مقالات متنوعة

نجل الدين ادم : موارد مهدرة!!


من أبرز ما نشرته الصحيفة أمس خبر تحت عنوان (موقع أمريكي يتوقع تفوق أهرمات البجراوية السودانية على أهرامات مصر).. قد تبدو هذه المعلومة عادية، لكنها تحمل معاني ودلالات كبيرة وعميقة.
تقرير موقع «المونيتور» الأمريكي ذكر أن فريقاً مكوناً من عدد من الجنسيات يعمل على تهيئة منطقة أهرامات السودان، لتكون عنصر جذب سياحي للخرطوم، وسط توقعات بانتعاش السياحة العالمية للسودان، ومنافسة منطقة الأهرامات المصرية. التقرير الذي نشره الموقع قال إن أهرام البجراوية في السودان “تراث عالمي” حسب تصنيف منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، والمعلم الأثري الأكثر شهرة في السودان.. ومعروف عن الأهرامات في مصر أنها المورد السياحي الأول للميزانية وقد عرف ذلك على مستوى العالم، وعدد الأهرامات في السودان بالتأكيد أكثر من تلك التي توجد في مصر، لكن واقع الحال يحدثنا بأن اهتمام مصر بالأهرامات جعل منها المورد الأول في دخل السياحة، عكس ما يحدث في بلدنا منذ الحقب المتعاقبة حيث لم تجد الأهرامات السودانية التي تشير كثير من المعلومات الحديثة إلى أنها الأعرق والأقدم في التاريخ- وهذه الإفادات محايدة قام بها مستكشفون أجانب من أوروبا- لم تجد الاهتمام الرسمي.
لاحظوا أن التقرير الأمريكي الذي التفت إلى أهمية الأهرامات السودانية ومستقبلها قد تحدث عن أهرامات البجراوية فقط، وكلنا يعرف حجم الأهرامات المنتشرة في صحراء ولايتي نهر النيل والولاية الشمالية مثل المصورات والبركل وغيرهما من المدن الأثرية التي يتم اكتشافها بين الحين والآخر، لتتكشف المزيد من المعلومات بعظمة السودان كدولة ذات تاريخ وحضارة راسخة، حتى ولاية الخرطوم تجدها هي الأخرى تحمل في بعض المواقع آثاراً تاريخية وليس ببعيد ذلك الاكتشاف الذي توصل إليه المهندسون أثناء تشييد بناية عالية بالقرب من “مسجد فاروق”، حيث عثروا على ما هو أشبه بالمدينة الأثرية التي تحكي كيف كان يعيش الناس.. هذه التفاصيل بجانب أهميتها التاريخية هي بالتأكيد تمثل مصدراً اقتصادياً ضخماً لو تنبهت الحكومة له لأغناها عن البترول واللهث وراء الثروات الزائلة مثل الذهب والمعادن الأخرى، وهي مورد لا يكلف الحكومة سوى الرعاية والاهتمام.
ليس من الحكمة أن تتنبه الدول الأخرى والأجانب إلى ثروة كهذه وتكون الحكومة في نوم عميق يمنعها من التفكير بأن هذه الأهرامات هي الاقتصاد الحقيقي الذي ينبغي أن تصرف عليه حتى يكون مورداً، فالأهرامات إلى جانب أنها ثروة تراثية وتاريخية لا تنفد، فإنها أيضاً ثروة اقتصادية يمكن الاستفادة منها في تحسين الدخل والتعامل معها كما البترول والذهب وغيرهما من المعادن.. الآن هذه الفرق الأجنبية تبتدر من نفسها لتحويل واقع هذه الثروة التي لا تجد الاهتمام الكافي إلى مورد سياحي كبير يضاهي، بل ويتفوق، على سياحة الآثار في مصر التي تتسيد الموقع بفضل الاهتمام الحكومي الكبيرة بالآثار.. ومزيد من الجهد يمكن أن يعين الحكومة على تحويل حلم هذا المورد المهدر إلى واقع يدر علينا أموالاً طائلة.. والله المستعان.