منى ابوزيد

حسن التخلض الذي ينقصنا٫٫ !


«تظاهروا كما تشاءون ولكن لا تخرجوا إلى الشوارع والميادين» .. معمر القذافي ..!
الدكتور محمد المخزنجي، الكاتب والقاص المصري الفذ، له نص ذو دلالات رمزية بديعة – كان للروائي علاء الأسواني أجر تقديمه إلينا عبر مجلة العربي – تقول حكاية ذلك النص إن بطل القصة ذهب يوماً لزيارة أحد أصدقائه في مزرعة يمتلكها، وهناك لاحظ – بهلع بالغ – أن صديقه يقوم بتكديس مجموعات من الدجاج في أقفاص ضيقة جداً، ثم يتعمد توجيه كشافات الإنارة نحو عيونها مباشرة .. وحينما سأل الضيف مضيفه عن سر ذلك التعذيب، أخبره بأن تلك هي أحدث وأسرع طريقة للحصول على أكبر عدد ممكن من بيض الدجاج ..!
عندها حاول بطل الحكاية أن يفعل شيئاً من أجل تلك المخلوقات المسكينة، ففتح باب أحد الأقفاص لكي يساعد بعضها على الهرب، لكن المدهش جداً أن أقرب الدجاجات إلى طريق الخلاص اقتربت ببطء وحذر من الباب الموارب، مدت رأسها خارج القفص قليلاً، قبل أن تعود أدراجها إلى الداخل ..!
٭ وهنا تساءل الأسواني، لماذا لم تهرب الدجاجة من ذلك الباب المفتوح؟! .. هل لأنها لا تعرف معنى الحرية أساساً.. أو لأنها قد تعودت على السجن وأصبحت تخاف الحرية ؟! .. قبل أن يخلص إلى تفسير ثالث – هو أكثر الاحتمالات منطقية – مفاده أن التخلص من السجن الطويل لا يمكن أن يأتي أبداً دفعة واحدة! .. لا بد أن تعود الدجاجة يوماً إلى الباب الموارب، وأن يأتي يوم تستجمع فيه شجاعتها ثم تنطلق في طريق الخلاص والحرية ..!
٭ لا أحاول أن أتذاكى في عقد المقارنات، ولا أتحذلق في ممارسة الإسقاط، وليست هنالك شبهة فلسفة من أي زاوية – لا سمح الله! – فقط أحاول، هنا، أن أردد ما تقوله أنت الآن في نفسك، وكما هوبالضبط! .. «يا لهذه الحكومة التي تمتلك يقين صاحب تلك المزرعة، في خضوع شعبها الداجن، رغم تلك اللافتات أياها .. والتي تشير – في كل سانحة ممكنة – نحو ذلك الباب المفتوح» .. أليس كذلك ..؟!
٭ وحتى لا تتهم في بنات أفكارك، أو تفتن في حسن تقديرك للأمور، ضع نفسك مكانها، ما الذي كنت ستفعله تجاه معاناتك الاقتصادية كمواطن ينهكه تفاقم الأسعار وتتقاذفه الرسوم والجبايات، ومع ذلك يأتيه الجديد الشديد المتمثل في شح بعض السلع الأساسية وانعدام بعضها الآخر ؟! .. دعك من قصائد الديمقراطية والحرية والكرامة .. بافتراض أنك تحكم مزرعة، وأن شعبك قطيع من الدواجن .. ما هي طبيعة المعالجات التي كانت ستهديك إليها أطماعك السلطوية أو غريزة البقاء التي تدعم استمرارك السياسي – على الأقل – ..؟!
أياً كانت إجابتك فهي لا تعني شيئاً لحكومتك، التي يبدو أنها تعول كثيراً على نجاح مشاريع «التدجين»، لذلك قررت أن تسلط المزيد من الكشافات على العيون .. واختارت أن تقامر – بوجودك أنت وبقائها هي – في لعبة الزمن والباب المفتوح..