منوعات

لا تنشره.. اجعله يقف عندك!


قبل عدة سنوات عندما بدأت تظهرعليّ ملامح الالتزام الدينيّ، اقتنيت قرصاً صلباً من مكتبة المسجد الذي كنت أجاوره، كان على القرص عنوان غريب كُتب بخط اليد “تسجيل لأصوات تعذيب الكافرين في باطن الأرض”، دهشت من غرابة العنوان وأخذته لأسمعه، كنت أحاول أن أبحث في طيّاته عن شيء يرقق القلب ويؤلف الروح ويقربها من الله، سمعته وكررته مراراً لكنّي للأسف لم أجد سوى مجموعة من الأصوات غير المفهومة، يمكن أن تشبه أي شيء إلا أصوات التعذيب ..

ربما في ذلك الوقت كانت الخرافات والأكاذيب وبالأخص تلك التي تأخذ السمْت الدينيّ موجودة ولكنها قليلة الانتشار لضعف وسائل النشر والتسويق لها، أما الآن وبعد إصدار الفوتشوب والفيديو إيديتور وثورة الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي وقنوات العرض المختلفة من يوتيوب وغيره أصبح لهذه الخرافات قاعدة ومنصّة قوية تنطلق منها وجاهلون مغرّر بهم يسوّقون لها دون أن يدركوا خطورتها على المجتمع ..

من فضائل الثورة التكنولوجية أنهاعرّت التردّي الإيماني والفكري لهؤلاء، وكشفت عن حالة من الوعي المهزوم والمهزوز تعاني منه مجتمعاتنا، يبحثون عن أي شيئاً ينتصرون به لدينهم، ويثبتون فيه ربوبيّة الإله وصحة معتقداتهم، حتى لو كان عن طريق صورة مفبركة لشجرة راكعة أو حبّة من الخضار وجد عليها رسم الجلالة أو دراسة غير موّثقة لجامعة أجنبية غير معروفة تؤكد حقيقة جاء بها القرآن ..

ومن أشكال الوعي المهزوم اتساع الهوة بين الواقع وبين ما دُسّ في عقلنا الجمعي من مخاوف ورهبة اتجاه أي شيء يطرح عكس معتقداتنا وعاداتنا، مما جعلنا مشغولين جداً بالتصنيف، تصنيف البشر، فحين نقرأ لشخص أو نستمع لفيديو ما أول ما نحاول البحث عنه بين الكلمات شيء يثبت تصنيف هذا الشخص؛ علماني، اسلامي، ليبرالي.. ولربما يتوقف عن الاستماع لذلك الشخص لمجرد أنه من تصنيف لا يناسبه حتى لو كان طرحه منطقياً وسويّاً.

تأكد أن الاسلام لا يحتاج لمثل هذه الأكاذيب ليزداد قوة ولا يحتاج لتلك الخرافات لتحبّب الناس الدخول فيه، تأكد أنه اذا أردنا أن ننتصر لديننا وأن نخدمه فيجب أن يكون ذلك بالعلم وليس بالجهل، واتساع آفاقك وتعلّمك للغات وثقافات جديدة، والبحث والقراءة في كل مجالات العلوم والمعارف، والاستماع للرأي الآخر ومحاولة الالتقاء معه، وكسر حاجز الخوف الذي صنعه بعض شيوخ المؤسسة الدينية اتجاه مناقشة بعض المواضيع كنظرية التطور ونشأة الخلق وغيرها، والحرص الشديد على التأكد من أي صورة أو فيديو قبل نشره ومعرفة مصدره، وإن شعرت أن تلك الصورة أو الفيديو ليس صحيحاً أو كان مفبركاً، فأرجوك لا تنشره واجعله يقف عندك !

 

 

huffpostarabi


تعليق واحد

  1. فحين نقرأ لشخص أو نستمع لفيديو ما أول ما نحاول البحث عنه بين الكلمات شيء يثبت تصنيف هذا الشخص؛ علماني، اسلامي، ليبرالي

    أخالفك الرأي
    فهذا الشخص المصنف …..يتوقف الأمر على طرحه
    لابد من التصنيف في بعض الأمور