تحقيقات وتقارير

قصة عطاء يرويها الزمن.. ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة.. بين الماضي والحاضر


يبدو جلياً للجائل في سوق مدينة القضارف الحركة الدؤوبة للزبائن، والتي لا تتوقف مهما كانت الأسباب، فلا الأمطار ولا البرد القارس، ولا الشمس الحرور توقف نبض السوق وحركته النشطة. السوق يضم مجموعة كبيرة من الفِرِّيشة والباعة أصحاب الأغراض البسيطة، ارتفاع الأسعار أثر على تلك الشرائح الحاضرة داخل السوق منهم من لديه أطفال صغار، ومنهم الطالب الذي يثابر من أجل سداد رسوم الامتحان، ومنهم أطفال حالمون بمستقبل واعد، وبكل ابتسامه وحب للعمل يبحثون عن الأفضل، ومنهم أمهات يسعين لتربيه يتامى، ومنهم من تحملت لهيب النار وحرارة الجمر للحصول على لقمة حلال .
أسعار بسيطة
السيد عبد الله الفكي عمر، بائع المباخر الفخارية، القلايات (طوة البن)، ومجموعة من المصافي موجودة أمامه على الرصيف. عبد الله يحكي (لليوم التالي) عن السوق ونبضه ويقول: (أنا شغال أكثر من خمسين عاماً ولديَّ قناعة تامة بالشيء القليل، وأرتضي بما قسمه الله تعالى لي من رزق. وقال إن أسعار المباخر (2) جنيه، وأنه يتعامل ويتماشى مع الزبائن حتى لو تحدث خسارة في ما قال عن أسعار المصفاة بـ(3) جنيهات. وكشف عبد الله أن دخله اليومي ما بين (30- 40) جنيهاً. وختم حديثه: (الشغل عايز صبر بس يا بنتي).
ركود في بيع التوابل
حاجة كلتوم التي لا تبعد كثيراً عن موقع العم عبد الله، والتي تعمل في بيع التوابل بشتى أنواعها والويكة والشطة واللوبيا البيضاء، قالت لـ(اليوم التالي) إن (الظروف أصبحت صعبة شديدة والوضع كل يوم متغير، والشغل قليل يوم نترزق ويوم ما في ولا شيء لكن الحمد لله). وتضيف كلتوم: (والله عملت في شتى المجالات وبرضو بيع ما في)، وتواصل: (زمان كان نبيع شوية من اللوبيا والويكة لكن اليوم مرة في ومرة ما في والله اللوبيا التي أمامي ليها ثلاثة أيام مافي زول جاء اشترى مني أعمل اكثر من (14) عاماً، زمان السوق بخيرو وما زي الآن).
السوق واقف
(دكوة وشطة وفول) أمام الحاجة حياة هارون التي تعمل في السوق منذ (15) عاماً. وتؤكد أن السوق واقف عديل، وأحياناً تنشط حركة البيع قليلاً يعني مرة كدا ومرة كدا. وتضيف الحمد لله زمان نشتري كوز الشطه بـ(10) جنيهات، وحالياً أصبح بـ(16) جنيه. والدكوة زمان الفول الملوة بـس (40) جنيها والآن بـ (60) جنيه كل الحاجات ارتفعت.
بينما تجلس حواء محمد علي أمامها طبق الكسرة، وتقول: (السوق أصبح الحمد لله لكن الأيام دي البيع مرات كدا نرجع بخفى حنين، العيشة أصبحت صعبة والأسعار مرتفعة). وأضافت: (بقينا نشتري العجين والحطب، والحطب أصبح غالي ويصعب وجوده).
بين الأكياس وفرش الأسنان
فى السياق قال محمد هارون إدريس، طالب بالصف السادس وبائع أكياس، إن (السوق متقلب أعمل من أجل جمع مصاريف الدراسة). وأضاف: (عندما يكون البيع كويس الدخل يبلغ (30) جنيهاً ويحقق لي ربح ما بين 8- 9 جنيهات. وقال محمد بشتغل بعد نهاية دوام المدرسة. من جهته قال إسماعيل بشير أحمد: (بدأت العمل بصحن ليمون وحالياً لدى ستة لآن الليمون زمان بـ (3) جنيهات واليوم ارتفع إلى 5 جنيهات، وفى اليوم الواحد أبيع ثلاثة صحون). عبد الله آدم بابكر، بائع معجون وكبريت وفرش أسنان، قال: (أبيع (35) جنيهاً في اليوم وبربح (13) أو (16) جنيهاً، كدا غايتو الحمد لله). بينما أضافت سكينة نورين صاحبة طعمية: (الأسعار مرتفعه وبيع مافي). أحلام يحيى بائعة تسالي وفول: (الأسعار اختلفت ما زي زمان نقول الحمد لله بس لكن السوق ميت والله).
سبح وطواقي
الأمين مبارك يبيع السبح والطواقي، ويمضي في ذات اتجاه من سبقوه من العاملين بالسوق بتأكيده على أن (السوق فعلاً تعبان مع ارتفاع الأسعار مازي زمان وناس البلدية بطردونا مابخلونا نمشي ونجي ما مستقرين والحاجات مرتفعة). بينما يشير جعفر أحمد صاحب درداقة خضروات ويقول: (الناس بشتروا رقم ارتفاع الأسعار غايتو السلطة دي ماشة وفي أيام كدا والله الخضار دا إلا أودي البيت ناكلو).
نجاة سليمان تعمل (غداء) في السوق طبايخ خضراء وبامية وبطاطس وتقول: (شغالة لي (20) سنة ببيع في الملاحات ديل الأسعار يوم الخضار غالي ويوم رخيص الحاجات غالية إلا الصبر بس أحسن زمان بي كتير والآن تعب، بس الزول لو قدر تغطية احتياجاته يقول الحمد لله).
الأسعار ما زي زمان
حامد حسن أحمد بائع سكاكين يقول: (أعمل منذ 30 سنة وأن العمل لا يعود علينا بتوفير والأسعار غالية زمان نشتري المكونات بي 30 والآن ارتفعت إلى 50 وبعد دا نشتري ونجيب ومافي زول يشتري في اليوم نبيع سكين واحد زمان نبيع تلاتة وأربعة، ولكن الوضع اتغيرحاليا). أبكر محمود عامل الورنيش والخياطة: (ارتفاع الأسعار أثر على الشغل الخيط البنخيط بيهو زمان كان 15 والآن بـ22 والناس خلت الورنيش ولا شنو ما عارف).

القضارف – سارة المنا
اليوم التالي