مقالات متنوعة

محجوب عروة : الحركة الإسلامية تنشيط أم إعادة بناء؟


تقيم الحركة الإسلامية – جناح المؤتمر الوطني – هذه الأيام مؤتمرات تنشيطية لست أدري هل هي استعداد عادي للمؤتمر العام القادم أم هو عمل مخطط لإعادة بعض الرموز القديمة التي فقدت مواقعها التنظيمية والتنفيذية أو هي محاولة جديدة لسد الطريق أمام تحرك جديد للقيادة التاريخية للحركة بقيادة الشيخ د. حسن الترابي الذي طرح فكرة النظام الخالف سيما وأن الأمين الحالي الأخ الزبير
محمد الحسن في إجابته لسؤال من أحد الصحفيين الأسبوع الماضي قال إنهم يطرحون ما أسماه النظام (الواعد) في مواجهة النظام (الخالف) الذي أطلقه د. الترابي مما يشي بأن هناك خلافاً عميقاً وسباقاً محموماً بين القيادة التاريخية ممثلة في الشيخ االترابي وبين بعض القياديين الذين خالفوه وأقصوه وهم في قمة السلطة بمذكرة العشرة لدرجة الاعتقال والإقصاء.. ويأتي هذا كله على خلفية إشاعات
وتحليلات من بعض العالمين ببواطن الأمور أن هذه القيادات التي أقصت شيخها تأكد لها أن هناك ثمة عودة للصفاء بين الشيخ الترابي وبين الرئيس البشير وأن ذلك
سيكون على حسابها سيما وأن الشيخ داعم للحوار الجاري في قاعة هوالصداقة بشدة بعد أن تخلى عن حلفائه في المعارضة وفكرة إسقاط النظام كما كان ينادي بذلك الأستاذ كمال عمر الذي من الواضح أنه يعبر عن اتجاهات الشيخ الترابي سواء في مرحلة المعارضة أو مرحلة الحوار المطروح.. إن الأمر الهام اليوم ليس قضية التنشيط، بل في حاضر ومستقبل الحركة الإسلامية، إن الأمر أكبر من ذلك فالحركة الإسلامية تحتاج لمراجعات فكرية وسياسية وتنظيمة فهي اليوم بعد ستة وعشرين من حكمها يرى معظم الناس أنها مسؤولة عن الاحتقان السياسي وعن الفشل الاقتصادي وعن انتشار الفساد المالي والأخلاقي الذي ضرب البلاد، وهي مسؤولة عن سوء علاقاتنا الخارجية منذ أن بدأ نظامها يظهر علنا. هي مسؤولة عن كل الإخفاقات بحكم سيطرتها على مفاصل السلطة ظلمت فيها كثيراً من الناس سواء بالفصل التعسفي والتهميش والإقصاء للآخرين بهدف التمكين أو غير ذلك.. ولعل أسوأ ما لم يكن
منتظراً من قادة حركة إسلامية كان يفترض أن يكون خطابها كما جاء في كتاب الله ( قولوا للناس حسناً) و(قل لعبادي يقولوا التي هي أحسن أن الشيطان ينزغ بينهم)
كان خطابها مليئاً” بالتحديات والهجاء والشتائم كأنهم يخاطبون أناساً من الشعب السوداني لا يؤمنون بالله ورسله الكرام.. إن عبارات ظل يرددها منسوبو الحركة الإسلامية مثل: الحسوا كوعكم، لن نسلمها لبغاث الطير، أكلوا وعوسوا الكسرة وربوا الغنم في بيوتكم، لسنا مسؤولين عن معايش الناس، أنتم شعب عاطل وكسول… الخ العبارات التي لا تلبق بالداعية المسلم أو الحاكم والمسؤول الذي يستهين بشعبه لهو أمر يستحق الوقوف عنده مرات ومرات.. أي قيادات هذه؟ إن الحركة الإسلامية اليوم تحتاج حقيقة لتجديد فكرها وممارساتها خاصة في الحكم، بل لتجديد خطابها وفوق ذلك تغيير قادتها الذين أداروها طيلة هذه المدة وأخفقوا وكان نتيجة كل ذلك أن أصبحوا يتصارعون من أجل السلطة والجاه والنفوذ، شقوا على
منتسبيهم وعلى حركتهم وعلى سمعة دينهم وعلى الشعب السوداني برمته في معيشته..
تسلموا السلطة والسودان كاملاً وانتهوا إلى انفصال الجنوب وضياع مثلث حلايب بسبب الضعف.. باختصار الحركة الإسلامية التي اختطفتها مراكز القوى واختطفها قادتها هي اليوم في محك حقيقي لا تنفع معه إطلاق الشعارات في الصحف والحيطان والتلفاز ولا الخطب التبريرية ولا مؤتمراتها التنشيطية هي في حاجة إلى تغيير شامل حتى لا يعيدوا إنتاج الأزمات بسبب تمسك وكنكشة قادتها وإصرار الذين فشلوا في العودة من جديد لقيادتها… كفاية ما حدث في الماضي.. لابد من إعادة البناء من جديد..
الجريدة