جمال علي حسن

نزهة أديس أبابا.. ونحن الرهائن


يبدو أن الحقل المغنطيسي للمفاوضات بين الحكومة وقطاع الشمال في أديس أبابا يحتفظ بقوة تنافر غير طبيعية .
والأغرب في الموضوع أنهم يأتون في كل جولة جديدة في الموعد لأداء مراسم الاختلاف حول نفس القضية التي كان اختلافهم عليها سبباً في فشل الجولة التي سبقتها.
حتى أن الإعلام لم يعد يهتم كثيراً بمتابعة مجريات هذه الجولات التفاوضية التي لم تحقق أي نوع من التقدم نحو الحل .
ولا أدري هل يجد هؤلاء متعة ما في ممارسة هذا التنافر المغنطيسي في أديس أبابا مثل تلك المتعة المكلفة نفسياً والتي يشعر بها من يمارسون رياضة صراع الثيران في إسبانيا .
تسع جولات تفاوض فاشلة، والعقدة معروفة والأطراف متمسكة بعدم مراجعة مواقفها حول تلك العقدة بالذات – عقدة الأجندة – وليست هناك أية متغيرات أو تنازلات لتوفيق الرأي حول هذه النقطة الخلافية الأساسية المتعلقة بأجندات التفاوض.. فلماذا يعاودون الحضور الى أديس؟، هل بداية الشتاء في أديس أبابا رائعة لهذا الحد حتى ينتهزها القادمون فرصة لتجديد بصمة الخلاف في الموسم التفاوضي الجديد مع الاستمتاع بأجواء أديس .
تسع جولات فاشلة وجولة عاشرة أراها متعثرة، حتى أن رصيد التفاوض الفاشل في أديس أبابا أصبح تراثاً من الخيبات التفاوضية المتتابعة .
لو تذكر الجميع حال المواطنين السودانيين في مناطق الحرب وأوضاعهم الإنسانية البائسة، لو تذكروا سمعة السودان الذي صارت أبرز عناوين سيرته هي مينشيتات الحرب والقتال الذي يعني عدم الاستقرار.. لو تذكروا ذلك ووضعوا هذه الاعتبارات أمام أعينهم وكانوا جادين في معالجة الأزمة لما تأجل قرارهم بوضع السلاح وإيقاف الحرب بشكل كامل والعودة للساحة العامة من بوابات العمل السياسي.. وغسل سيرتهم بعمل وطني ملموس.. سيرة الحرب وحمل السلاح والتي تخصم وتصادر كل رصيد الاحترام والثقة الشعبية في من يشعلونها، ويتاجرون بها .
لماذا يصر قطاع الشمال على اشتراط جعل الحوار الوطني وقضايا الحرب على سرج واحد..؟.. لأن قضيتهم الأساسية هي الوصول إلى السلطة ولأنهم ببساطة لا يثقون في قدرتهم على العودة للشعب كسياسيين وأصحاب قضية ومشروع نضالي بغير بنادق ورصاص، لا يثقون في قدرتهم على تبني خيارات الثورة الشعبية ولا يمتلكون مفاتيح الدخول الى ساحة الجماهير، لذلك هم يركزون على أسر واعتقال هذه الساحة بأكملها وجعل الشعب السوداني رهائن لتحقيق هدف الوصول الى السلطة .
مرة أخرى ، نقول للسياسيين المعارضين من أصحاب الوزن الشعبي والتأريخ الجماهيري أمثال الصادق المهدي نقول لهم انفضوا أيديكم عن أيدي تجار الحرب فهولاء خياراتهم محدودة.. أو هو خيار وحيد فقط البندقية.. وليس أمامهم أي أمل في تحقيق نجاح في اختبارات الديمقراطية وصناديق الاقتراع فيما بعد.. ولذلك يستميتون في الحصول على شرعية البندقية والوصول إلى السلطة على قبور الأبرياء وجماجم ضحايا الحرب .
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.