تحقيقات وتقارير

قضية الردة.. أصابع الاتهام تتجه لجماعة بوكو حرام


فجر المتهمون في قضية الردة مفاجآت مثيرة خلال جلسة استجوابهم أمام قاضي محكمة جنايات الكلاكلات جنوب “عبدالله عبدالباقي” أمس (الأربعاء)، كشف المتهمون – أثناء الاستجواب – انتماءهم لجماعة “بوكو حرام”، واقروا بما نسب إليهم من اقوال في محضر تحريات النيابة والاعترافات القضائية بإنكارهم للسُنة والأخذ بالقرآن فقط، مؤكدين أن الوضوء يكون بغسل اليدين والوجه مع مسح الرأس دون المضمضة والاستنشاق، ولا يرفعون الأذان، فقط يكتفون بترديد (الصلاة، الصلاة، الصلاة) والإقامة تكون بـ “بسم الله الرحمن الرحيم، الله أكبر”، أكدوا بأنهم لا يعرفون السُنة وإيمانهم المطلق بالقرآن، إلا من اثنين شطب البلاغ في مواجهتما لعدم كفاية الأدلة، عقدت جلسة وسط إجراءات أمنية مشددة وحضور لافت لممثلي سفارات دول أوربية بينها بريطانيا ومندوب السفارة الأمريكية بالخرطوم، واستغرقت الجلسة نحو ثلاث ساعات استمع فيها القاضي إلى اقوال (27) متهما قبل أن يصدر قرارا بإسقاط التهمة عن متهمين اثنين، وتحديد جلسة اليوم (الخميس) لتوجيه التهمة لبقية المتهمين.
وتمسك المتهمون باقوالهم فيما يعتقدون – حتى أنهم لم يكلفوا محاميا للدفاع عنهم في بادئ الأمر -، إلا من بعض المحامين الحقوقيين الذين تقدموا للدفاع عنهم.

الخرطوم: مصعب الهادي
استجواب
بدأت الجلسة بالعبارة الأشهر (محكمة) قبل أن يأمر القاضي الحضور بالجلوس ويفتح أوراقه لتدوين اقوال المتهمين في القضية التي ملأت الدنيا وجذبت انتباه الرأي العام المحلي والدولي باستجواب المتهم الأول، واجه خلالها القاضي “عبدالله عبدالباقي” بما نسب إليه وفق يوميات التحري، ليقر خلاله المتهم بما ذكر، وجه القاضي بقول ما حدث فقال: الحاصل كنا في ندوة بنحو الساعة 8 مساء بميدان يقع بالقرب من سوق “قورو” بمنطقة مايو لقراءة القرآن، يدرسنا خلالها “الشيخ عبدالرحمن” فهو يقرأ القرآن ويفسر ذلك، قاطعه القاضي متسائلا عن صحة التهم الموجهة، ليقول: نعم نحن نعترف بالقرآن فقط دون السُنة، فالوضوء لدينا يكون على النحو التالي: غسل اليدين والوجه مع مسح الرأس دون المضمضة والاستنشاق، وللأذان بنقول: (الصلاة، الصلاة، الصلاة) ثلاث مرات، وعند سؤاله عن عدد ركعات صلاة الجمعة قال: نصلي الجمعة 4 ركعات دون خطبة، ليضيف: نحن نطبق القرآن فقط، وأنا مؤمن بالسُنة النبوية فهي طريق الأنبياء والشهادة كاملة، وحين سؤاله عن الأذان قال لا يعرف كيف يرفع ولا يؤمن به أصلا، واستدرك: أنا دخلت جماعة القرآنيين منذ 4 سنوات، نحن قرآنيون ولا نعترف بالسُنة، والسُنة عندنا من القرآن وفق ما يحمله، أما المتهم الثاني أبكر عثمان عند استجوابه قال: نعم كنت في ندوة بسوق قورو بمايو لقراءة القرآن، يدرسنا خلاله “الشيخ عبدالرحمن” يقرأ القرآن ويفسر، ليؤكد حديث المتهم الأول، مضيفا: نعترف بالقرآن والوضوء ونطبق وفق آيات القرآن فقط، وزاد ما بعرف سُنة أو رغيبة، وشيخانا “عبدالمؤمن” و”عبدالرحمن” هم مستدل ما نعلم به في الخلوة، ليعترف: أثناء الندوة في ذلك اليوم لقراءة القرآن جاءت الشرطة وألقت القبض علينا، واستجوبتنا وما قلناه هو ما نعمل به، نعم ما عندنا أذان أو إقامة للصلاة وطريقة الوضوء للوجه واليدين والرأس فقط، وأضاف: أنا غير القرآن ما بعرف أي حاجة، الذي اعرفه أن السُنة هي القرآن ونحن لا نطبق إلا ما نزل في القرآن، وقال: “غسل الجنابة ما بعرفو”، مؤكدا أن صلاتهم للجمعة 4 ركعات.
في السياق ذكر المتهم الثالث “الأمين سعد عثمان” نيجري الجنسية – لا يجيد اللغة العربية، واضطرت المحكمة الاستعانة بأحد أفراد الشرطة لترجمة اقواله.
وقال المتهم: أنا من النيجر، وعندي سنة واحدة في السودان جئت في ذلك اليوم للمكان لاستمع للإنشاد، لم أكمل من الزمن خمس دقائق حتى قبض علىَّ، كل ما سمعته أن الشيخ كان يقول “الخمر دا حرام والزول ما يشيل حق الناس”، وعن طريقة الوضوء قال هي الطريقة العادية، قاطعا بأنه لا يعرف القرآن وإن القرآن هو السُنة، وأضاف: “أنا ما بعرف أحاديث الرسول، وأعمل بالقرآن فقط، والحاجة غير الموجودة في القرآن لا أعملها والجمعة عندنا 4 ركعات” وفي نهاية الجلسة أمر القاضي بإخلاء سبيله وشطب الاتهام ضده لضعف البينات وعدم كفاية الأدلة.
إقرار
واعترف خلال الاستجواب المتهمون (الرابع، الخامس، السادس، التاسع والعاشر، الحادي عشر، الثاني عشر، الثالث عشر، السادس عشر، السابع عشر، الثامن عشر، التاسع عشر، العشرون، الثالث والعشرون، والسادس والعشرون) بالتهم الموجهة إليهم واقروا خلالها بدراستهم بالخلوة بنحو 5 سنوات، وأكدوا حضورهم للندوة التي أقيمت بالميدان الذي يقع بالقرب من سوق قورو بمايو، واقروا أنهم يؤمنون بالقرآن دون السُنة، وذكروا أن الوضوء يكون بغسل اليدين والوجه مع مسح الرأس دون المضمضة والاستنشاق، ولا يوجد لديهم أذان فقط يقومون بترديد (الصلاة، الصلاة، الصلاة)، كاشفين بأن الأقامة للصلاة تكون بـ”بسم الله الرحمن الرحيم، والله أكبر” فقط، أشاروا إلى أن إنكارهم للسُنة يأتي لأنهم خلال الدراسة كانوا يقرأون القرآن فقط، أما المتهم السابع “الصادق آدم يحيى أبكر” فأنكر تماما انتماءه للمجموعة وقال: “أنا كنت جاي من الشغل ماشي في الشارع فجأة قبضوني ناس ما بعرفهم وبعد دخلوني القسم علمت أنهم “الشرطة” وما عارف الحاصل شنو، وأنا ما كنت في الندوة، مؤكدا في حديثه خلاف ما ذكره بقية المتهمين عن صلاة الجمعة”.
وأضاف: “أنا أصلي الجمعة ركعتين وعارف في إقامة وفي أذان”، ولاحقا أمر القاضي بإخلاء سبيله بعد شطب التهمة في مواجهته.
استمساك
أما المتهم الثامن قال في استجوابه: أنا كنت بفسر بعد أن يقرأ الشيخ القرآن، مضيفاً نحن نصلي المغرب 3 والعشاء 4 ولا نعرف الشفع والوتر، وصلاة الجمعة لدينا 4 ركعات دون خطبة كبقية الأوقات، مبررا ما يفعلون بقوله: لأن اليوم طويل، وأكد نعم بنفطر في رمضان بعد الصلاة، أما عن عدم إقامة الصلاة وتبديلها بـ”الصلاة الصلاة الصلاة” قال لأن الله ذكر في قوله (وأقم الصلاة)، وعن الأذان قدم دليلا بقوله “وإذا نوديت بالصلاة” وأكد نؤمن بالسُنة النبوية والأحاديث النبوية، وننكر قول الرسول بخلاف ما ذكر في القرآن، أما المتهم الرابع عشر زاد على ما سبق من اقوال المتهمين بأنه حضر من الثورة وأقام بالخلوة ثلاثة أشهر خلالها أطلق الجماعة على أنفسهم اسم بوكو حرام، ويعملون بالقرآن فقط دون السُنة، أما المتهم الخامس عشر أوضح بأنه حضر من مكان العمل إلى الندوة موضحا بأنه لم يجلس طويلا حتى قبضت عليه شرطة المباحث، وأكد المتهم الحادي والعشرين أنه “لا يعرف التشهد”، وعند استجواب المتهم الثاني والعشرين الياس محمد عبدالله “شيخ الخلوة” –سبق إدانته مع جماعة الردة في 2010م- قال: إدرس في الخلوة القرآن الكريم، مقراً بأن إقامة الصلاة يقولون فيها “الصلاة، الصلاة، الصلاة” مستنداً بقوله “وأقم الصلاة” وتلاوة آية “إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدوني وأقم الصلاة”، جازما بأن الجمعة يصلونها 4 ركعات، وليس لديهم “صلاة عيد” منكراً بقوله: ما بصلي صلاة عيد، معضدا إجابته قائلا: “الشيء الذي لا اعلم به لا اطبقه” ، أما الرابع والعشرون غير ملم بالعربية -حتى استعين مجدداً بالمترجم- وقال: أنا فلاتي من النيجر جئت ضيفا، وقادتني الصدفة إلى سوق قورو بمايو جلست بعد مشاهدتي لتعاليم القرآن وكنت استمع، وأنا اصلي الجمعة ركعتين ومؤمن بالأحاديث النبوية والسُنة، وأنكرالخامس والعشرون اعترافه بالأذان وقال: نعم كنت في الندوة، أنا كنت بقرأ ووالدي الشيخ الياس يفسر، ليقول: نعم لا توجد لدينا خطبة والجمعة 4 ركعات، ما عندنا صلاة غير الخمس صلوات إلا النوافل.
قرار الجلسة
بعد الاستماع لأقوال المتهمين أصدر القاضي قرارا بشطب البلاغ في مواجهة المتهم الثامن والخامس والعشرين لعدم كفاية الأدلة، وتعقد اليوم جلسة توجيه التهم لبقية المتهمين.

التيار