هيثم كابو

العطاء قبل الاحتفاء


* سؤالان طرحهما عدد من المثقفين وأهل الفن والإعلام في مجموعة (قضايا الفنون) على (الواتساب) فضلت الإجابة عليها عبر هذه المساحة، الأول تساءل صاحبه قائلاً: هل الصحافة يمكن أن تمثل معول هدم وحجر عثرة في وجه كثير من المبدعين؟؟ والسؤال الثاني عن سر احتفاء الصحافة السودانية بأصالة نصري وكاظم الساهر وإيهاب توفيق وشيرين وهاني شاكر ومحمد منير عندما يزورون الخرطوم؛ بينما تتجاهل الصحافة العربية في كل الأقطار الفنانين السودانيين ولا تمنح زياراتهم أدنى مساحة اهتمام!؟
* في الجزئية التي تخص اتهام الصحافة الفنية بأنها قد تمثل معول هدم لمبدعين حقيقيين، فإننا بصراحة لا نعترف بمبدع (آيل للسقوط) تهدم مشواره معاول الحروف وتنال منه سياط النقد والشواهد على ذلك كثيرة، فالمبدع الحقيقي يظل راسخاً وشامخاً ودائماً ما يتساقط (أدعياء الإبداع)، فالزبد يذهب جفاء ويبقى ما ينفع الناس، ولا عزاء لـ(الموهومين) لا (الموهوبين) الذين يعتقدون أن الموهبة (قرص أسبرين) يبتلعه الواحد منهم فيصبح بين طرفة عين وانتباهتها مبدعاً منتجاً مضيئاً.. والمشاريع الفنية الحقيقية لا تتوقف بسبب حروف ناقدة، وكم من مبدع (ثابت البنيان) انتاشته السهام فلم تؤثر عليه وأضحى فناناً يشار إليه ببنان التميز والاحترام.!!
* وعن سر احتفاء الصحافة عموماً – والفنية تحديداً – بنجوم الفن العربي إبان فترة زياراتهم للسودان (على قلتها)، فإن الكل يعلم أننا نحتفي بنجوم (إقليميين) لا (قطريين) والفرق بين النجم الإقليمي والقُطري أن الأول له جمهوره في بيروت ودمشق والقاهرة ومراكش والخرطوم، بينما النجم القطري لا تتعدى معرفة الناس به وحفظها لأغنياته حدود بلده وكثير من الفنانين (المغاربة) مثلاً لو زاروا السودان من (نجوم المغرب القطريين) لن تفرد لهم الصحافة مساحة اهتمام واسعة لأنها لا تعرفهم ولا تملك معلومات عنهم، ولكن عندما تزور سميرة سعيد الخرطوم أو غيرها من العواصم فإن الاحتفاء بها لا يتم بوصفها (مطربة مغربية) بل لأنها (فنانة إقليمية)..!!
*‬ لا يمكن لأكثر الناس سذاجة مطالبة العواصم العربية بالاحتفاء بفنانين سودانيين لا تتعدى شهرتهم المحيط الداخلي، ولكن يمكن أن تحتفي تشاد أو نيجيريا أو إثيوبيا أو غيرها من الدول الأفريقية بفنان سوداني لأنها تعرف اسمه ورصيده من الأعمال ووصلها صوته وسكنت نبراته طبلة أذنها، لذا فإن المهم حقاً أن نجتهد في تقديم فنانينا وأن يجتهد معنا أولئك الفنانون في تقديم أنفسهم وتعريف العالم العربي بهم ليتطور الأمر رويداً رويدا حتى يصبحوا نجوماً إقليميين، وحينها ستتسابق إليهم وسائل الإعلام العربي ولن نحتاج استجداء عطف القنوات الفضائية حتى نحتفي بهم ونصنع لهم (ضجة وضجيجاً).!!
* عدم الاحتفاء والاهتمام بفنان عربي إقليمي يزور السودان يمثل إخفاقاً صحافياً تحاسب عليه ضوابط المهنة، وعليكم أن تعرفوا حقيقة أن الشباب السوداني ليس معزولا عن الغناء العربي والغربي لذا فإنك تجده أحياناً يهتم بكاظم الساهر وإيهاب توفيق وديانا حداد وشيرين وتامر حسني وغيرهم من الفنانين العرب أكثر من اهتمامه بالفنانين السودانيين وذاك أمر مفروغ منه ولا يمكن أن تضرب سياجاً من العُزلة في عالم كبسولة، ومن حق الشباب السوداني الاستماع لنجوى كرم وهاني شاكر مثلما استمع الجيل السابق لأم كلثوم وفيروز ووديع الصافي وصباح فخري وعبد الحليم حافظ وذلك لأن لكل جيل أصواته الفنية العربية وحناجره التي تعبر عن آماله وآلامه وأفكاره والزمن الذي يعيشه لا الذي مضى منذ سنين طويلة، وإن كانت المقارنة معدومة بين (جيل الزمن الجميل) ونجوم الفن العربي الحاليين إلا أن سنة الحياة أن تتجدد الأعمال والآمال وتتواصل الأجيال..!!
نفس أخير
* اصنع اسماً كبيراً يضعك في (مكان الاحتفاء) بدلاً من التبرم من حفاوة الناس بأسماء ذات وزن حتى لا تموت بالأسى و(الغبينة) والاستياء!