حوارات ولقاءات

حوار بلا قيود مع مدير جهاز الأمن والمخابرات الفريق أول محمد عطا..نرغب في إزالة الغموض عن الجهاز..نحن نضطر لفعل هذه الأشياء (..)


ونحن في ردهات فندق شيراتون بأديس أبابا متجهين إلى مقر أقامة مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني، طاف بخاطري أننا سنطرح أسئلة على رجل بحكم مهنته ووظيفته إلى أن تدرج على قمة الجهاز، طرح مئات الأسئلة واستجوب عشرات الأفراد اتفق معي من رتب لي الحوار، أن لا أطيل عن الساعة، والساعة كافية جداً للجلوس مع هذه الشخصية الصامتة والخروج بالكثير المثير. الكثير المتعلق بجهاز الأمن وبنائه دولة داخل دولة، قوات الدعم السريع والاتهامات التي طالتها، مصادرة الصحف ومدى قانونية قرارات الجهاز، مصادر تمويله، وانجازاته وأشياء اخرى عديدة، كانت محاور هامة في هذا الحوار.
هل تتفق معي بداية أن الصورة الذهنية المرتبطة بجهاز الأمن ما زالت تقف عند محطة الاعتقال وكبت الحريات ومصادرة الصحف وفض الندوات وتضييق أجواء الحريات عموماً، واذا كانت الصورة خاطئة هل سيتم تعديلها؟
في أحيان نكون متحفظين على تحسين صورتنا نحن نرغب في ازالة هذا الغموض لكن دون أن نقوم بدعاية مضادة ، صحيح ان انتشر مفهوم خاطئ فمن واجبنا تصحيحه ازالته، ان تحدثنا عن قصة الصحف مثلاً، فقد حققنا نقلات كبيرة جداً.. السودان كان فيه صحفتين فقط، وفيه رقابة قبلية، لكن الآن لم تعد هناك رقابة، أن رأينا أي موضوع نشر ولا يتفق مع أخلاقيات الإعلام نتخذ اجراء بفتح بلاغ، أي التحاكم الى القانون وكان هذا قمة الاحترام، لكن هذه النقطة لا يرغب فيها الصحفيون، مثلاً سعوا الى إلغاء نيابات الصحافة التي كونت قبل أربع أو ثلاث سنوات، الى أن ألغيت.. النقطة التي أرغب بذكرها، أن الضرر في أحيان كثيرة يكون كبيراً ومستمراً ولا أحد يتحمله وإجراءات القانون والمحاكم يمكن أن تتأخر لسنتين أو ثلاث يا أختي فساد الكلمة هو اعظم فساد لأنه يؤدي الى فساد الأخلاق وان فسدت الأخلاق فأقم على القوم مأتماً وعويلاً كما قال أحمد شوقي.
كيف؟ أن شرحت لنا اكثر؟
مثلاً قرأنا في صباح باكر في احد الأيام عنواناً بارزاً بعدد من الصحف يشير الى تحرشات جنسية في حق أطفال تتم في بصات رياض الأطفال، أي أن أعمارهم سنتين، ثلاث أو أربع، فهل هذه الواقعة صحيحة؟ الاجابة لا، اذا لابد من فعل شئ ونحن لا نقصد أن يكون الفعل تعسفياً وانما اعمالاً لمبدأ القانون والذي قد يتأخر لتخفيف هذا الضرر.. حقيقة نحن نضطر اضطراراً لفعل هذه الاشياء، أضرب لكم مثلاً آخراً، اتحاد الصحفيين قام بإيقاف مسلسل بيت الجالوص الإذاعي الذي يتحث عن بعض الممارسات الصحفية أوقفوه باعتباره أساء للصحفيين، ماذا يعني هذا الايقاف؟ يعني أنه في بعض الاحيان تضطر لاتخاذ اجراء لكي توقف تجاوزاً كبيراً وقع، لكن الغريب أنه حينما أوقفنا عشر صحف ليوم واحد بعد إيرادها خبر التحرشات ببص رياض الأطفال، لم يكن الأمر يعني الأجهزة الأمنية أو متعلق بأفرادها، بل يعني كل المجتمع بينما أوقف اتحاد الصحفيين برنامجاً إذاعياً لأنه كان يتحدث عنهم.
هل كان يستحق هذا الحدث مصادرة عشر صحف ولفت أنظار العالم؟
نعم، الحدث يستحق المصادرة، لأنه غير صحيح ومضخم، وفرية ولا أساس لها من الصحة، ان كانت هناك حالة واحدة فبالإمكان معالجة الموضوع بأشكال اخرى بدلاً من إظهار الأمر أنه يحدث يومياً أنت تقولين أن المصادرة شوهت صورة الحريات في السودان، ربما هذا الرأي صحيح لكن من المتسبب؟ باعتقادي الصحفيون أنفسهم خاصة أولئك الذين يزيدون القصة وينقلون الأحداث بطريقة مضخمة لكي تشوه الصورة. والتشويه يحدث أولاً من وسطكم الصحفي حتى بعد المصادرة، لا تذكرون أن الصحف صودرت ليوم واحد وصدرت في اليوم التالي، ويعتقد العالم أن هذه الصحف تمت مصادرتها نهائياً.
لكنكم صادرتم الصحف بعد طباعتها؟
صادرنا عدداً واحداً لعشر صحف، لكننا لم نوقف العشر صحف.. روبرت مردوخ رجل اعمال كانت له صحيفة هي الأوسع انتشاراً في بريطانيا صحيفة (News of the world) وهي صحيفة معروفة بالإثارة والاهتمام بكشف فضائح الناس وخصوصياتهم، قامت الصحيفة قبل أربع سنوات برشوة أفراد في الاتصالات ليتجسسوا على هواتف المشاهير من (ملوك وأمراء وغيرهم) ولجأوا في غالب الأحيان لنشر المعلومات من هذا التصنت.. لكن بعد إلقاء القبض على المتورطين في هذا الأمر أوقف الرجل شركته وصحيفته وسرح العاملين وبذلك هرب من المحاكمات الطويلة التي كانت في انتظاره، هناك أيضاً ردع للتجاوزات في عدد الصحيفة الاخير في يوليو 2011م كتبت (ببساطة لقد ضللنا طريقنا، نأمل بعد اعترافنا بهذا الخطأ الجسيم أن يحكم التاريخ علينا في نهاية الأمر على أساس كل سنوات الصحيفة)، هم كانوا يعلمون أن الاعتذار لن يحميهم من الإغلاق والتعويضات بملايين الدولارات ولذلك هربوا بهذه الطريقة (تصفية الشركة).
الصحافة في العالم تخطئ وتصحح خطئها، لكن في السودان جهاز الأمن لا يمهل الصحف حتى في حال أخطأت أن تعالج خطأها، كما أنه ينتهج طرقاً وأساليب لا تتبع في جميع أنحاء العالم من مصادرة وإيقاف الكتاب دون النظر للطرق القانونية المتبعة؟
لا، ليس صحيحاً ان هذا النهج لا يتبع في جميع أنحاء العالم، هناك دولاً كبيرة تتيح الحريات مثل أمريكا وبريطانيا ولكن ليس هناك حرية مطلقة وليس هناك حرية دون سقف مثال صحيفة (News of the world) هو احد الأمثلة ويمكن أن أعطيك عشرات الأمثلة، هناك دولاً اخرى أيضاً تمر بمثل ظروفنا وتتبع ذات المنهج، هناك دولاً لا تصدق حتى بصدور صحف جديدة، لا اعتقد أن هناك دولة تتساهل في موضوع إصدار الصحف مثلنا.
وهل هناك دولة غيرنا تصادر الصحف؟
كثير من الدول وبعض الدول ليست بها صحف غير حكومية، هناك دول لا تتدخل الأجهزة الأمنية في مصادرة صحفها أو إيقافها لكن الحدود تختلف، الناس تخطئ ويمكن تصحيح الخطأ بالاتصال أو رفع دعوى، لكن نحن في السودان تجربتنا مختلفة، مثلاً في بريطانيا أو أمريكا لا يوجد صحيفة تكتب مثلما نكتب نحن، هناك صحف كتبت قبل فترة ان نسبة السل الرئوي في شرق السودان 17% بدأنا نبحث ونسأل، لم يحدث أن اتخذنا اجراءً قبل التحري تبين لنا أنهم يقصدون 1.7% وليس 17% وبلا شك لا يوجد صحيفة في أمريكا تخطئ مثل هذا الخطأ، هناك مسئولين من الخليج يستغربون كيف يسمح السودان للصحف أن تكتب هذه الكتابة؟ الذي يقرأ بعض صحفنا دون معرفة بلادنا ومجتمعنا يتصور أننا نعيش في غابة وليس في مجتمع متحضر ومتسامح الحكومات في الدول الأخرى تضع خطوطاً حمراء لا تفكر الصحف في الكتابة فيها، لكننا نسمح للصحف أن تكتب وفق أخلاقيات المهنة وتركنا لهم التقدير.
الأمن القومي في السودان تعريفه هلامي.. أن انتقد أحد شخصاً أو قراراً يتهم بأنه مس الأمن القومي، ما هو التعريف المناسب بالنسبة لكم؟ وما هي الخطوط الحمراء؟
قطعاً ليس أي شئ.. هناك أسرار تضر بالدولة أن تم إفشائها في الاقتصاد او غيره.. مثلاً القوات المسلحة ورمزيتها لابد ان تعطى حقها لكي تكون قوية وتمثل كرامة المواطن، ليس أي شئ، هناك قضايا لمصلحة الأمن القومي لابد من الاستماع لوجهات النظر المختلفة فيها، وأن لا تبقى خطاً أحمر لا يتحدث فيها الناس.

 

لينا يعقوب
صحيفة السوداني


‫3 تعليقات

  1. يالينا يعنى همك الصحافة والصحفيين بس ..وين باقى مصائب السودان ..حاويات المخدرات .زالمخدرات والمروجون.. الاجانب وتوزيع المخدرات والعملة المزيفه ..وهل الجهاز نفسه تابع للمؤتمر الوطنى ام السودان ويغض الطرف عن سوءات المؤتمر الوطنى ..اسف اقومه بانه لقاء سطحى

  2. والله الجهاز دا منو وفينا ولو كانت لديك اى مظالم ان سلكت الطرق والقنوات الرسمية فحتما سوف تنصف ويمكن هو الان من الاضاءات البسيطة للحكومة ….لكن ضعفاء النفوس أمثال الصحفيون هم من يصنعون همانات للجهاز ……شوف لقاء لينا يعقوب دا بائس كيق وفقير وجعان …….معارضين للنخاع لسياسات المؤتمر الوطنى الا ان هنالك أشياء جميلة فى الجهاز نفتخر بها ماعدا هنالك بعض التجاوزات فى الشركات الخاصة التى تتبع مباشرة له وتجاوزات كبيرة جدا جدا غير كدا فلهم التحية