رأي ومقالات

(انت بتعرفي كم خميس ؟؟ اكتبي خميس ورنيش يا عمك)


(ورنيش ..يا خالة ؟؟)..التفت الى ناحية الصوت ..ولد صغير لا اعطيه اكثر من عشرة اعوام على احسن تقدير ..يحمل صندوقا معلقا على كتفه …ضحكت وقلت له ( حتى لو عايزة اعمل ورنيش ….اها وقول قلعت الجزمة واديتك ليها ..اقعد حفيانة كدا وين ؟؟)…اشار الى الشجرة في نهاية الميدان ..بالقرب من داخلية الطالبات …(داك المحل بتاعي..انا طوالي بورنش لي بنات الداخلية ديل )..غريبة انني لم اصادفه قبل الان …تقدمني مسرعا ..اول مرة اخوض تجربة ورنيش الشارع هذه ….عادة كنت ارى الرجال يجلسون في كراسي ويقرأون الصحف والمجلات ..تجد صفا منهم متراصين بجانب بعضهم البعض …يتحادثون فيما بينهم ..يتبادلون احاديث السياسة والاقتصاد …محل الورنيش عبارة عن …قطعتين من البلوك فوق بعضهما ..وضع (كرتونة) لجعل الجلسة اكثر راحة وربما للحفاظ على نظافة الملابس ..بدأ في مزاولة عمله بحرفية عالية ..صندوق الورنيش به عدد من علب الورنيش مرتبة ..قطعة لمسح الحذاء ..فرشاة يبدو انها لتوزيع اللون …قال لي ( تشوفي شغلي دا ..طوالي انا بجي اورنش ليك انت والحاج والاولاد ..في البيت ..انت سجلي رقمي )..اعجبتني فكرة التسويق لعمله ..قلت له (الحاج.. الله يجيبه بالسلامة ..ان شا الله تجي تورنش ليهو في البيت ..لكن الأولاد ديل ما اظن ..كل الجزم البلبسوها ما حقة ورنيش …الاسمها ..)..قال مقاطعا (سبورت؟؟) ..قلت نعم وقد كنت ابحث في ذهني مقابلا دارجيا لكلمة سبورت الانجليزية..قال لي (ايوة لي مدرسة ..لكن لي حفلة ..لي عرس .يمشي بي شنو ؟؟)..قلت له (بالاسبورت ذاتها )…هز رأسه اسفا (معليش يا خالة ..لكن اولادك حنك بتاعهم بيش ..سبورت لي مدرسة ..لي كورة …لكن حفلة عرس ..سينما ..يمشي بي جزمة جلد ..يلمع كدا زي العربية داك ) ..وأشار الى سيارة فتح الرحمن التي كانت تلمع في ضوء الشمس ..واستطرد قائلا (كل محل عنده جزمة بتاعه)..وهذا ما يقابل المثل (لكل مقام مقال ) ..واحيانا حذاء …ضحكت وقلت له (والله نظرية برضو ..اها هسع انت عندك الوان لي بنات الداخلية زبوناتك ديل ؟؟ )…لان لكل لبسة (جزمة بتاعو)….رفع رأسه وقال متسائلا ..(اكتر من الفي الصندوق دا؟؟)..قلت له متعمدة ذكر الوان الحداثة (لا.. قصدي فوشيا ..مستردة ..ليلكي ..كدا يعني )…ضحك وهو يقول (دا بياكلوا دا ولا شنو )…ضحكنا سويا ..وقفت وانا أساله عن حساب الورنيش ..ذكر مبلغا من المال ..اعطيته زائدا جنيهين قائلة (دا عشان الونسة الظريفة بتاعتك )..اعاد الباقي بحزم (لا …يا خالة ..الونسة دا مجان )..قال لي (سجلي رقمي ) ..بعد ان ذكر الرقم ..سألته (اسمك منو )..رد قائلا (خميس )…قلت له (خميس.. منو؟؟) ..ضحك قائلا (انت بتعرفي كم خميس ؟؟ اكتبي خميس ورنيش يا عمك).


‫3 تعليقات

  1. اجمل واظرف واوعي من مشى علي الارض هؤلاء البسطاء اصحاب المهن البسيطه..

  2. ما سالتيه من حاجةمهمة ليه هو الان خارج فصول المدرسة .؟طفل عمره 10 سنة يمون فى مرحلة الاساس ؟ طبعا حيقول الظروف فكان واجب عليك ان تنصحيه الا يستسلم للظروف و لابد من التعليم لانه المخرج الوحيد له ان ينتصر على الظروف التى هو عليها الان .الحاج الله يرد غربته .

    1. ما سألته لأنها عارفة الاجابة .. و ما بي يدها حاجة .. ح تعمل شنو !! هناك الكثيرون لهم نفس المشكلة .. .. كويس أنها طيبت خاطره بي كلمتين .. و احتمال عندها فكرة مساعدة مستقبلا ..

      صراحة مقال ظريف .. كويس كدا (أبعدي) لينا من شركات و جنسياتها و الكلام اللي ما جايب همو دا !