تحقيقات وتقارير

تقدم سوداني غير مشرف بحسب منظمة الشفافية!


كعادته كشف ديوان المراجع العام مثلما يفعل ذلك سنويا عن تنامي مفرط في الفساد بالدولة للدرجة التي وصل فيها السودان للمرتبة الحادية عشرة بعد ان كان في الثانية والعشرين بحسب تقرير لمنظمة الشفافية الدولية ويأتي ذلك في الوقت الذي تتزين فيه الصحف اليومية بمختلف ملفات الفساد من كل شكل ونوع بدون ان نسمع قريبا بأي مسئول سوداني قد تم اعتقاله أو جاري التحقيق معه في ذلك الفعل الشنيع الذي أتي علي كل شئ في الدولة سالبا منها الهيبة والشفافية بسبب عدم تفعيل أيا من القوانين التي تكافح مثل هذا النوع من الجرائم في بلد يعيش مواطنوه علي الكفاف من شدة شظف العيش بدون ان يحرك ذلك ساكنا في الجهات المسئولة لتتحرك لأجل استرجاع حقوق عامة أثرت علي المواطنين وأقلقت مضاجعهم وأعترف الدكتور محمد الحافظ نائب المراجع العام ان معظم الفساد الموجود يأتي من جهات او أطراف ذات صلة بمناصب عليا موضحا ان اغلب المباني الحكومية التي تم تشييدها كانت خارج الموازنات العامة ولا تخدم أغراضا عامة مقرا في الوقت ذاته ان من ينكر الفساد فكأنما ينكر ضوء الشمس وهكذا فقد عمل الدكتور الحافظ علي تعرية المؤسسات الحكومية كاشفا عن تورط نافذين بالدولة وتسترهم علي المفسدين من باب العلاقات أو صلة القرابة او حتي التورط معهم في جريمة النهب تلك مستخدمين نفوذهم في تلك النوعية من الجرائم وهذا يعتبر دليلا قويا علي ان الحكومة عاجزة عن مكافحة الفساد رغما عن أنها منحت الجهة التي تراجع الحسابات وهو مكتب المراجع العام منحته المساحة الكافية للعمل بشفافية والتحرك بحرية فلم يترك المراجع العام شاردة ولا واردة إلا وأوردها ضمن تقريره السنوي فاضحا المؤسسات الحكومية بشتى أنواع السرقات والتفنن فيها ولكن رغما عن ذلك الإثبات إلا أن ملاحقة المفسدين ظل أمرا عصيا ربما عملا بمقولة (لو سرق الشريف تركوه ولو سرق الضعيف أقاموا عليه الحد).

ولكن علي الرغم من الصراحة الفائقة للمراجع العام في فضحه للتجاوزات الممنهجة في المال العام رغما عن ذلك إلا أن هنالك غياب شبه كامل لإكمال حلقات تلك التجاوزات بملاحقة الأشخاص الذين سمحت لهم أنفسهم بالتعدي دون وجه حق على المال العام وفي وضح النهار حيث شكلت وزارة العدل لمحاربة هذه الظاهرة الخطيرة شكلت مفوضية لمحاربة الفساد ولكن عاب بعض المراقبين علي وزارة العدل ذلك وقالوا ان القانون لا يحتاج لمفوضية ليتم تنفيذه وهكذا أعتبر البعض انه وطالما القضاء والجهات العدلية الأخرى صارت غير قادرة علي محاسبة هؤلاء المتورطين لتنشئ الرئاسة مفوضية والتي قد لا يكون بمقدورها تطبيق القانون فعلا طالما ان وزارة العدل بكافة منسوبيها وقفت متفرجة علي المفسدين مما جعل الرئيس البشير يصدر قرارا بتشكيل المفوضية التي أشاد بها البعض وعلى ضوئها فقد قامت بعضا من مؤسسات الحكومة علي عمل بعض الإجراءات التي من شأنها إيقاف تلك الهمجية المادية التي قضت علي الأخضر واليابس وسقط بموجبها عشرات المسئولين في امتحان الأمانة والصدق متسببين بذلك في إطعام أبنائهم المال الحرام وحارمين في الوقت نفسه أبناء الشعب تلقي جرعة العلاج دون معاناة.

ولكن سيظل الاتهام ملازما وثابتا ضد الحكومة في سماحها المباشر لانتشار الفساد ذلك ان جملة من تصريحات للحكومة بدءا من رأسها ممثلا في نائب ريئس الجمهورية مرورا بأصغر مسئول حيث قال نائب الرئيس الفريق بكري حسن صالح قال فاضحا جهات عديدة بالفساد والتورط فيه حيث قال انه وبعد البدء في العمل بالإيصال الإلكتروني الخاص بالحكومة إضافة لمؤسسات حكومية اخري فقال(بعد كده تاني ما فى عضة)في دلالة علي ان الرئاسة نفسها تدرك صعوبة السيطرة علي هذه النوعية من جرائم التغول علي المال العام ولكن الوقائع تؤكد ان كلام نائب الرئيس والمحاربة التي قصد بها تحجيم هؤلاء المفسدين تؤكد الوقائع أنها لم تكن كافية والدليل هو ما أبرزته منظمة الشفافية العالمية كما ان ريئس البرلمان البروفيسور إبراهيم احمد عمر قد أقر في وقت سابق بتصريح يشير الى ان الدولة أساسا موغلة في الفساد حيث قال ان البعض يأكل ويطعم الحكومة معه كاشفا بذلك عن جانب ونوع آخر من الفساد وهو الرشوة للسكوت علي الفساد والتستر عليه فيتم إسكات الحكومة نفسها بحسب ما صدر من تصريح للبروفيسور إبراهيم احمد عمر بإطعامها من المال المنهوب وبالتالي فالسكوت هو علامة للرضا مما يعني ان عشرات المسئولين لم يمانعوا في استمرار الفساد الأمر الذي حوله لظاهرة يصعب السيطرة عليها ذلك أنه من غير المعقول ان يكون الحامي هو نفسه الحرامي ففاقد الشئ لا يعطيه وهو ما يعني أنهم يعلمون المفسدين بالاسم ولكنهم لا تطالهم يد العقاب لأن أيديهم تطعم الحكومة مبينا بوضوح ومؤكدا ما ظل يتردد علي الدوام من ان مليارات البلاغات المفتوحة ضد فاسدين قد تم شطبها مما يعني ان أيدي الفاسدين أقوي من القانون والحكومة نفسها في تحدي مريع للقانون بالسودان حيث أكدت المستشار القانوني سلوى خليل ان هنالك مئات البلاغات بل مليارات البلاغات المشطوبة تم تدوينها ضد متورطين بجرائم فساد.

وواحدة من معضلات الاستمرار في ملاحقة الجناة بحسب قانونيين هو بخلاف ممانعة النافذين أيضا الحصانة والتستر أيضا وتضليل العدالة التي بدورها صارت مثل الفزاعة تخيف شكلا ولكن عندما تقترب منها هي غير مخيفة بالمرة لأن إنشاء مفوضية لمحاربة الفساد كشف بوضوح ان القوانين تحتاج لمزيد من التفعيل بحسب دعوات لقانونيين تمرسوا وخبروا تلك النوعية من الجرائم0 ويعلمون الطريقة المثلي للقضاء علي من يعملون في الظلام وهي ليست المرة الاولي التي نسمع فيها بتصريحات تؤكد علي أهمية تفعيل القانون العجيب لمحاصرة المتورطين واسترداد هيبة الدولة وحقوق المواطن السوداني البسيط0
وبالتالي فإن تقرير منظمة الشفافية العالمية لم يكن صادما للشارع العام بسبب تكرار سيناريو الفساد بشكل يومي في مختلف المؤسسات والمجالات وفي ذلك قال الطيب حركات النائب بلجنة الشئون الاجتماعية بالمجلس الوطني قال ان ارتفاع معدلات السودان في الفساد شئ طبيعي لأنه لا توجد محاسبة والآن علي الرغم من إنشاء الحكومة لمفوضية لمحاربة الفساد وملاحقة المفسدين إلا ان الفساد لا زال جاثما علي صدورنا ذلك ان هنالك تناقضا ظاهرا في وجهة نظر الحكومة في التعامل مع الفساد وأشار الطيب الى ان الحكومة كلما تقول أنها تحاربه فإنه يتم اكتشاف ملفات أخري من الفساد وقد يكون بحسب النائب البرلماني هنالك متورطين في ملفات فساد وبالتالي لا تصل التحقيقات الى شئ وهو السبب الذي بموجبه تجد منظمة الشفافية العالمية ارتفاعا في معدلاته بالبلاد بل وارتفاعا مخيفا وضع السودان في مقدمة الدول الأكثر فسادا من بين دول العالم.

غادة أحمد عثمان
صحيفة ألوان