عبد الباقي الظافر

امتحان صغير جداً..!!


٭ قبل نحو شهر فوجيء الحزب الحاكم بمعركة لم يحسب لها حساب.. في داخل ردهات مجلس الصحافة أُجريت انتخابات بإشراف مسجل تنظيمات العمل .. كل تلك (الهيلمانة) كانت من أجل ملء مقعد واحد شاغر في مجلس الصحافة مخصص لدائرة الطابعين والموزعين..الحزب الحاكم حدد مرشحه، ولكنه فوجيء بالداخل بمرشح منافس يطرح أجندة مهنية .. تمت الانتخابات وأُعلن الفائز، ولكن رجال الحزب الحاكم لم يستسلموا وقدموا طعناً تمت بمقتضاه إعادة الانتخابات البارحة .. هل تصدقون أن مرشح الحزب الحاكم فاز بالإجماع السكوتي بعد انسحاب المجموعة الأخرى التي فازت من قبل .. ونرجو أن ننوه إلى أن مجلس الصحافة يعين البرلمان ورئاسة الجمهورية معظم أعضائه، رغم ذلك لم يقبل الحزب الحاكم بمن يجهر بقول (لا)
٭ أمس الأول تعرضت الأستاذة تراجي مصطفى لموقف محرج..السيدة التي قطعت نحو عشر الآف ميل لتحضر فعاليات الحوار الوطني في قاعة الصداقة وجدت صوتاً ينتهرها في الخرطوم.. إحدى السيدات الكرام طلبت من تراجي ضرورة ارتداء الثوب السوداني .. المطالبة المخففة تعني في وجه آخر فرض زي معين على سيدة محترمة جاءت إلى الخرطوم بذات المظهر، وتم استقبالها في صالة كبار الزوار.
٭ عدد من الناس تفاءل بمجريات حوار قاعة الصداقة .. بل إن البعض من أفراطهم في التوقعات السعيدة اعتبروا هذا الحوار أهم حدث سياسي في دولة ما بعد الاستقلال.. ولكن قبل أن ينفض السامر كان الحزب الحاكم يسرب توصيات الحوار.. مثلاً الدكتور فيصل حسن إبراهيم القيادي البارز في الحزب الحاكم أكد أن توصيات الحوار لم تتضمن مقترح حكومة انتقالية.. بل إن آخرين عدوها من سابع المستحيلات .. هنا تبرز عقلية الشمولية التي تفترض أن رحلة الانقاذ التي بدأت قبل ربع قرن يجب ألا تتوقف حتى لالتقاط الانفاس.. (كابينة) القيادة لا تقر بنظام الورديات المعمول به في الرحلات الطويلة .
٭ في تقديري .. يخطيء المتفائلون بحاضر واعد أو مستقبل سعيد.. الحزب الذي يقاتل ويحشد قواته من أجل مقعد واحد في مجلس الصحافة، لا يمكن أن يتنازل طوعاً عن إمامة الناس في الحياة ..العقلية التي تطالب بممارسة السباحة بأزياء موسم البرد القارص لا يمكن أن تتعايش سلماً مع ثقافات أخرى وسلوكيات مختلفة.
٭ سيظل الحوار الوطني مجرد ورقة مليئة بالتفاصيل يحاجج بها الحزب الحاكم حينما يشتد عليه الحصار.. حدث أشبه بمؤتمر السلام من الداخل أو منتدى أهل الله أو حتى اتفاقية الخرطوم للسلام واخواتها.. قرائن تؤكد بها الانقاذ أنها كانت تبحث دائماً عن السلام والتداول السلمي للسلطة، ولكن الآخر ومن ورائه الإمبريالية الدولية كانت للانقاذ بالمرصاد، أو كما يقول الشيخ عبدالرحمن الزومة،
بصراحة..التسوية الشاملة تعني فتح صفحة جديدة والاستعداد لتنازل كبير خاصة لمن بيدهم الأمر.. ما دون ذلك ليس سوى تسويف وكسب للزمن.