مقالات متنوعة

محمد لطيف : لا.. للقطيعة مع مصر


نهاية الأسبوع المنصرم.. وعبر ثلاث من الفضائيات المصرية.. تابعت انزعاجا بائنا من سفر وزير الكهرباء والري السيد معتز موسي إلى البرازيل في وقت تزامن مع انعقاد اجتماعات مهمة ذات صلة بسد النهضة.. قالوا إن الوزير السوداني سافر ضاربا عرض الحائط بموعد اجتماعات سد النهضة.. احتجاجا على سوء معاملة السلطات المصرية لمواطنين سودانيين.. غير أن الجديد هذه المرة أن الموال المصري لم ينته.. كالعادة.. بشتم السودان والمطالبة بتأديب الوزير.. أو على الأقل مطالبة البِشير بعزله.. كما قالوا في مناسبات سابقة.. الجديد أن كل من تناول الموضوع.. أو سئل فيه.. بدا موضوعيا وواقعيا ومسؤولا.. خلاصة ما انتهت إليه الفضائيات الثلاثة.. وهي مهمة ومؤثرة.. أن على الحكومة المصرية أن تأخذ الموضوع مأخذ الجد.. وأن المسألة غدت خطيرة وذات بعد استراتيجي.. يمس مباشرة المصالح المصرية العليا.. وأن المصالح العليا للدولة.. ليست لعبة.. حتى تترك في يد مأمور قسم عابدين.. هكذا.. قال أحد المعلقين إن الأمر بلغ من الخطورة حد أن يستدعي البرلمان السوداني وزير الخارجية للإدلاء بإفادة حول أزمة العلاقات السودانية المصرية.. ويقول خبير استراتيجي مصري.. إن العلاقات بين البلدين غدت ذات بعد استرتيجي خطير.. يستدعي تدخل الدولة في أعلى مستوياتها إن دعا الحال لتهدئة الأمور.. وحل المشاكل.. ويضيف الآخر.. حجة أن عدد من تضرروا من السودانيين من إجراءات ظالمة اتخذت ضدهم في مصر عدد محدود قول مردود.. ذلك أنه حتى ولو كان المتضرر فردا واحدا فملف حقوق الإنسان بات واحدا من الملفات الخطيرة والحاضرة على مستوى العالم.. عليه فإن الحكومة المصرية ما كان لها أن تتهاون في التعامل مع هذا الأمر بالجدية المطلوبة.. بل وطالب بأن يتقدم وزير الخارجية المصري باعتذار للسودان.. وأن يقدم وزير الداخلية بدوره اعتذارا مباشرا للرعايا السودانيين في مصر وقبلهم للشعب المصري.. إذ يقول إن ما بدر من الدوائر الرسمية هناك كان مسيئا للشعب المصري أيضا..!
إحدى هذه الفضائيات ابتدرت مناقشة الموضوع بتقرير يقول إن متجرا سودانيا علق على بابه.. ممنوع دخول الكلاب والمصريين.. ردا على السلوك المصري تجاه السودانيين في مصر.. هذا المدخل.. وبغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا معه.. إلا أنه يقودنا لمسألة مهمة جدا.. وهي أن حالة الوعي المبكر.. على غير العادة.. التي غشيت الإعلام المصري.. أو جله.. ثم ما ترتب على ذلك من اجتهادات مصرية لمعالجة الوضع.. ما كان له أن يكون لولا موقف الإعلام السوداني.. الذي قام بواجبه على الوجه المطلوب.. على الأقل.. ثم ما ترتب على ذلك من حراك شعبي.. اجتهد في إيصال رسالة مباشرة لمصر.. شعبا وحكومة.. خلاصتها.. إن لم تحترمونا فلا تلزمونا..!
وهنا نضع علامة تعجب.. ولا نقول استفهاما.. فلا مجال للشكوك والاتهامات.. أما التعجب إزاء مواقف بعض أقلامنا المؤثرة.. ومحاولتها تخفيف الأمر.. وأحيانا طمس الحقائق.. والزعم بأن السودان يتضرر من أي تصعيد مع مصر.. فهو تعجب مطلوب ومشروع.. فنتائج التصعيد بائنة وآثاره مباشرة.. فلم يكن أحد يسعى أصلا لقطيعة دائمة مع مصر.. فالسودانيون يحفظون لمصر الكثير.. ولكن كنا.. ونقول.. وسنظل نؤكد.. أن العلاقة المتكافئة هي وحدها التي ينبغي أن تسود..!