الطيب مصطفى

يا إبراهيم احذر تكرار “نيفاشا تو” !


قلنا في مقال الأمس إن الحكومة تكون قد ارتكبت خطأً فادحاً إن هي هرولت نحو سلامٍ ملغومٍ يشبه نيفاشا أو اتفاق نافع عقار، كما حذّرنا من خلط الحابل بالنابل من خلال خلط السم في الدسم وزج القضايا القومية التي محلها الحوار الشامل في ملف المنطقتين الذي ينبغي أن يقتصر عليه الحوار .
لقد ظل عرمان يراوغ رافضاً الاكتفاء بملف المنطقتين اللتين لا تعنيان له شيئاً البتة إنما كان على الدوام يسعى لاستخدام ملفهما للدخول إلى قضايا أخرى بينها في البيان الذي أصدره بعد لقائه بمساعد رئيس الجمهورية إبراهيم محمود.
ذلك ما جعل قادة المنطقتين داخل الحركة الشعبية ينشقّون عنها بعد أن اكتشفوا أن عرمان ورفاقه كانوا منذ أيام قرنق يسخِّرون قضية المنطقتين لخدمة أجندتهم الشريرة ويسعون على الدوام إلى الصعود على جماجم شبابهما ودمائهما وأشلائهما ليحققوا تطلعاتهم واستراتيجياتهم المجنونة التي يتوقون من خلالها إلى حكم السودان وفق مشروعهم العنصري الاستئصالي.
لعلّ الناس يعلمون أن الحركة الشعبية قامت من أول يوم على الخداع، ولعل ما حدث مؤخراً من خيانة لحركات دارفور التي انخرطت مع الحركة في الجبهة الثورية بعد أن وثقت في تعهداتها واقتنعت بأن التداول على الرئاسة سيكون دورياً على أساس ديمقراطي، وما إن انتهت دورة مالك عقار بعد تجديدها حتى نكصت على أعقابها ورفضت التنازل لجبريل إبراهيم، فبالله عليكم هل يرتضي هولاء الخونة الخيار الديمقراطي والتداول للسلمي للسلطة وقد (كنكشوا) في منصب رئاسة الجبهة الثورية بكل هزاله ورفضوا أن يتنازلوا عنه عند انقضاء أجله؟!
اقرأوا حليفهم مناوي الذي لطالما أسلمهم قياده في حواره مع صحيفة “الجريدة” والذي صبَّ فيه جام غضبه على سلوك قيادات الحركة الشعبية، فقد وصف الرجل تلك القيادات بعدم الأخلاق، مضيفاً بأن (الأنانية والمصلحة الذاتية والغش والخداع من أسباب انهيار الجبهة الثورية)!
هؤلاء هم من يقدِّمون أنفسهم لحكم السودان ولإحداث التغيير ويا ويل السودان وشعبه من هؤلاء الذين أذاقوه من حروبهم التي لم ترحم طفلاً ولا شيخاً ولا امرأة في أبو كرشولا والله كريم والسميح وكل جنوب كردفان وكل النيل الأزرق دعك من المنشآت التي دمروها والمشاريع التي حطموها والثروات التي أهدروها.
إنني أحذّر من الانخداع مجدداً بما يقوله عرمان في مائدة التفاوض، فتاريخ الرجل حافل بالجرائم والكذب والخداع والقتل والتخريب منذ التحاقه بحركة قرنق في منتصف ثمانينيات القرن الماضي بل منذ أن فرّ من السودان قبل ذلك عقب مقتل الشهيدين بلل والأقرع.
لذلك أعجب أن يتحدث عرمان في خاتمة بيانه الأخير بعد اجتماعه مع إبراهيم محمود عن (ضرورة وحدة المعارضة كشرط رئيسي لإحداث وتحقيق التحوّل سواء عبر الحوار والتفاوض أو بانتفاضة شعبية) بل أن يدعو جميع قوى المعارضة إلى الاتفاق على رؤية موحّدة حول مسار الحوار)!
من يثق فيك أيها الرويبضة المخادِع وقد قرأوا تاريخك الحافل بالمخازي حتى مع رفاقك في حركات دارفور؟!
أقول مجدداً إن هذا الرجل يظن أن (الريالة) تسيل من صدورنا وأن ذاكرتنا ستنسى كل ما اقترفه في حق وطنه وشعبه وأحزابه السياسية!
إنه يظننا نسينا ما فعله زعيمه قرنق بالتجمع الوطني الديمقراطي حين امتطاه حماراً حتى بوابة نيفاشا وربطه في هجيرها خارج القاعة ودخل وحصد اتفاقه الكارثي مع الحكومة ثم فعلها أولاده خلال الفترة الانتقالية بعد أن تلاعبوا بأحزاب جوبا المسكينة وخدعوها ومضوا في إنفاذ استراتيجيتهم.
ذلك كان في الأيام الخوالي حين كانت الحركة تستقوي باتفاقية نيفاشا وبقوتها العسكرية، أما اليوم فإنها في أضعف حالاتها بعد أن ذهب الجنوب وأصبحت مجرد قطاع صغير مهيض الجناح كما أنها اليوم بعد انفضاض سامر الجبهة الثورية أصبحت في حالة يرثى لها بعد أن خرجت منها حركات دارفور جراء سقوطها الأخلاقي و(كنكشتها) في منصب رئيس الجبهة الثورية كما أن دولة الجنوب التي كانت تدعمها تحتضر على سرير الموت بعد الحرب الأهلية التي أنهكتها ولا تزال، وفوق ذلك فقد تلقّت الحركة هزائم منكرة من القوات المسلحة وقوات الدعم السريع أوشكت أن تقضي عليها، ولذلك فإن عرمان في أضعف حالاته وأخشى ما أخشاه وأحذّر منه إن يصار إلى اتفاق نافع عقار من جديد.
أقول مجدداً إننا نتوق إلى السلام لكننا لا نثق في عرمان ونحذّر من خداعه ويجب أن يفصل بين القضايا ويُكتفى بالتفاوض حول ملف المنطقتين، وتُحال بقية القضايا (القومية) إلى الحوار الشامل الذي يمكن لعرمان وحركته الشعبية أن يكونا جزءاً منه.


تعليق واحد

  1. بلدا يقدل فيها الطيب مصطفى رجاله لازم يشتغلوا حنانات ونتافات !!!