الطاهر ساتي

المنتجون في الأرض..!!


:: لعل الذكرى تنفع .. بعد تمكين العدل، وبعد أن عمّ الخير لحد البحث عن السائل والمحروم في الأزقة والحواري ولا يجدونهما، قال الخليفة عمر بن عبد العزيز للزرًاع : (انثروا القمح على رؤوس الجبال).. وكانت ثلوج الشتاء تغطي قمم الجبال في تركيا، فامتثل الزُراع هناك لأمر عمر ونثروا القمح على قمم الجبال.. والى يومنا هذا، لا تزال وصية عمر سارية في وديان وسهول تركيا، و صارت عادة تركية أن ينثر المزارع حبات القمح على قمم الجبال في موسم الحصاد..!!
:: وعُمر – بأمره ذاك- لم يكن يتحسب فقط لحاجة الطيور إلى الحياة رغم أن هذا من جوهر العدل في (نهج حكمه).. ولكن تحسب أيضاً لشكل الدولة ومظهرها أمام الآخرين.. (انثروا القمح على رؤوس الجبال) .. لماذا؟.. فالإجابة كما أكمل بها عمر ذاك الأمر: (حتى لا يُقال جاع طير في بلاد المسلمين).. نعم، (حتى لا يُقال).. وهذا هو معنى أن يكون نظام الحُكم حريصاً على نقاء شكل ومظهر الدولة وشعبها في نفوس وعيون الآخرين دون أن ينتقص هذا من حرصه على نقاء جوهر الحكم في نفوس وعيون (شعب الدولة)..!!
:: و أهل السودان ليسوا بحاجة لمن يعكس لهم حال بلادهم، فالحال يُغني عن (الشرح والسؤال).. ومع ذلك، كما تفعل كل الأنظمة الواعية، كنا نأمل أن تقدم الحكومة للعالم دولة غير تلك المتداولة – بالسخرية والاستهزاء- في بعض وسائل الإعلام ..( الشعب يستهلك أكثر مماينتج، ويستورد أكثر مما يصدر)، وصف مؤلم، لم يصفنا به عمرو أديب ولا توفيق عُكاشة ولا غيرهما من حمقى الإعلام العربي الذين يرغمون بعضنا على النزول إلى مقامهم الوضيع بغرض (المجاراة)..فالوصف صادر عن مسؤول من بعض مهامه تمكين العدل ليتحقق الرخاء، ثم من مهامه الأخرى أن يُدثر دولته وشعبها بكل ما هو طيب أمام الآخرين حتى ولو كان في الدولة والشعب ما يسوء أو يسئ، وذلك عملاً بنهج : ( حتى لا يُقال)..!!
:: (الشعب يستهلك أكثر مما ينتج، ويستورد أكثر مما يصدر)، ليست بجملة مفيدة عندما تصدر عن وزير المالية أو أي مسؤول آخر..هذا الشعب كان ينتج ويصدر حتى لحظة توجس صلاح كرار الشهير : ( لو ما جينا الدولار كان ح يصل 20 جنيه)..وتلك الفئة بحساب يومنا هذا ( 20 قرشاً)، وما التلاعب في أصفار العملة إلا حلقة من مسلسل دفن الرؤوس على الرمال لإخفاء الحقائق عن العقول.. ولكن هيهات، فالذاكرة لن تنسى عملة كانت ذو قيمة في وطن كانت سفنه تبحر شامخة بصادر الصمغ والقطن والأنعام وغيرها..أما السفن فبيعت لتجار العرب ك (إسكراب)، ومن ينتجون تطاردهم سجون الإعسار ليتغربوا أو ليبحثوا عن الأمل المسمى بالذهب في الفيافي أو يهاجرون عقولا وسواعد ..!!
:: كيف ينتج الشعب الموصوف بالمستهلك إن كان ما ينتجه من سُكر لا ينافس في السوق المحلي ما تغرق به شركات السحت حتى يصاب إنتاجنا بالتكدس في المخازن؟ .. و كيف يصدر الشعب الموصوف بالمستورد إن كان سمسم مزارعه لاينفاس في السوق العالمي لحد توجس الزراع بالقضارف و الأبيض من الإعسار لصحف البارحة (القريبة دي).؟.. وكيف ينتج إن كانت أسعار البلح اليوم بالشمالية ونهر النيل لا تغطي حتى ضرائبه، فيتركون العراجين بتمرها على ذؤابات النخيل للطير والحرائق؟..وكيف تنتج المصانع وتصدرغزلاً ونسيجاً وأدوية وطعاماً وشرابا للآخرين، وهي غير المحمية – حتى في سوقها المحلي – من سيول الوارد و تكاليف الإنتاج؟..بعجزكم وفشلكم تحول شعبنا إلى ما دون الأنعام حالاً.. وعليه، عاملوا من لايزال في حظيرة الوطن كالأنعام، فالأنعام تُطعم وتُسقى ل ..( تنتج) ..!!


تعليق واحد

  1. حتي لا يقال جاع طير في بلاد المسلمين !!! الأستاذ الطاهر ساتي هل الكيزان بعمايلهم دي يعتبروا من المسلمين ،، قال (ص ) ( لا يحل مال أمرئ مسلم الا بطيب نفس ) اتخيل حال جماعة الحج و العمرة و كيف يستحلون مال الحجيج ،،،،