أم وضاح

كفيل يلمني ولا وزير يذلني!!


والعربة الهايس العتيقة تتهادى أمامنا مشياً بطيئاً ومتقطعاً والدخان الذي ينبعث من عادمها بين الفينة والأخرى يدل على أنها تتنفس غضب السنين وتحكي كم من المسافات قطعت تعباً وجهاداً من أجل لقمة العيش الشريف لصاحبها، ورغم أنها ظلت بهذا الحراك البطيء تعطل من حركة الشارع، لكنني لم أتبرم أو أتضايق كما يحدث حينما أجد أمامي سائقاً يمشي الهوينى وعلى مهل مش لأني ما كنت مستعجلة، لكن سرح بصري ودخلت عالم تاني وأنا أقرأ بضع كلمات مكتوبات على زجاجها الخلفي لخص بها من كتبها، وهو بالتأكيد صاحب المركبة، تفاصيل حياة طويلة عريضة تصلح لأن تكون فيلماً سينمائياً سيحصد الملايين من المشاهدين والمتابعين.. والعبارة المكتوبة باللون الأبيض والخط الذي بدا لي كأنه خط الاستواء سخونة وحرارة، كانت (هايس تلمني ولا كفيل يذلني)، ويبدو أن الهايس التعبانة هي حصاد السنوات لسوداني أغبش جمع ثمنها حصاداً لغربة لم تكسر كبرياءه وعزة نفسه، وما صدق أن اجتمعت عنده شوية ريالات حتى وعاد بها إلى أرض الوطن لتكفيه الهايس وأسرته شر الحاجة ومذلة السؤال وتمنحه بضع لقيمات يقمن صلبه وعياله دون رفاهية ولا فخفخة، ولا حظ من متاع الدنيا الزائل، مكتفياً بأن حفظ ماء وجهه بهايس تلمه ولا كفيل يذله.
هؤلاء هم السودانيون الذين وصفهم وزير المالية بأنهم عطالى يستهلكون ولا ينتجون، في أكبر إساءة يمكن أن يوجهها مسؤول لشعبه وأمام ممثلي شعبه داخل البرلمان، الذين لا أدري كيف صمتوا وسكتوا على هذه الإهانة دون أن يطالبوه باعتذار علني للشعب السوداني الذي يدفع فاتورة رفاهيتهم من عرقه ومعاناته وخاطره المكسور!!
أنا شخصياً أثرت فيّ جداً هذه العبارة وحاولت وبفضولية مطلقة أن استفسر صاحبها عن ما خلف المكتوب وما وراء هذه الكلمات، لولا أنني فجأة فقدته في أحد تفرعات إشارة المرور ليختفي عن ناظري شخصه، لكن ظلت اللوحة مرسومة تحكي وستظل تحكي عزة هذا الشعب وسمو ونبل أخلاقه، لكنه للأسف عامل زي شقي الحال الوقع في القيد، ورغم الصبر والامتحانات والابتلاءات كمان جابت ليها (إساءات) ووزير المالية يعلق فشل سياساته في رقبة المواطن والرجل ومنذ تعيينه ظل صامتاً ساكناً ليسكت دهراً وينطق كفراً، وهو الذي صرح في أيام تكليفه الأولى بالحلول التي ستعيد للاقتصاد السوداني عافيته، ويومها استبشرنا، لكن “طلع أحمد يا هو ذاتو حاج أحمد” وهو يستدعي الحلول القديمة، لكن الجديد هذه المرة أن الرجل حمل فشله للمواطن السوداني الذي يرتضي ضنك هايس تعبان يلمه ولا رفاهية كفيل يذله، ويبدو أن كاتب العبارة قد استجار من الرمضاء بالنار، والذلة هذه المرة جاءته من الذي نسي أنه في أيام تكليفه الأولى والفرحة بالمنصب أقسم إنه سيكون رحيماً بالمواطنين، ليبدأ الرجل الوعود التي اتضح أنها آنية وغير صادقة، حين قال إن التحصيل الإلكتروني سيكمل ولاية الدولة على المال العام لتمتد أمامنا مساحات (الأمل السراب) التي يقف في منتصفها وزير المالية الأنيق ويقول إن الشعب السوداني عاطل وكسلان وغير منتج.. وبما أنه زمن تعاطي حبوب منع الخجل فانتظروا من سيقف في البرلمان ليقول إن الشعوب السوداني هو السبب في فشل مشروع الجزيرة، وموت الخطوط البحرية والنقل النهري و”سودانير”.. وبطريقتكم دي ح تنقلب الآية عند الكثيرين لتصبح “كفيل يلمني ولا وزير يذلني”.. ولك الله يا بلد.
{ كلمة عزيزة
رغم حديث الوزير الذي يبدو أنه متأكد منه (مش هو الوزير المسؤول) أن أزمة الغاز قد انتهت ولا مبرر للصفوف، إلا أن ما يحدث على أرض الواقع غير ذلك، فما زالت أزمة الغاز مستمرة.. في العموم ما عايزين (نعصر) على الوزير، ورينا يا سعادتك الغاز المتوفر ده نلقاه وين؟؟
{ كلمة أعز
السيد والي الخرطوم وعد المواطن بأن الصيف القادم سيكون بلا قطوعات مياه، والسيد وزير الكهرباء وعدنا قبل عام أن الصيف سيكون بلا قطوعات كهرباء.. والذي حدث أن الكهرباء كانت تقطع صيفاً والآن تقطع شتاءً، فقط بقي لنا هواء الله الما نظرتوا فيه!!


‫2 تعليقات

  1. كفيل يلمنى ولا هايس .. هايا ناس . كلام السيد الوزير يعني الانتاج والانتاج وما في حكومة وتلتين الشعب يحكي في السياسة والتلت التالت (صحفيين) . اللهم لطفك. نعم انا مع السيد الوزير وهو لايعني أن يذل الشعب والقصد الكبير والاستراتيجي أن ينزل الشعب للعمل والانتاج و 3 مشروع الجزيرة مؤجر من قبل قبائل تريد أن تعمل او لحاجة في نفسها والتلت المعطل اصحابو يعملوا في السياسة

  2. يا أستاذ عبد الله إنت تتفق مع الوزير ايدك جيب العمل وشوف لو ما جوك بدل الواحد مليون من الذي يخلق المشاريع مش هي الحكومة