اسحق احمد فضل الله

الأولى آهـ.. يا حسين خوجلي


.. الأولى آهـ
.. والثانية آهـ
.. والثالثة آهـ
.. الأولى.. قبل شهرين.. حادثة اختطاف فتاتين في الشرق.. والجناة يضربون من كان يرافق الفتاتين ويعلنون أنهم من قبيلة كذا.
.. ونحدث يومها عن أن في الأمر شيئ يشبه المخابرات المصرية.. لإشعال الفتنة.
.. وما نحسبه.. يقع.
.. وأمس قالوا: اغتصاب إمرأة متقدمة في السن.
.. والحديث ينسب الجناة إلى جهة رسمية.
.. وما يكشف الأمر الأبله/ الأصابع المصرية/ هو أن مواقع الشبكة قبلها بيوم كانت تحدث عن
: نحن – قبيلة كذا – نلتقي مع قوات الدعم السريع ضد قبيلة كذا.
.. قبلها كنا نحدث (والى درجة وصف الاجتماعات – اجتماعات المخابرات المصرية – وأين كان يجلس فلان.. وفلان يديرون).
.. وقبلها نولع بالحديث عن شيئ يدبر للشرق.
.. و… الكلام يصبح عما يدبر للبلد كله.. ولضربه بجيش جنوده هم نحن.
.. وتحديداً قبائل الشرق.
.. وقبائل الرشايدة والبجا والبني عامر وغيرهم لو أنهم سمعوا ما يقوله المصريون عنهم.. لبصقوا في وجوههم.
.. لكن ما يحدث هو أن مخدوعاً من الرشايدة يفعل أو مخدوعاً من البني عامر أو الهدندوة – يفعل.
.. عندها يقال أن قبيلة كذا.. فعلت.
.. وما يحدث هو جزء من البحر الذي ينطلق في الشرق الأوسط كله لإغراق السودان.
.. ونكتب لنشرح المخطط.
.. ومرة تحت عنوان قاموس.
.. مرة تحت عنوان آخر.
.. ومرة تحت عنوان (وحريقة فيك).
.. والأولى آهـ.. والثانية آهـ.. والثالثة آهـ.. يا عمو حسين.
.. والرابعة نكتب نحدث أهل الصحافة حتى لا يصبحوا عود كبريت.. وهم يحسبون أنهم يحسنون.
(2)
.. ونقدم عمو حسين.
.. وحسين نحدثه بلغة أهل الفلاسفة.
.. عمو حسين خوجلي.
.. والشاميون بلهجة لذيذة ينادون ابن الأخ بلفظ عمو.
.. ويا عمو ….
.. فتاة.. طالبة تكتب إلينا تقول
: أستاذ اسحق
.. زميلة كتبت إليك قبل سنوات عن أنها – كيشة – تتلفت في أركان النقاش السياسي و….
.. وأنا أكيش.. فأنا أسمع وأجد أنني (أصدق) كل واحد.. و….
.. عمو حسين.. الفتاة نهم أن نجيبها ثم نعجز.
.. نعجز لأننا نجد أن السودان تحتاج صحافته وسياسته وبيع البصل فيه.. كل هذا يحتاج إلى لغة جديدة.. تغسل ما صنعته الصحافة بالعقول.
.. وما (يجيب) يجئ بـ.. حسين خوجلي هنا هو طرفة.
.. فأيام كنتم في الجامعة (ونعزيكم على السنوات) أحدهم هناك – في ركن النقاش – تشتبك معه شيوعية شرسة.
.. والفتاة تقول للناس
: الكوز (الأخ المسلم) دا.. الذي يدعو للدين.. (راودني) أنا نفسي.
.. والصاعقة..!!
.. ثم الصراخ.. والحشد يصرخ في الأخ المسلم المذكور هناك.
: رد… رد… رد…!!
.. والشاب يسكت لحظات ثم يقول.. كأنه مرتبك
: في الحقيقة آ.. آ.. الحقيقة.. أنا – راودتها عن نفسها – وهي استجابت!!.
.. والصاعقة الثانية تضرب.
.. وسياسة الملاكمة (والافحام) هذه هي ذاتها التي تعمل بها أحزابنا حتى اليوم.. حتى اليوم.
.. وحتى الآن – السياسة عندنا هي سياسة
(أديلو.. و.. كع …)
.. وقبل أن تغوص في دمي أغوص في دمك.
.. اما أن يصنع حزب مشروعاً أو خطة أو مصنعاً أو … أو فلا – لا.. لا.
(3)
.. حسين..
.. بعد يومين ثلاثة احتفالهم بالاستقلال (الستين).. ونحن في ستين استقلال!! احتفالهم هو ذاته احتفال البلدية – زمان – بالاستقلال.
.. البلدية كانت عندها (اصص) – قلل – فيها زهور.
.. فإذا كان احتفال صرخ المدير
: يا ولد طلع (الحديقة).
.. هذا هو الاحتفال كله.
.. لكن.. حسين..
.. بلد – حكوماته كلها ما يصنعها هو المخابرات الأجنبية ماذا يكون فيه.
.. حكومة عبد الله خليل (المصريون يقسمون الدوائر بحيث تصبح الأقلية هي من يكسب) وهذا يقع وحزب الأمة يحارب بالسلاح (في مارس).
.. وحكومة عبود (قالوا) ما يصنعها هو مخابرات مصر واسرائيل في أديس أبابا.
.. وأكتوبر.. ما يصنعها هو مخابرات الكنيسة لإنقاذ التمرد.
.. ونميري حكومته تصنع في العراق والاتحاد السوفيتي.
.. وضربة هاشم العطا ما يصنعها هو مخابرات السعودية.
.. وطائرة الدعم ما يسقطها في البحر هو مخابرات السعودية.
.. واعتقال زعماء في الحزب القادم من لندن يومها تصنعه مخابرات القذافي.
.. والانتفاضة.. و….
.. و…. كل حكوماتنا تصنعها مخابرات أجنبية.. كلها يا حسين.. كلها.
.. والمعارضة الآن – وعلناً – تقودها المخابرات ما بين باريس وحتى أديس.. حتى مصر.. حتى…. حتى….
.. هذا كلام نعود اليه.
.. والكلام الآن عن اللغة.. لغة الصحافة التي لا ترى ما تحت أنفها.
.. ولغة الأحزاب.. لغة الشعب كله.. الشعب المسكين الذي يظن بالصحافة ما يظن.
(4)
.. حسين..
.. الفتاة تسألنا
: كيف عزيتم فرنسا على ضربة باريس؟!.
.. وتقول ساخرة: ان شاء الله ختيتو الكشف.
.. عندها – زحام الكلام يجعلنا نلتفت إلى شيئ.. نلتفت الى جسم العقل السوداني المطروح علي الرصيف والخنجر في ظهره.
.. وما نلتفت اليه يفهمه أهل الستينات وأهل الفلسفة (أنت عجزت يا حسين .. وللا – لسه)؟!.
.. زحام الكلام يجعلنا نتذكر أن بودلير قال (في الستينات)
: (ليت الكلام كله يجتمع لي في جملة – أقولها واستريح).
.. والناس يعجبون بالجملة لأن كل أحد يريد الجملة هذه ذاتها.. ويعجز.. يعجز.
.. ونتذكر لوحة (جوجان) (الصرخة).
.. وفي اللوحة امرأة تصرخ الى درجة تكاد تجعل قماش اللوحة يتمزق.
.. والناس يعجبون باللوحة لأن كل أحد اليوم يشتهي صرخة تجعل أضلاعه تتطاير..!!
.. والجمع هذا يصل إليه بيكاسو في لوحة الحرب (الجرينادا) وفيها الرجل يرسم كل شيئ (ركام وحصان مقطوع العنق يصرخ بعيون جاحظة ويد مقطوعة تعصر مصباحاً.. وركام.. وركام).
.. وهيكل يا حسين – هيكل الكاتب الضخم كان هو من يصنع اللغة القاتلة هذه التي تصنع غطاء كثيفاً تحت جمجمة كل أحد.
.. ومدرسة هيكل تصنع ما تصنع بعده.
.. و…. و….
.. حسين.. نكتب الجزء الثاني من الحديث هذا.
.. نكتبه عن ناصر والترابي وصحافتنا و…. و…. وأحدهم يقرأه ويقول
: هل تشتمنا؟!.
.. آخ يا حسين.. عووك يا حسين.. شرررر – برررر – طم طم ياحسين.
.. كل ما يفهمه الرجل (المثقف) هو أننا نهجو.
.. الرجل اعتاد على أن يقول الناس لابن الكلب.
.. يا ابن ذلك المخلوق النبيل الشجاع الذي يدافع عن أصحابه حتى الموت.
.. حسين – أنا ذاهب الي قبري – فأنا عجوز.
.. وسوف أقول كل شيئ.. بلغتي أنا.
.. وشيل شيلتك.
.. فأنت وآخرون أفسدتم الصحافة باللغة الغريبة التي تسمى قهوة أبي نواس.. قهوة ابن الفارض.
.. ونقول.. ونقول.
.. وبنتي العزيزة.. فتاة السؤال.
.. نحن نشيل الفاتحة مع حكومة فرنسا لأن عيوننا – في عيونها تقول
: انتو عارفين .. ونحن عارفين.
.. فهمتي!!.
.. مدهش أننا نكتب هذا لتحمل الأبناء مشهد أمير قطر الخميس وهو يقول
: ندين الارهاب لكننا ندين سلطات القمع التي صنعت الارهاب.
.. واردوغان بعد أمير قطر يقدم شرحاً للجملة وهو.. وقبل بداية حديثه.. يرفع (شارة) رابعة العدوية.
.. وبعدها – وكأن شعوراً بضرورة اللغة الجديدة.. الزعيم التركي يعلن فتح جامعة (ابن خلدون) في تركيا.
.. ابن خلدون أعظم ما عنده هو أنه فهم لغة زمانه وكتب يشرح الأحداث باللغة هذه.
.. ونستمر يا حسين.