صلاح الدين عووضة

المواطن سوداني !!


*وعنواننا أعلاه مسروق من فيلم (المواطن مصري)..
*تماماً كما بات الواحد منا يحس أنه مسروق من وطنه..
*أو أن وطنه هذا هو الذي سُرق منه..
*وسبب كلمتنا اليوم أن (أغراباً) سألوني عن شيءٍ بلغة (غريبة)..
*قد تكون هي السواحلية أو الأمهرية أو الفولانية..
*أو قد تكون العربية بلهجة سودانية (غريبة) علي..
*أو ربما كنت أنا الغريب على (بلدهم) كما شعرت من نظراتهم..
*ربما لم تعد بلادي هي (بلاد ناساً تكرم الضيف)..
*ومما زاد من إحساسي بالغربة ولوجي محلاً للمأكولات..
*ومن بعده آخر يجاوره للحلويات..
*فالعاملون في كلا المحلين كانوا (غرباء) في نظري..
*وقد أكون أنا الغريب في نظرهم من واقع تعاملهم (الجلف)..
*ففي كليهما سمعت ما فحواه (خلِّصنا يا زول)..
*ثم مع العبارات المستفزة هذه (تكشيرة) وكأني (تشحت)..
*وسبب ترددي في طلب ما أود شراءه (غرابة) قائمة الأطعمة..
*فهي ليست (سودانية) مما ألِفنا أكله..
*أو ربما كانت مألوفة في السودان ولكنها بأسماء (غريبة)..
*أو قد نكون نحن أبناء السودان الذين صرنا غرباء في وطننا..
*وعند (التقاطع) هجم صبية على العربات غريبو السحنات..
*بمعنى أن سحناتهم لا توحي بأنهم سودانيون..
*ومع تزايد شعوري بالغربة قد أكون أنا الغريب في بلدهم..
*وفاقم من شعوري هذا جولةٌ لي في السوق العربي قبل فترة..
*فمن بين كل خمسة سودانيين هناك أجنبيان على الأقل..
*وتاهت مني ملامحٌ بشرية اعتدت عليها في السوق العربي..
*وتساءلت إن كان لايزال (عربياً سودانياً) هو أم غدا (أجنبياً)..
*أو ربما كنت أنا الذي أتجول في سوق لا علاقة له بالسودان..
*بل ولا صلة له بالعرب – لغةً – كذلك..
*وتجولت بين قنواتنا- ليلاً- فسمعت من مذيعاتها نطقاً (غريباً)..
*ليس غريباً على مسامعي وإنما على ألسنتنا كسودانيين..
*فلما انتبهت إلى (بياض) الوجوه دققت في الشعارات..
*فوجدتها شعارات لقنوات سودانية وليست (شامية)..
*وزاد من شكوكي استنطاق إحداها لمراسلها (من السودان)..
*وساءلتني نفسي وهي تكاد تجن (أنا، إنت، أنحنا وين بالظبط؟)..
*وهمست لها بأنْ ليس المسؤول بأعلم من السائل..
*ومهاتفة من امرأة لا أفهم كلامها لـ(غرابة) اللهجة..
*كل الذي فهمته أنها تقصد رجلاً ذا اسم من أسماء دولة مجاورة..
*وصباحاً أصادف من يبتدر كلامه معي بكلمة (بدِّي)..
*فأقاطعه قائلاً (معليش، المواطن سوداني!!).