أم وضاح

يا ربي عفوك ورضاك والموضوع داك!!


قبل عام من الآن صحونا فجأة ذات صباح في الحي الذي نسكن فيه ووجدنا عمال النظافة على غير عادتهم يبذلون مجهوداً خرافياً في جمع النفايات، رغم أننا لم نرهم قبلها لأسابيع متتالية، وبعد أن فرغوا من عملهم جاء دور (الجرافات) لتمهد الشارع وتردم الحفر، وهاك (يا قش) وهاك (يا رش) وقبل أن نفيق من المفاجأة علمت أن سبب (الهمة) المفاجئة، أن السيد معتمد بحري وكان وقتها الدكتور “ناجي” سيقوم بزيارة للمدرسة التي تقع في منتصف الحي، ولأن المنطقة ما حول المدرسة كانت تشكو لطوب الأرض من الإهمال وسوء الحال، وهو ما تخطى حدود الممكن والمسموح مما يجعله بائناً وظاهراً للمعتمد الذي مؤكد أن نظره سيقع على هذه المناظر، وبالتالي سيدرك أن ما تصله من تقارير عن النظافة ورصف الطرق ما هي إلا مجرد إدعاءات كاذبة وكلام في الهواء، سارع هؤلاء بمداراة الفضيحة وجعل الشارع أنموذجاً في أقل من (24) ساعة، وهو ما عجزوا عن فعله في (24) شهراً في مفارقة عجيبة تؤكد أنه المسألة مش إمكانيات ولا أيادٍ عاملة، المسألة هي إرادة وضمير يدفعهم لأداء الواجب، والحادثة برمتها ذكرتني بالفيلم العربي الشهير (جواز بقرار جمهوري)، حين قرر بطل الفيلم “هاني رمزي” أن يدعو رئيس الجمهورية لحفل زواجه واستجاب له الرئيس، وما أن علم المحافظ ورئيس الحي بذلك إلا وتحول الحي (المنسي) إلى شعلة اهتمام ونشاط، وتم تشجيره في ساعات وقفل (بالوعات) الصرف الصحي وإنارة الشوارع المطفأة رغم أن المواطنين كانوا يشكون مر الشكوى ويلاحقون المسؤولين، لكن لا حياة لمن تنادي!! وبالتالي فإن ظاهرة الاهتمام هي ظاهرة لا أحسبها خافية على المسؤول نفسه خاصة وأن بعضهم وعند زيارته لمرفق ما تظل رائحة الطلاء تفوح من الأرجاء دلالة على أن الشغل (جديد لنج) ومعمول مخصوص لسيادته، لذلك على (سيادته) أن يكون أكثر ذكاءً ويسأل طرفاً محايداً عن عمر هذا التجديد وهذا الاهتمام، فلربما يكتشف أنه قد اكتمل وهو في داخل عربته متجهاً إلى ذات المكان!!
في كل الأحوال أقول إن مثل هذه الأفعال توضح بما لا شك فيه أن خللاً كبيراً أصاب ضمائر الناس حتى أصبح همها الأول والأخير أن ترضي المسؤول قبل أن ترضي ربها الذي سيسألها يوم الحساب عن كل قرش اكتسبته دون أن تريق قصاده قطرة عرق ليظل المشهد يتكرر وبالكربون عند كل زيارة روتينية أو طارئة لمسؤول، يفترض ألا يلزم مكتبه وأمانة التكليف والمسؤولية تفرض عليه أن يكون بين الناس عارف كل صغيرة وكبيرة بدل (يدقسوا) بمثل هذه (الورنشة) المتعجلة، وبما أن شارعنا هو الآن الأسوأ بنظري وأكوام النفايات تتراص على طوله والباعوض (قطع لحمنا) بسبب كسورات المياه التي لا بواكي عليها، وسور المدرسة نفسه متهدم لأكثر من أسبوعين دون أن يجد أحداً يشيده من جديد، فإننا ننتظر زيارة عابرة من المعتمد عشان الناس ديل يشوفوا شغلهم ويؤدوا واجبهم، ويا ربي عفوك ورضاك والموضوع داك!!
{ كلمة عزيزة
السيد “علي مهدي” رئيس مجلس المهن الموسيقية قال في حديث له إنه ما في زول بقدر يعفيه إلا رئيس الجمهورية، لأن شرعية مجلسه مستمدة من شرعية الرئيس نفسه (عربي ده يا مرسي?)، لكن ما علينا وما تركزوا في الموضوع كثير لأن السؤال المهم هل “علي مهدي” مقتنع في قرارة نفسه أن هذا المجلس أدى عملاً يستحق عليه الاستمرارية أو ثقة الأخ الرئيس فيه، وهل ساهم المجلس بأية خطوة إيجابية في مسيرة الفنون الغنائية أو الدرامية؟ أعتقد لو “علي مهدي” أجاب بشفافية فيسارع بإعفاء نفسه قبل أن يعفيه الرئيس.
{ كلمة أعز
إذا كان الأطباء قد نصحوا السيد “محمد عثمان الميرغني” بترك السياسة، فما هي الروشتة التي سيكتبها الأطباء للشعب السوداني بسبب ما فعله الساسة؟!!


تعليق واحد