رأي ومقالات

أكاديمي مجد وقانوني مهيب.. يبيع الطماطم والفول بسوق صابرين !!


زرت اليوم صديقي (النور) ؛ زميل دراسة ورفقة قناعات نيرة ؛ رجل تتمثل فبه فاجعة اهدرانا لموارد الانفس والثمرات ؛ أكاديمي مجد وقانوني مهيب ؛ يخلط النصوص بالادب والفقه فيجلي الاول الثاني في مقام الفصاحة ؛ كان اسلاميا ملتزما بغير تشدد او ادعاء قوامة ينصح في مقام النصح ويزجر في تراسيم الخطأ الصريح ؛ اعتزل صفه القديم وانخرط بين صفوف الاغلبية الكادحة يبيع الطماطم والفول وبعضا من إدام البشر للتلاميذ والسابلة عند منحي بسوق صابرين ؛

مررت عليه بمنزله كان ادي صلاة العشاء في جماعة بمسجد مجاور جملوا عرصاته ببارد (الرملة الدقاقة ) وقدموا شيخا (توليف) محليا في مقام الامامة ؛ يقرأ يوما برواية وحينا بالدوري ويفتي علي قارعة الطريق حين الطارئات ؛ حينما اهل احتضنني بشوق النائحات للبكاء خاشن صدغي بلحية مرهقة ووجه رغم التعب يضئ بنور السكينة ؛

اخذني الي غرفة طرفية ؛ جعل لها نورا من لمبة نيون تعتصر فراشات الليل ولا تقتلها ؛ هو ذاته (النور) المدمن للقراءة ؛ نسق مكتبة منزلية حاشدة بالرويات واقاصيص السير ؛ في جانب الغرفة وفوق رف من المكتبة تجلس صورة تخرجه بالروب وقبعة امالها فبدت وكأنها تغمز فوق جبينه لزواره بان الرجل عالم نحرير انحاز لصف الخضرجية ؛

جلسنا وفي عشر دقائق حدثني عن معاوية سورج و علي شريعتي ومكسيم جورجي وديوان ود الرضي وعن صاحب الربابة في سنار وامه التي من جبال النوبة ؛ مد علي ارض الغرفة الرطيبة (بساطا) تناثرت عليه الكتب وقصاصات الصحف القديمة فبدا مثل (فكي) يعد التمائم وألتعاويذ ؛

قلت له (امورك كيف ) قال لي اعيد بناء مدينتي الفاضلة ! قلت لن تجدها فقال وجدتها في سكينة (العشوائيات) هنا يعز غريب الدار للموت نبله ومهرجان للبكاء وللحياة رهق ممتع قال هل تصدق ؟ قلت اصدقك لاني اعرفك ؛ فقال لقد اخترت خياري هذا علي اكفر عن خذلاني الكبير فيمن تعرف ! تلفت لبرهة وقلت لا اعرف قال بل تعرف معرفة اليقين فصمت ثم قلت اتيت اتفقدك فقال (فيك الخير ) فانت اقله افضل من عشرات كانوا نكرات فلما اشتهروا نكرونا حتي برد السلام ؛

ثم غاب لبعض لحظات واحضر طعام العشاء ؛ فول مغطي بالزيت وبثور الجبنة الدراش ؛ اكلنا وتسامرنا وعند تخوم العاشرة لحظت انه ينثاءب فقلت له متي تنام فقال الليلة منحتك استثناء اذ كنت انام عقب الشفع والوتر فقلت شاكيا ضجرا انا لا انام حتي يستبين الخيط الابيض من الفجر فقال يقتلك خيطه الاسود يا نوار ؛ خرجت من بيته واضواء امدرمان تلوح لي مثل شهقات الوميض وانا استرجع قوله ويعجزني التفسير ؛ ويحك يا (النور) اي المرسلات ترسل !

الخرطوم: محمد حامد جمعة


‫3 تعليقات

  1. عارفين السبب شنو.لان الاصابة الحاكمة البلد لمت كل خيرات السودان في يدها ويد أسرهم. وفكو باقي الشعب السوداني عكس الهواء

  2. للأسف هذه من قصص الواقع الخيال ولكنه الواقع ………………عسى ولعل تجدة الاجابة والإستجابة يا محمد حامد ونشكرك على الصياغة والمفردة الراقية رغم المأساة…

  3. الأخ ود إبراهيم…..لك التحية

    أبدا أبدا ماهي خيال

    ساقتني ظروف لمدينة عطبرة

    عرفت هناك الأستاذ هاشم تهامي “أظن الاسم هكدا ” وزوجته من أوائل الإسلاميين وأفاضلهم تخرجوا في الجامعات لما كان للجامعات قيمة
    انتهى بهم الخلاف مع إخوتهم لأن يتركوا التدريس ويتجه للعمل ببيع الخضار مع بسطاء الناس

    أظن لااااا تعليق