تحقيقات وتقارير

الفجوة الغذائية.. إهمال الأولويات


وصف عدد من الخبراء ما يقال عن أن السودان سلة غذاء العالم بـ(الكلام الكبار).. وأضافوا أن الأمم المتحدة تتحدث عن 5 ملايين طفل مصابين بسوء التغذية في السودان، وعدوها درجة من درجات المجاعة، ما يتناقض مع شعار سلة غذاء العالم، وحملوا السياسيين مسؤولية ما نحن فيه الآن، باعتبار أنهم أهملوا الجانب الاقتصادي وحولوا الموارد لدعم السياسة..

وقال الخبير الاقتصادي عبدالله الرمادي: إن الفجوة الغذائية حقيقة ماثلة وأكدتها الحكومة، وذكرت أن هناك نقصاً في بعض السلع الضرورية والاستراتيجية كالقمح، بل هناك فجوة في السكر قدرت بحوالي 600 آلاف طن للعام القادم.. وهناك عجز واضح في الإنتاج الزراعي بصفة عامة حتى نضطر الى استيراد سلع كالطماطم من اثيوبيا، ومن الصين في شكل صلصة، بالإضافة الى استيراد الثوم..وأضاف إن أهم صورة من صور الاختلال أن البلاد تدار من منظور سياسي فقط، بمعنى أن كل امكانات البلاد مسخرة لخدمة السياسة، وأهملت الأولويات الاقتصادية ومن ثم أخذ الاقتصاد في التدهور شيئاً فشيئا الى أن وصلنا الى هذا الدرك المتدني، والذي يعكسه العجزالمزمن في الإنتاج الذي انعكس سلباً على ضعف قدرات الاقتصاد على التصدير، فاتسع العجز في الميزان التجاري، بالتالي في ميزان المدفوعات، مما أفرز ضعفاً في قدرات البلاد على الحصول على العملات الأجنبية..

مما نتج عنه تدهور العملة الوطنية وقال الرمادي في الجانب الآخر: هناك صورة أخرى من صور اهمال الاقتصاد تمثلت في إهمال المشروعات الإنتاجية الحيوية في البلاد، ولا سيما القطاع الزراعي وأضاف أن أكبر مثال لذلك مشروع الجزيرة الذي امتدت إليه يد التخريب، فتعطل عن الإنتاج وطالب الحكومة بإعادة النظر في أولوياتها المختلفة، والاهتمام بدعم المؤسسات الاقتصادية، ووضع الكفاءات الاقتصادية ذات المعرفة والمهنية العالية لإدارة الاقتصاد، حتى نخرج من هذا الوضع المتدني الذي أدخلنا فيه السياسيون..
ويرى الخبير الزراعي حسن سيد احمد أن الحكومة منذ فترة طويلة أعلنت شعار نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع.. مشيراً الى أنها استخدمت قرارات غير حكيمة وغير مدروسة في هذا الإطار، خاصة القرار الخاص بتقليص مساحات القطن في مشروع الجزيرة واستبدالها بزراعة القمح، إلا أنه قال إن إنتاجية القمح في الجزيرة ظلت متدنية ولم يتم التركيز على المناطق ذات الإنتاجية العالية في الولاية الشمالية، فكانت النتيجة نقصاً في زراعة القطن كمحصول نقدي مهم، بالتالي نقص إنتاج القطن للأسواق العالمية، وفي نفس الوقت ارتفاع تكلفة إنتاج القمح لزراعته بالري الإنسيابي.. وفي أمريكا ومناطق إنتاجه يزرع بالأمطار.. وأشار الى ضرورة التركيز على المحاصيل التي نمتلك فيها ميزة نسبية والعمل على تصديرها، ومن ثم استيراد سلع لا نملك فيها اي ميزة نسبية.

أما الخبير الاقتصادي دكتور عز الدين ابراهيم قال: من الواضح أن هناك فجوة في الحبوب الغذائية خاصة القمح والذرة والدخن، وهذه الفجوة موجودة منذ التسعينات، حيث حدث تحول كبير من الذرة والدخن الى القمح.. وقال إن الحكومة أحد أسبابها، وذلك أدى الى تحول المواطنين من الحبوب التقليدية.. مشيراً الى أنها دعمت القمح وجعلته أرخص، مما جعل الكثيرين يتحولون الى تناول الخبز حتى في المؤسسات الحكومية.. ء وقال: إن السودان يستورد حوالي مليون ونصف طن من القمح، وينتج 20% من حوجتنا..

وأضاف أن هناك مشكلة تواجه إنتاج الذرة باعتبار أنها تعتمد على الأمطار، وهذا الإنتاج يتذبذب ويتقلب على حسب الأمطار.. مضيفاً أن الإنتاج العام الماضي كان كبيراً، ولم تجد الحكومة مخازن لتخزينه، وكان من الممكن الاستفادة منه هذا العام.. وأضاف قائلاً: سبب آخر من أسباب الفجوة التي تعاني منها كثير من الدول حولنا، حيث تعاني من مجاعات.. مشيراً الى أن اثيوبيا يوجد بها 8 ملايين شخص معرضين للمجاعة، و4 ملايين في دولة جنوب السودان.. قائلاً: إن هذه الأعداد مرشحة للزيادة..
مما يؤدى الى تهريب الذرة التي تطرح في الأسواق فتذهب لهذه البلدان بأسعار عالية.. وأشار الى عدم الواقعية فيما نقول.. مشيراً الى أن الامم المتحدة ذكرت أن السودان يوجد به 5 ملايين طفل يعانون من سوء التغذية وهذه درجة من درجات المجاعة.. وفي نفس الوقت نتحدث عن أننا سنغذي العالم، .. وقال: نحن نقول (كلام كبار) باننا سنغذي العالم ونحن لا نستطيع أن نوفر الغذاء لأنفسنا..
داعياً الى العمل بالقرآن في هذا الإطار وتخزين الإنتاج في السنوات ذات الانتاجية العالية للاستفادة منه عند تدني الإنتاج، لكنه قال إن معظم الصوامع موجودة على شريط النيل.. واشكالات نقص الغذاء تحدث في غرب السودان.. مشيراً الى عدم وجود صوامع في تلك المناطق داعياً الى توفير أوعية تخزينية كافية.

تقرير : اشراقة الحلو
صحيفة آخر لحظة