الحركة الإسلامية ماذا تقول؟

> تواجه الحركة الإسلامية السودانية عديد الأسئلة، وهي تتأهب لعقد مؤتمرها التنشيطي النصفي، وستطرح وتقول الكثير من الإجابات خلال المؤتمر الصحافي الذي يعقد اليوم يتحدث فيه أمينها العام وعدد من قياداتها ومسؤوليها، بيد أن النشاط الإعلامي الواسع والحوارات المكثفة للشيخ الزبير أحمد الحسن الأمين العام مؤخراً في الصحف والإعلام المسموع والمرئي، أعطت الكثير من الأجوبة، لكن تظل أسئلة الواقع والفكر والسياسة والاجتماع حاضرة ومتنوعة وكثيفة وملحة، في هذا الظرف الدقيق الذي تمر به الحركة داخل السودان، والحركات الإسلامية الأخرى وتياراتها في الوطن العربي والعالم الإسلامي.
> ولا يختلف اثنان أن تقييم تجربة الحركة في الحكم ولوازمها وتحدياتها، وتجديداتها في منهجها وفقهها، ستكون هي أهم قضايا المؤتمر التنشيطي، ويبنى التقدير والتقييم والتقويم لها، بناء على معطيات حقيقية هي جوهر كسب الحركة وانشغالاتها بقضايا الواقع والمجتمع.
> ويظن بعضاً من الناس، أن الحركة ابتعدت عن دورها الرئيس الذي كانت عليه، واستكانت وهي مردوفة وراء الحكومة وحزبها الحاكم ورضيت بدور ثانوي أو هامشي غير فاعل، وهذا للزعم مهما كانت شواهده، كذبته الأيام والوقائع والأحداث، فمنهج الدولة وسياساتها وبرامجها، تصدر من مشكاة واحدة مع توجهات الحركة وبرامجها وغاياتها، ومن غير الممكن الفصم بينها، لكن الواضح أن الحركة لم تقيِّد نفسها بقيد في كاحلها أو معصمها يجعلها مربوطة إلى الحكومة والمؤتمر الوطني، فهي أكبر من أن تكون حزباً حرفته السياسة وتدوير دواليب الحكم، وهمها أكبر من الاشتغال بما يتوجبه العمل السياسي العام، ورسالتها أعمق وأخطر من أية رسالة يمكن أن يقوم بأعبائها حزب أو حكومة.
> تقع على عاتق الحركة مسؤوليات جسام تتعلق بالتغيير في نظم وسلوك وتوجهات المجتمع، وإعادة صياغة محفزاته نحو البناء والنهضة والإصلاح والصلاح، وعليها أحداث الثورة الكاملة وجوهرها هو الإنسان الساعي لتأصيل صناعة الحياة وفق مفاهيم الدين الخاتم وبناء الإنسان وتأهيله للقيام برسالته على هدى سليم ومنهج قويم .
> تجربة الحركة الإسلامية في السودان، وهي قابلة للنقد والاستخلاص منها، يجب النظر إليها بأنه اجتهاد يخطئ ويصيب، ما لها إلا ما سعت، فقد بذلت ما تستطيع وهي تعاند الظروف والبيئة المحلية والمناخ الإقليمي والدولي حولها، ولولا أن «عظمها قوي»، لكانت الحركة الإسلامية السودانية اليوم في «خبر كان»، ولانتهت مسحوقة تحت الأقدام بفعل المؤامرات والضغوط وتكالب الأعداء وتهاون الأصدقاء.
> فإذا كان المؤتمر التنشيطي وما سيقدم من إجابات وأفكار جديدة ستظهر ملامحه في المؤتمر الصحافي للأمين العام ورهط من القيادات اليوم، فالأحرى بكل مهتم بشؤون الحركة وتجربتها، أن ينظر بموضوعية فاحصة لحجم التغيير الذي أحدثته الحركة في المجرى العام للحياة السودانية والتغيير الكبير الذي طرأ في الشؤون العامة للدولة والمجتمع، فما نجحت فيه يجب أن يكون محل تقدير وما فشلت فيه وأخفقت، تتم فيه الدعوة للتصويب والإصلاح والانتفاع من أجر الاجتهاد الخاطئ.
> في هذا الصدد يخشى الكثيرون على الحركة من عظم التحديات والعقبات التي أمامها، والصعوبات التي تواجهها. فقضايا الواقع صارت أعمق وأكثر غوراً، والهجمة الشرسة العنيفة على الحركات الإسلامية أصبحت الأشد قسوة وافتراساً. فالعدو المتربص يبذل كل ما في وسعه لضرب الإسلام وحركاته واقتلاعها من تربتها التي نبتت عليها وهي بنت هذه التربة وليس لها من موطن غيرها، ويجتهد العدو المتربص في إيجاد كل الذرائع والمبررات والوسائل للقضاء على الحركة ومحاصرتها لاستئصالها ومحو وجودها.
> فالمطلوب خطاب متجدد للحركة الإسلامية يتضمن مواقف وقواعد وأفكار تخاطب مطلوب الواقع وتناقش قضاياه وتؤسس لتعاطٍ خلاَّق مع هذه القضايا، خاصة المتعلقة بالسياسة وما يختص بالمجتمع والاقتصاد والسياسة والعلاقات الخارجية ومعضلات الهوية وغيرها من الأمور الملحة حتى لا ينظر بعضنا لبعض، ونصيح جميعاً «انظروا الى ملكنا العريان»..

Exit mobile version