تحقيقات وتقارير

قانون الشركات الجديد هل يرضي طموح المساهمين


قانون الشركات يعتبر من اهم التشريعات المرتبطة بعمليتي الاستثمار و التنمية الاقتصادية ولذلك يجب ان يعدل القانون باستمرار ليواكب التطورات الاقتصادية المتسارعة وان يستجيب لمقتضيات المرحلة غير ان قانون الشركات المعمول به حتي منتصف هذا العام و الصادرفي سنة 1925 ظل كما هو لم يلحقه اي تعديل قرابة التسعين عام وبالتالي اصبح غير مواكب للتطورات الاقتصادية التي شهدتها البلاد كما اظهرت الممارسة العملية مسالب القانون الشئ الذي اثر علي الدفع بالجهود المبذولة لتهيئة مناخ ملائم لجذب الاستثمار المحلي والاجنبي ودفع بوزير العدل السابق محمد بشارة دوسة ان ينجح اخيرا في اجازة قانون الشركات الجديد الذي اصبح ساري المفعول منذ منتصف يوليو الماضي
الورشة التي نظمتها ادارة الاعلام باتحاد المصارف السوداني بقاعتها موخرا باعتبار المصارف جزء من الجهات ذات الصلة بالقانون تناول المشاركون في الورشة من خبراء قانونين واقتصاديين مزايا القانون الجديدوإخفاقاته .
بدأ الاستاذ عبدالله ادريس وزير العدل الأسبق في ورقته الايضاحية التي قدمها بانتقادات لقانون 1925 مشيرا الي ان القانون اعتمد بصفة حصرية علي قانون الشركات الانجليزي دون مراعاة للاختلافات العميقة في كل المجالا ت الاقتصادية والاجتماعية والعقائدية بين البلدين حيث اباح الربا سواء عن طريق السماح للشركات باصدار اسهم ممتازة تتقاضى فوائد سنوية بنسبة مئوية محددة كمايلزم القانون المساهمين بدفع فوائد عند تأخرهم عن سداد قيمة اسهمهم .
واضاف بان القانون القديم تضمن نصوص كانت سبب في احجام بعض المستثمرين من تسجيل اعمالهم كشركات محدودة المسئولية كماان القانون القديم اغفل العديد من الاحكام الموضوعية التي تضبط نشاط الشركات الشيء الذي جعل المحاكم السودانية تعتمد في اصدار احكامها علي السوابق القضائية الانجليزية في اصدار أحكام المنازعات التي لم يرد نص بشأنها في القانون .
واكد استاذ عبد الله اهمية صدور القانون الجديد لاستقرار التعامل في مجال الشركات وتهيئة المناخ المناسب لجذب الاستثمارات المحلية والاجنبية متناولا اهم سمات القانون الجديد المتمثلة في الابقاء علي نصوص القانون القديم التي لا تتعارض مع نصوص الشريعة الاسلامية واثبتت الممارسات العملية ملاءمتها لظروف السودان الاقتصادية والاجتماعية .
واوضح بان أهم مايميز القانون الجديد تسهيل اجراءات تسجيل الشركة حيث نصت المادة (15) منه على منح سلطة التسجيل للمسجل دون اعطائه سلطة تقديرية للقبول او الرفض وإنما الزمته التسجيل متي ما استوفت الشركة الشروط المحددة حصريا في المادة كما ان المادة (7) من القانون استحدثت نوع جديد من الشركات يسمي الشركة محدودة المسئولية بالضمان وحددت المادة الضوابط القانونية التي تحكم تسجيلها وادارتها كما اشترطت المادة (9)الفقرة2 تأييد المحكمة لنفاذ تعديل اغراض الشركة ولتفادي الاثار السالبة من ذلك ومنحت المادة 17 الشركة الحق في اجراء اي تعديل في اغراضها ويكون التعديل نافذ اذا لم يعترض عليه خلال ثلاثة اسابيع مساهمون يمتلكون 15%من رأس المال المدفوع .
وأضاف ان القانون الجديد عالج السلبيات التي صاحبت ضبط وتنظيم نشاط فروع الشركات الاجنبية التي تسجل بالسودان كما عالج القانون مشكلة الرهن العائم حيث نصت المادة (102) علي عدم جواز تسجيل اي رهن عائم اخر علي الاصول المرهونة اذا نص عقد الرهن الذي سبق تسجيله علي ذلك كما الزم القانون الشركات بايداع صورة من عقود الرهون التأمينية او الحيازية التي منحت لجهات اخرى لدى المسجل حتي تستطيع الجهات الممولة معرفة حجم مديونية الشركة قبل الموافقة على منحها تمويل مقابل رهن عائم كما ألزم القانون الجديد الشركة وفقا لنص المادة 105 إيداع صورة من عقود الرهون التأمينية أو الحيازية التي منحت لجهات اخرى لدى المسجل حتي تستطيع الجهات الممولة معرفة حجم مديونية الشركة قبل الموافقة علي منحها تمويل مقابل رهن عائم .
وفيما يتعلق بتصفية الشركة قال ان القانون الجديد عالج السلبيات خاصة المتعلقة بالتصفية الاختيارية في ا لقانون القديم التي اتاحت لضعاف النفوس اكل مال الناس بالباطل اما مواد القانون الجديد فقد منحت صلاحيات واسعة للمصفي دون وضع شروط لمؤهلات المصفين اووضع ضوابط تحكم تصرفاتهم حيث نصت المادة 203 من القانون علي شروط صارمة لاكمال اجراءات التصفية الاختيارية موضحا تلك الشروط المتمثلة في قيام اغلبية اعضاء المجلس قبل شهر من تاريخ صدور قرار التصفية بالتوقيع علي اقرار موثق يؤكد ان الشركة قادرة علي سداد جميع التزاماتها المالية خلال فترة لاتتجاوز العام من بداية التصفية وفي حالة فشل الشركة في السداد يعتبر اعضاء المجلس مرتكبين لجريمة الاقرار الكاذب ويعاقب كل منهم بالسجن لفترة قد تصل لسبع سنوات كما اشترطت المادة 178 من القانون توفر مؤهلات معينة في الشخص الذي تم تعينه مصفيا رسميا كما منحت المادة 252 المسجل سلطة تعين المصفون وتوجيههم لايداع عائدات التصفية في حساب مصرفي يكون خاضع لاشرافها
الاستاذة اميرة الامين مصطفي مدير الادارة القانونية تناولت اهم سمات القانون الجديد مشيرة الي ان المادة 7 من القانون استحدثت نوعاً جديداً يسمى الشركة محدودة المسؤولية بالضمان وحددت ضوابط تسجيلها وإدارتها، والغرض منها لذلك لا يجوز لها توزيع أي أرباح لأعضائها، وفي حالة المخالفة يكونوا مسؤولين بالتضامن وكذلك أعضاء مجلس إدارتها الذين لديهم علم بالواقعة ويجب عليهم الوفاء بكل ديون الشركة والتزاماتها كما أن المادة 10 حددت معايير القبض والتبعية فيما يلي الشركات القابضة لعدم وجود نص في القانون السابق يحدد ذلك، واشترط لكي تكون الشركة قابضة للشركة التابعة لابد من أن تكون متحكمة في مجلس إدارة الشركة التابعة أو تتحكم في أكثر من نصف القوة التصويتية لها، أو تكون مالكة لأكثر من نصف ما أصدرته الشركة التابعة من أسهم وأخيراً أن تكون الشركة التابعة تتبع لشركة تابعة للشركة القابضة
واضافت بان القانون الجديد عالج كذلك مشكلة كانت سائدة في قانون 1925 كالحالات التي يجوز فيها للمحكمة رفع القناع عن الشخصية الاعتبارية للشركة للوصول إلى المساهمين بغرض حرمانهم من الاستفادة من المسؤولية المحدودة الأمر الذي نتج عنه سوء استغلال هذه المسؤولية وتضييع حقوق الدائنين حيث منحت المادة 17 من القانون الجديد الشركة الحق في إجراء أي تعديل في أغراضها بعد أن كان سابقاً مشروطاً بتأييد المحكمة لنفاذه، وأصبح من حق الشركة أن تعدِّل عقد تأسيسها بقرار خاص ويكون نافذاً إذا لم يعترض عليه مساهمون يملكون أكثر من 15% من أسهم الشركة في فترة لا تتجاوز ثلاثة أسابيع من تاريخ صدور القرار الخاص.
وفي حالة الإعتراض يجب على المحكمة إعلان الدائنين الذين يمس التعديل مصالحهم بنشر الإعلان في الجريدة الرسمية والصفحة الإقتصادية في صحيفة يومية لثلاثة أيام متتالية.كما نصت المادة 21 أيضاً للشركة الحق في تعديل أو إضافة أي نصوص جديدة وتعتبر كما لو أنها كانت مدرجة أصلاً في اللائحة، ويتم ذلك بإصدار قرار خاص . ويجب على الشركة إيداع ذلك التعديل لدى المسجل التجاري .
اما الاستاذ البصيري الفكي المستشار القانوني لشركة شيكان للتأمين وجه انتقاد ات لبعض مواد القانون الجديد مشيرا الي ان المادة (3) المتعلقة بالتعريفات لم تتطرق لتعريف العضو الاساس للشركة وهو العضو المؤسس وصاحب الاسهم فيما عرف عضو مجلس الادارة والسكرتير وذلك يعتبر تقصير ، كما ان المادة(5) جوزت تأسيس الشركة من شخصين فأكثر دون تحديد السن القانونية للمؤسسين وبالتالي اتاحة الفرصة للقصر أي دون السن القانونية وذلك يتعارض مع المسؤلية الجنائية .
واضاف بان القانون الجديد ساوي كذلك بين الشركتين الخاصة والعامة فبما يتعلق بعدد الاعضاء وجوز للشركة الخاصة ان يكون عدد الاعضاء اكثر من خمسين عضو كما جوز نقل الاسهم وبالتالي ازال الفرق بين الشركة العامة والخاصة ، وقال ان المادة 26 جوزت للشركة تغير اسمها قبل التصفية بست اشهر فقط مشيرا الي ان المدة تعتبر بسيطة ولا تحفظ حقوق الدائنيين .
وقال إن من أميز ايجابيات القانون الجديد توضيح الفرق بين الشركات التابعة والقابضة واضافة مادة جديدة تسري علي المصارف وشركات التامين تحكم بموجهات وقرارات الهيئات العليا للرقابة الشرعية للتأمين والمصارف اذا تعارضت مع مواد القانون الجديد .
كما نص القانون علي منع أي شخص تمت ادانته بجريمة غسيل الاموال او تمويل الارهاب لا يحق له ان يكون عضو في شركة او مجلس ادارة والغت المادة 25 من القانون الجديد اشتراط التشابه كأساس لرفض الاسم الخاص بالشركة حيث كان تطابق أكثر من كلمتين في الإسم المقترح مع إسم شركة مسجلة في القانون القديم يعتبر سبباً لر فض الاسم .
وقال البصيري في نظرة عامة لسمات قانون الشركات الجديد نجد أن القانون الجديد ليس فيه بمايعرف بنظام “المسئولية الاجتماعية- المجتمعية – للشركات”، وهذا أيضا لم يتضمنه القانون القديم 1925 لأنه لم يكن موجودا في ذلك الوقت. ولكن الآن قوانين الشركات الحديثة تتضمن أحكاما واضحة وخاصة بتناول ما يسمي ب “المسئولية الاجتماعية – المجتمعية – للشركات”. حيث توجد نصوص تلزم الشركات بوضع نسبة محددة من أرباحها سنويا لصرفها في تنمية المجتمع الذي تعمل فيه الشركة ومنه تحقق أرباحها. والزام الشركات بتحديد نسبة من الأرباح وصرفها بمنهجية وفق أسس سليمة شفافة، وهو ما يعرف بنظام المسئولية الاجتماعية للشركات. وتتوسع أحكام المسئولية المجتمعية للشركات لتشمل ضمان الممارسات السليمة لحماية المستهلك وحماية البيئة وغيره مع الحرص على تطوير العنصر البشري في الشركة وفي البلد عامة وفقا لأحكام ومباديء حوكمة الشركات التي تسعى حثيثا لتطوير أعمال مجلس الادارة لتصل لأرقى المراحل وذلك بضرورة العمل على الفصل بين مجلس الادارة، من ناحية، كجهة منوط بها وضع الاستراتيجية العليا للشركة، ومن الناحية الأخرى، الادارة التنفيذية للشركة بصفتها المخولة بتنفيذ الاستراتيجية التي يضعها مجلس الادارة. وهذا “الفصل بين السلطات” ضروري لضمان حسن الادارة وعدم تضارب وتعارض المصالح، ولذا لا يجوز الجمع بين العضوية الكاملة بمجلس ادارة الشركة واحتلال منصب قيادي تنفيذي في الشركة كمنصب المدير العام للشركة لضرورة الفصل بين السلطات. ولكن الملاحظ أن قانون الشركات الجديد لعام 2015 لم يتقيد بهذا المبدأ الحديث، وهو من الأساسيات الادارية في حوكمة الشركات، لأنه أجاز الجمع بين عضوية مجلس الادارة ومنصب المدير العام. بالنسبة للوضع في الجهاز المصرفي بالسودان فقد نظم منشور الضبط المؤسسي رقم 18/2009م عضوية المدير العام للمصرف بأن جعله عضواً بحكم منصبه ولكن دون الحق في التصويت على القرارات.

تقرير /علوية الخليفة

الخرطوم 21-11-2015 م(سونا)