تحقيقات وتقارير

أسرار وخبايا تأجيل المؤتمر السادس.. ومن هو السكرتير القادم؟


لدقائق ظلت أكف الحاضرين للمؤتمر الخامس للحزب الشيوعي تلهب بالتصفيق حينما وقف “د. الشفيع خضر” في (قاعة الصداقة) بالخرطوم قبل نحو ست سنوات، معلناً بداية المؤتمر الخامس للحزب (الشيوعي السوداني) بعد غياب نحو أربعين عاماً من قيام المؤتمر الرابع في 1967م، وقتها عمل “الشفيع” مع كثير من اللجان ونشط بشكل واسع في الترتيب لقيام المؤتمر الخامس، وحينها كان اسم “الشفيع” يتردد كثيراً ليس لكونه كان مرشحاً صلداً ضد السكرتير التاريخي للحزب وقتذاك “محمد إبراهيم نقد”، ولكن لأنه كان يحظى بقبول واسع من التيارات الشبابية داخل الحزب وشباب الجامعات كونه كان يقود ثورة تجديدية داخله، مستعيناً بقدرات عالية في التفكير والتنظير، بالإضافة إلى وجود إعلامي وكاريزما من نوع خاص، ولكن تم اختيار “نقد” سكرتيراً جديداً للحزب، ثم بعد سنوات قليلة فارق الحياة، وتوجهت الأصابع نحو اسم “د. الشفيع خضر” مجدداً كأقوى المرشحين لخلافة “نقد”، ولكن تفاجأ الناس باختيار الكادر التوافقي “محمد مختار الخطيب”.
قبل سنوات طويلة بدأت تحضيرات الحزب (الشيوعي) لقيام مؤتمره السادس، وبدأ قاد الحزب في التصريح أن الترتيبات تمضي بشكل جيد حتى تحدد مؤخراً في الرابع والعشرين من هذا الشهر، ولكن دون انتظار تفاجأ الناس بقرار إيقاف خمسة من كوادر الحزب وإصدار قرار بتشكيل لجنة تحقيق معهم بعد ثبوت نشاطهم في اجتماعات، قال السكرتير العام الخطيب إنها عقدت خارج الأطر التنظيمية.
وأوضح “كل ما حدث وصول معلومات للجنة المركزية المنعقدة، الجمعة الموافق 30 أكتوبر 2015م أن عدداً من كادر وعضوية الحزب لا يتعدى عددهم خمسة أعضاء عقدوا اجتماعاً لمناقشة قضايا داخلية خارج الأطر التنظيمية”، وأضاف “عالجت اللجنة المركزية الأمر وفق دستور الحزب بإيقاف الزملاء المعنيين وكونت لجنة لتقصي الحقائق”.
وكانت تقارير صحفية نسبت لمصادر قولها إن قرار الإيقاف شمل عشرين من قيادات الحزب بينهم “الشفيع خضر، حاتم قطان، د. محمد سليمان محمد، فيصل بشير، وهاشم تلب”.
دواعي التأجيل
إيقاف “د. الشفيع” في هذا الوقت بالذات تدور حوله كثير من التساؤلات رغم أن قيادات الحزب لا تفتأ من التذكير بأن الإيقاف ليس عقوبة وإنما إجراء عادي، إلا أن مصدراً بداخل الحزب (الشيوعي) أكد في حديثه لـ(المجهر) أن الإيقاف ليس مجرد إجراء روتيني عادي حتى نهاية أمد التحقيق، معتبراً أن الإيقاف في حد ذاته عقوبة، لافتاً إلى أن الإجراء يمنعه من ممارسة نشاطه داخل الحزب، مدللاً بأن القانون الجنائي عندما يوقف أحداً إلى حين اكتمال التحقيقات في قضية ما، فإنه بذلك يدخله ضمنياً داخل دائرة العقوبة، وأن فترة حبس المتهم في القانون الجنائي تخصم من سنوات العقوبة في حال وقعت عليه وهو بذلك يعد عقوبة وليس إجراء، ولكن في حال تجاوزنا الظرف التنظيمي الذي اقتضاه إيقاف تلك الكوادر، وبالنظر إلى الظرف الزماني الذي يسبق قيام المؤتمر العام السادس الذي جعل كثيراً من المراقبين يرشحون “د. الشفيع خضر” للسكرتارية العامة للحزب، تعتبر من الأمور التي يدور حولها تساؤل ملح، وساهم هذا الإجراء وإجراءات أخرى في تأجيل قيام المؤتمر العام، فبحسب الناطق الرسمي باسم الحزب “يوسف حسين” الذي تحدث لـ(المجهر) أمس قال إن اللجنة المركزية قررت تأخير المؤتمر إلى بعض الوقت (دون تحديد زمني) إلى حين استكمال بعض التحضيرات، وعند سؤاله عن أن إيقاف “د. الشفيع” وآخرين من ضمن الأسباب رد بالإيجاب، إلا أنه عاد وأكد أن “د. الشفيع” سيكون حاضراً في المؤتمر العام، مبيناً أن التأجيل سوف يتيح الفرصة أيضاً لحسم قضية إيقاف “الشفيع” وبقية القيادات التي قال إن التحقيق بدأ فيها، مجدداً التأكيد في الوقت ذاته على أن التوقيف ليس عقوبة أو إبعاد من الهيئات القيادية، واصفاً إياه بالإجراء التنظيمي.
وربما يكون هذا سبباً منظوراً ضمن الأسباب الأخرى التي أجلت قيام المؤتمر العام، ولكن مصدراً من داخل الحزب يعتقد أن مشكلة (التسريبات) التي اطلعت الصحف السيارة على خبر إيقاف قادة الحزب هو ما يؤرق بال الحزب حالياً، وما يعرف عن الحزب (الشيوعي) دقته البالغة في تأمين قراراته التي تصل حد الهوس في بعض الأحيان من الاختراقات، جعلت من تأجيل قيام المؤتمر العام في الوقت الحالي أمراً إضافياً يضاف إلى تلك الأسباب التي دفع بها الناطق الرسمي للحزب.
صراع سكرتارية الحزب
بعد رحيل “محمد إبراهيم نقد” كان “د.الشفيع” من أقوى المرشحين لخلافته على سكرتارية الحزب الشيوعي، وبرزت إلى جانبه عدة أسماء منها “يوسف حسين”، إلا أن الجميع تفاجئوا باسم “محمد مختار الخطيب” الكادر العمالي الذي اشتغل وسط الفلاحين وخبر المعتقلات والرجل التوفيقي الذي يحظى باحترام كثير من القيادات والقواعد، وبالمقابل فإن “الشفيع” كان له معارضون، وذات الأمر ينطبق على “يوسف حسين”، ولكن من سيخلف “الخطيب” على سكرتارية الحزب وسيتم اختياره في سكرتارية اللجنة المركزية؟
مع استبعاد اسم “الخطيب” السكرتير الحالي المؤقت للحزب، لأن المؤقت لا يأتي رئيساً، يتصدر قائمة الترشيحات “د. الشفيع خضر” الرجل الذي لديه اتجاهات نحو تحديث الأطر الفكرية والتنظيمية داخل الحزب (الشيوعي)، والذي يسعى جاهداً قبل ذلك لتغيير اسم الحزب (الشيوعي) وتغيير قضايا ذات طابع فكري وفلسفي خاصة تلك المرتبطة بانهيار المعسكر الشرقي، بالإضافة إلى أنه يتمتع بنفوذ قوي للغاية وسط الفئات الشبابية والطلابية، كما أنه كادر جماهيري ومفوه في الخطابة وفكري ويتمتع بعلاقات واسعة مع بقية الأحزاب، ولديه قدرات تنظيرية وكاريزما من نوع خاص، وظل لفترات طويلة مرشحاً استثنائياً لهذا المنصب، وخرج من المنصب خلال المؤتمر السابق بسبب قيادته وتكتل داخل الحزب مع مجموعة شبابية، ورغم أن حظوظه تبدو الأكبر والأقرب للمنطق، إلا أن ثمة شخصية يعرفها العالمون ببواطن الأمور داخل الحزب (الشيوعي).. شخصية يبدو أنه تم إعدادها بعيداً عن أعين الإعلام لتقلد المنصب، وتبدو حظوظه مماثلة لحظوظ “د. الشفيع” أو أكثر منه قليلاً، وهو “فتحي فضل” الذي يلقى دعماً واضحاً من مجموعة (براغ) التي تنشط داخل الحزب (الشيوعي)، وهي مجموعة درست بجامعة (براغ)، وتعتقد المصادر أن “فتحي فضل” يحظى بتأييد واسع من الرجل القوي في الحزب “علي الكنين” الذي يشغل وظيفة السكرتير التنظيمي داخل الحزب، و”فض” غير معروف في الأوساط الإعلامية المحلية، وهو كاتب راتب بصحيفة (الميدان)، تقلد عدداً من المناصب الحزبية بالخارج، واشتغل في العمل العلني والتنظيمي، ولكنه ليس جماهيرياً مثل “الشفيع” الذي يتمتع بغطاء جماهيري وشبابي واسع داخل الحزب، ولكن الصراع التنظيمي الذي يقوده “الكنين” يمكن أن يلعب دوراً حاسماً في أيلولة السكرتارية العامة للحزب لـ”فتحي فضل”.
تحديات مؤتمر
كان التحدي الماثل أمام الحزب (الشيوعي) طوال العقود السابقة هو عقد مؤتمره الخامس الذي يبدو أنه جاء دون تطلعات قاعدته التي كانت تنتظر منه مناقشة عدد من القضايا الفطرية الملحة والماثلة، ولكنه اهتم بالتفاصيل السودانية وغلب عليه طابع (الترضيات) والحل الجودي لكثير من المشاكل، ولم يعمل فيه الحزب أدواته الناقدة التي عرف بها، وربما أن ما ينتظر المؤتمر السادس القادم من قضايا لا تبتعد كثيراً عن تلك التي كانت في مؤتمره السابق، ولعل القضايا التي أشار إليها “يوسف حسين” في حديثه لـ(المجهر) أمس أن المؤتمر سوف يناقش في تقريره السياسي كل مستجدات الساحة السياسية السودانية، إلا أن ثمة أمور أخرى لا تزال معلقة سوف تتصدر أولويات المؤتمر السادس، من ضمنها الاتفاق حول قرار موحد لعودة المفصولين والمجمدين من الحزب الذين يعدون بالآلاف، وهو أمر لم يتم حسمه في المؤتمر الخامس، كما أن الاتجاه السائد الآن داخل الحزب هو محاولات للالتفاف حول الماركسية كمنهج للتحليل، وأوضح المصدر أن المؤتمر بصدد إعادة تقييمها من جديد داخل المؤتمر السادس، كما أن كثيراً من المتفرغين للعمل بالحزب سوف يخضعون للمراجعة خلال المؤتمر السادس، فأغلب المتفرغين عاصروا عقوداً طويلة للغاية داخل الحزب وهناك اتجاه لإعفائهم، بيد أن الاتجاه الغالب هو أن من أفنى زهرة شبابه في الحزب لا يمكن أن يتم التخلي عنه بهذه السهولة، وأن أفضل تكريم لهم هو وجودهم داخل الحزب وإسناد مهام تنظيمية أو سياسية لهم.

المجهر السياسي


‫3 تعليقات

  1. عييييييك…هو الناس دى لسع قاعدين …. الحزب الشيوعى …. والكادر العمالى …والرفيق…الفاظ من زمن الستينات … والاظرف مصطلح مجموعة براغ …. حاجة تضحك …يا ناس الدنيا اتغيرت والعالم بقى حاجة تانية …والحيطة وفعت..حيطة برلين ، ولا ما سمعتو بيها .مت هى اى حيطة مائلة لازم تقع …وما فى حاجة مائلة فى الدنيا دى اكتر من حزبكم واسم حزبكم وفكر حزبكم

  2. انا شايف الحزب الشيوعي دا احسن من حزب المؤتمر الوطني والكيزان عامة. .ولو حكموا السودان ب ضو مايقسمو السودان زي ماعامل عمك بشكير

  3. اخونا زكريا ادم
    تحياتي
    الشيوعيون ديل الله لا جاب لينا يا زول ديل الكيزان جنبهم ملايكه
    ابو عبد الله علي
    سلامات
    يا اخي ما قلت لي الحيطه دي وقعت في قفا منو ؟؟؟ الشرقيه ولا الغربيه