تحقيقات وتقارير

طه ونافع .. العودة العصية


كان نهاية الأسبوع الأول من ديسمبر 2013 م ثقيلاً على المؤتمر الوطني والإسلاميين، ففي تلك الأيام تم الإعلان رسمياً عن تنحي أو استقالة – سيان-رجلي القصر، والمقربين جداً من الرئيس البشير، نائبه الأول علي عثمان ومساعده نافع علي نافع .. كان خروجهما مفاجأة تكاد تضاهي المفاصلة الشهيرة بين المذكورين أعلاه و(شيخهم) د. حسن الترابي وتوالت المفاجآت بخروج عدد من قيادات الصف الأول عن إعلان الحكومة الجديدة التي خلت من طه ونافع.. وكان أول تفسير يقفز إلى الأذهان أن الرئيس البشير أطاح بالرجلين ، لثلاثة أسباب:

٭ أسباب المغادرة
الأول: هو إرخاء قبضة الإسلاميين، مما يسهل لنوافذ الحكومة أن تكون مشرعة، ويدخل عبرها الهواء الخليجي وقد كان، فالآن دول الخليج تشكل أكبر تحالف مع الحكومة، وهو الأقوى منذ مجئ الإنقاذ، فضلاً عن ذلك.. فها هو البشير في حواره الأخير مع فضائية (سكاي نيوز) يقول إنه لا ينتمي إلى حزب إخواني وإنما إسلامي. والسبب الثاني: تمهيداً لترتيب علاقة جديدة مع الترابي ظهرت نتائجها في مشروع الحوار الوطني، والذي يعتبر الشعبي أبرز داعميه، وأكثر المتمسكين به، والذي قد يفضي إلى حكومة بشكل جديد، هي الأولى من نوعها منذ مجيء الإنقاذ.
والثالث: أن إبعادهما يضمن عدم وجود منافسين للرئيس لحظة الترشح للإنتخابات، وهو الأمر الذي حدث في الولايات، حيث تم إبعاد قيادات كانت الأقرب لمنافسة الولاة على المنصب بعدد مقدر من الولايات.. نسوق هذه الفرضية رغم أن علي عثمان هو من رشح البشير، وحرض القيادات على دعمه، مما دفع القيادي د. أمين حسن عمر للتصدي لطه، والقول لاحقاً في حوار صحفي إن علي عثمان مارس إكراهاً معنوياً أسهم في التجديد للرئيس.

٭ وجود خلف الكواليس
رغم مضي عامين على خروج طه ونافع ظلت الشكوك تحوم حولهما بأنهما يشاركان في صنع القرار من خلف الكواليس، فبعد أربعة أشهر من مغادرتهما سئل الوزير والبرلماني السابق د. قطبي المهدي في ذات الخصوص وقال في حوار لصحيفة (اليوم التالي(: هذا الأمر كلام صحيح، فمنذ اليوم الأول لم يأخذني الشك في أن علي عثمان ونافع تركا العمل السياسي، هما موجودان بالحزب وفي القيادة، كل ما في الأمر أنهما تركا المواقع التنفيذية فقط، لكنهما قريبان. بل إن قطبي مضى لأكثر من ذلك، وقال (هما قريبان جداً من صناعة القرار كما كان في الماضي.. كل ما في الأمر أنهما تركا العمل التنفيذي)
لكن حديثاً صحفياً لمدير جهاز الأمن السابق الفريق صلاح عبد الله (قوش) تعليقاً على ماتم.. يؤكد أنهما خرجا من الساحة السياسية تماماً.. حيث قال: وجود صراع بين علي ونافع هذه واضحة لرجل الشارع العادي، وأقول إن هنالك اختلافا في وجهات النظر، وخلافاً في طريقة العمل، والسياسات غير متوافق عليها، وهناك تضارب في طريقة العمل، ليس صراعاً شخصياً، لكن في طريقة إدارة العمل، وهذا أدى إلى توتر، وأضاف هذا التوتر تطور إلى تبعات ظاهرة للعيان، وهذه التبعات تقاس بآليات معروفة.

٭ مابعد الخروج
ومع ذلك فإن السؤال هل غادر طه ونافع نهائياً المسرح السياسي ؟ يظل يتجدد.. بالنسبة لطه فإن الحديث عن صراع بينه ونافع، وإن شئنا الدقة تضارباً في طريقة العمل كما قال قوش بائنة بشكل كبير، فعثمان عند فتح باب الترشيح داخل الوطني لاختيار مرشح للرئاسة، وبذكائه المعهود فاجأ الجميع ودعم البشير، وهذا قطعاً خصماً على نافع الذي تردد وقتها أنه حل ثانياً في قائمة المرشحين خلفاً للرئيس.

٭ لكن قرائن تقول إن الرجلين خرجا من السرح السياسي تماماً، رغم مساعٍ ًلنافع ليكون حاضراً على الأقل في منصبه كأمين عام لمجلس الأحزاب الإفريقية، فطه بات لا يشارك بشكل مقدر في الفعاليات المهمة، كما أن المحسوبين عليه خرجوا تماماً من الملعب أمثال صلاح عبد الله (قوش) ومن الولاة عبد الرحمن الخضر، عثمان كبر، كرم الله عباس، ومن الوزراء أزهري التجاني، بينما المحسوبين علي جناح نافع إما خرجوا تماماً مثل الولاة الزبير بشير طه، ويوسف الشنبلي ومحمد يوسف آدم والوزير أن السميح الصديق ومحمد مختار أو تغييرات الولاة أرخت قبضتهم مثل محمد طاهر أيلا.

٭ كما أن خروج الرجلين من مصلحة المؤسسة العسكرية خاصة وأنهما ضعيفا الصلة رغم سعي طه عند فجر الإنقاذ لتوطيد الصلة بها عندما (تجاهل) إخراج الترابي من السجن وظل يدير البلاد لستة أشهر مع العميد وقتها، عمر البشير، ولذلك كان طبيعياً أن يختاره الرئيس بعد استشهاد المشير الزبير محمد صالح في فبراير 1998 نائباً له.

٭ العودة مرة أخرى.
كما أن الجيش قطع عليهما الطريق وأصبح موجوداً داخل قيادة الحركة الإسلامية نفسها، ممثلاً في الفريق أول بكري حسن صالح نائب الأمين العام للحركة.
٭ عودة طه ونافع مرة أخرى تبدو عصية وعسيرة الهضم على كثير من قيادات الحزب، خاصة التي غادرت والتي تقبلت قرار الإبعاد، بعد أن رأت طه ونافع على رأس قائمة المغادرين.. أمثال د. عوض الجاز وأسامه عبد الله وعلي كرتي. كما أن عودتهما أو ظهور قرائن على وجودهما في (مطبخ) صناعة القرار يعتبر ردة عن مشروع التغيير الذي أعلنه الوطني، وطالب به إسلاميو الرصيف، وجاء في مذكرة الـ (ألف أخ) فضلاً عن أن الظهور مجدداً وخاصة طه سيكون مقلقاً لدول مجاورة وأخرى خليجية.

تقرير : اسامة عبد الماحد
صحيفة آخر لحظة


تعليق واحد