقولته الشهيرة ذات مرة في اوائل الثمانينات من القرن الماضي بعد عملية اشتكشاف عسيرة تكللت بالنجاح اذ قال( تعلمون يا جماعة العملية لما تنجح ده دليل على شطارة الجراح اما اذا فشلت فطبعا من التخدير) وضحك الجميع
    كانت هذه روحه دوما.
    رحمه الله رحمة واسعة واسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا (انا لله وانا اليه راجعون.)