عثمان ميرغني

عايره.. وأدوها سوط!!


كلمة واحدة لو نطق بها وزير المالية أمس أمام البرلمان لجلبت له عاصفة من التصفيق الحاد وربما الدموع المسكوبة لتسجل له في التاريخ موقفاً لا ينسى..
عبارة واحدة فقط لو أنهى بها بيانه.. فقط لو قال (بذا أقدم لكم استقالتي).. فالبيان الذي ألقاه وزير المالية بدر الدين محمود أمام البرلمان أمس يصلح ليكون (بيان استقالة) الوزير.. لا بيان تقديم موازنة العام القادم..
وزير المالية قال إن الحكومة سترفع الدعم مع بداية العام القادم.. في القمح والمحروقات والكهرباء.. وبعد أن رسم لوحة قاتمة حالكة للوضع الاقتصادي.. وبجرأة يحسد عليها.. وجه الوزير اللوم إلى الشعب السوداني.. لأنه (مستهلك وعاطل عن العمل).. ولمزيد من النكاية في الشعب (العاطل) طلب وزير المالية من البرلمان أن يبتدر حملة لإيقاظ الشعب السوداني من سُباته ليتحول إلى الإنتاج بدل الاستهلاك.. تصوروا!! أين وصل بنا الاستخفاف!!
تخيلوا أن تسمعوا غداً بحملة البرلمان تحت عنوان: (صح النوم يا شعبنا)..
عن أي شعب يتحدث وزير المالية.. عن نصف شعبنا الذي هاجر إلى الخليج أم نصفه الآخر في بقية دول العالم بما فيها إسرائيل.. أم يتحدث عن الشعب (الفضَّل) داخل البلاد لا لسبب لأنهم لم يجدوا فرصة اغتراب أو هروب أو لوتري.. وربما ينتظرون على أحرَّ من الجمر هذه الفرصة.
عن أي شعب يتحدث وزير المالية..!!
ويبلغ الاستخفاف بوزير المالية ذروته وهو يتعهد أمام البرلمان بــ” تحسين الوضع المعيشي للمواطنين في العام المقبل، من خلال إجراءات وسياسات لتأمين توفير السلع الغذائية، وترشيد الإنفاق الحكومي، وتقليل المصروفات الإدارية، فضلا عن خفض معدلات التضخم وتوفير النقد الأجنبي).
أما يزال الوزير يُصر على خديعة الشعب السوداني بعبارة (ترشيد الإنفاق الحكومي).. أليست هي ذات العبارة التي قيلت على مدى سنوات وما يزال الإنفاق الحكومي يزداد كل سنة.. وكأنما الحكومة تقتات من خزينة أخرى غير تلك الخاوية المعروضة على الشعب في كل ميزانية.. ففي كل عام يزيد ثقل وزن الحكومة رأسياً وأفقياً.. وتتمدد بلا كابح..
فجيعة الشعب ليس في الأزمة الاقتصادية فهي مقدور عليها.. لكنها في ساسة أدمنوا الاستخفاف بالشعب وكأنهم يفترضون أنه مُصاب بالزهايمر يصدق في كل عام بيان وزير المالية عن موازنة العام الجديد.. التي وقبل أن يجف الحبر الذي كتبت به تنقضها الحكومة وتعمل وفي معطيات وأرقام أخرى من وحي الخيال..
ليت وزير المالية ينهي بيانه بكلمة (استقالة) حتى يستيقظ الشعب النائم ويصفق له.
بكل أسف الحكومة هي التي (استهلكت!!) كل رصيدها من الحجج والأعذار بل والاستخفاف بالشعب..


تعليق واحد

  1. دا ما استحفاف با استاذ عثمان . . نحن فعلا شعب يستهلك اكثر مما ينتج
    ” ودى حقيقة “والسيد الوزبر وضع النفاط على الحروف من الان عشان الحكومه تشوف ليها
    صرفه وما تتفاجأ الحكومة ونحن فى بداية العام الفادم بعدم وجود الكهرياء ووو
    لو فال كلو تمام يا فندم