حوارات ولقاءات

الفنانة ياسمين إبراهيم: علمت الاستراليين الغناء السوداني


الوعي الذي تمتلكه الفنانة ياسمين إبراهيم محجوب جعلها تنسجم مع الواقع الجديد الذي دخلته وهو المجتمع الاسترالي، وسرعان ما أحدثت تأثيرها الجمالي والإبداعي فيه، وذلك لأكثر من سبب، أولاً: لتعاملها مع الغناء والموسيقى بروح المسؤولية، ثانياً: الطاقة التي تمتلكها جعلتها خلاقة وقادرة على تأسيس مشروع فني ثري وغني، هذا الغنى مستمد من ثقافتها وحضورها، فاكتشفت براحات ومساحات جديدة وحية ونابضة، لذلك لابد من محاورتها حتى نعرف من خلالها كيف استطاعت بناء المشروعات الفنية والثقافية، وهي المدربة على ذلك، لأنها بنت تجربتها بناءً متمهلاً، ساهم في ذلك والدها ووالدتها والأصدقاء المحيطين بها، ولايمكن نسيان ساورا الفرقة التي قدمتها لنا، ومعها وضعت أول مداميك المعرفة والوعي بضرورة الغناء الجاد المؤثر في المجتمع والمتأثر بقضاياه والمتفاعل معها.

٭ ماذا عن ساورا؟
– ساورا كانت بداية انطلاقتي الفنية، وكنت محظوظة مرتين أولاً بانضمامي إليها، فهي مجموعة لها أطروحات فنية مختلفة ومتميزة من حيث المفردة اللحنية والشعرية، الثاني أنني كنت ضمن الألبوميين لساورا (توما1- ويوما ما) وساورا علمتني كيفية إدارة النقاش والخلاف وأهمية العمل الجماعي
٭ المتابع لفرقة ساروا يلاحظ أن النشاط الفني أصبح قليلاً مقارنة بما مضى؟
– مؤكد أن العمل الفني يحتاج إلى الاستقرار، والذي يقود إلى الاستمرار، وأكثر الأسباب التي تجعل من العمل الفني متارجحاً وغير مستقر الظرف الاقتصادي والضائقة المعيشية، أضف إلى ذلك قلة المنابروالقيود المفروضة على الفنون في السودان، وهذا الأمر لم ينعكس على ساورا وحدها، بل على كثير من التجارب الجادة، ساورا عانت مثل كثيرين من الدعم المادي والإعلامي الذي كان موجهاً لمجموعات ومغنين بعينهم
٭ إذن ماهي مقومات العمل الفني ؟
– لابد من التوافق والانسجام بين الأفراد، مع ضرورة فهم وإدراك أن الاختلاف مهم أيضاً، لكنه اختلاف يفضي إلى التطور، ويهدف إلى ايصال فكرة ورسالة إلى الجمهور في ساورا.. أحياناً كنا نختلف في كيفية التوصيل والتنفيذ، لكننا نتفق جميعاً على الجوهر والمبدأ
٭ ولماذا هاجرت ياسمين هل من أجل منابر أم لسبب اقتصادي؟
– قطعاً الضائقة الاقتصادية هي السبب الأول، ولم أكن أتخيل في يوم أن أصبح خارج ساورا، وبعد وصولي واستقراري في أستراليا شعرت أن المناخ ملائماً للعملية الإبداعية، وكل شئ مهيأً، ساعدني في ذلك وجود عدد من الموسيقيين السودانيين ومعهم كونا فرقة النيل الأزرق، والتي كانت تقدم أغنيات التراث والأغنيات المسموعة، وللأسف النيل الأزرق لم تستمر زمناً طويلاً
٭ وماهي الخطوة التالية؟
– فكرت في ضرورة الانتاج الخاص فقد كنت مؤمنة بضرورة واهمية الأمر، فكان أن كونت فرقة موسيقية أسميتها (ياسمين الموسيقية) ولاحقاً اصبحت تحمل اسم (فانوس)
٭ ولماذا فانوس؟
– أنا مغرمة بالفانوس ولدي ارتباط وثيق به، ولدي معه ذكريات ودفء مشاعر.. خاصة عند انقطاع التيار الكهربائي تجدنا نتحلق حوله ونستمتع باضاءته الخفيتة، كما أنه يمثل عندي الأمل الذي ينبع من الظلام،
هذا على المستوى العام.
٭ هل هناك ذكريات خاصة مع الفانوس؟
– نعم فأبي المهندس إبراهيم محجوب عليه الرحمه كان رجلاً لديه من اليقين ما يجعلك صامداً ومثابراً ومتحفزاً، مثلاً الأحزان عنده كان يترجمها إلى عمل فني، ولأنه رجل متعدد المواهب فقد كان يكتب الشعر ويغني كما أنه بارع في النحت على الخشب،
ولي معه حكايات وأقوال ملهمة، أذكر أنه قال لي مرة إن الإنسان السوداني رغم المرارات، لابد أن يجد طريقاً يجعله يصل إلى هدفه..
٭ إذن كان أبوك داعماً كبيراً لك ولشقيقاتك المبدعات؟
ـ ليس أبي وحده، أمي أيضاً، فقد كان لها دور كبير في تشكيل وعينا وترتيب حسنا الإبداعي، فهي إلى جانب وعيها وثقافتها كانت صاحبة حضور إبداعي، وتمتلك صوتا عذباً، وأنا وشقيقاتي محظوظات بالبيئة والبيت الذي نشأنا فيه
٭ هل فكرتي في التغني بأشعار والدك؟
– لا، لم أغن له حتى الآن، لكنني أفكر هذه الأيام في تقديم أعمال غنائية من أشعاره
٭ هل ارتبطتي بشعراء بعينهم؟
– لا أضع نفسي في القوالب ، الكلمة الجيدة هي التى تحركني صوب الشاعر، لكن لدي شعراء تعاملت معهم مثل خطاب حسن أحمد وعفيف إسماعيل وطلال دفع الله والراحل محمد محي الدين وآخرين
وماذا عن الملحنين؟
٭ تعاملت مع الموصلي وعبد اللطيف عبد الغني وشريف شرحبيل وغيرهم
٭ كيف استطعتي من خلال فرقتك المكونة من أستراليين التغني بالغناء السوداني؟
– سبق أن سمعت إشارات بأنني أغني بالأسلوب الغربي، لكن أنا محكومة بالآلات الموسيقية المستخدمة في الفرقة، لكنني ظللت حريصة على النغم والإيقاع السوداني، وكلنا نبذل مجهوداً مضاعفاً لأن نغني ونعزف ماهو سوداني، والأجمل أن الفرقة تعملت الغناء السوداني (وبقوا يشلوا معاي)
٭ سمعنا وقرأنا أن الجمهور يتفاعل مع أغانيك؟
ـ نعم الجمهور يتفاعل مع أغنياتنا ويغني معنا، ويسأل عنها بشغف، وعن مصدرها وبلدها
٭ إذن أنت تحملين هم الأغنية السودانية والسودان؟
ـ لدرجة الهاجس، أنا مشغولة بهذا الأمر، فأنا عادة أحاول التعريف بالأغنية والهدف منها وما إلى ذلك، حتى أضع المستمع في الصورة،
وفي المسارح كثيراً ما كنت أشرح للناس قيمة بلادي وجمالها، وأبث أمنياتي بأن يعم السلام فيها.
٭ هل الإعلام متابع لنشاطك الإبداعي؟
ـ أجرت معي عدة صحف استرالية حوارات، كما أنها كتبت عني تقارير صحفية، وهناك إذاعة استرالية اسمها (اس بي اس) ظلت تتابع أعمالي وأنشطتي وتبثها
٭ هذه التجربة الطويلة ألم تتوج بالبوم؟
ـ صدر لى ألبوم غنائي وهو من إنتاجي ويحمل عنوان (أنا لافي) قبل أربعة اعوام، وللأسف لم يوزع بالطريقة والشكل المطلوب، «أنا ماشاطرة في التوزيع والتسويق)
٭ وماذا عن الفيديو كليب؟
ـ هو أحد العوامل المهمة في العمل الفني والغنائي الآن، لكن عادة ما تواجه الفنان مشكلة الدعم والإنتاج, والفيديو كليب، يحتاج إلى مقومات مادية كثيرة، إلى جانب الدعم الإعلامي، فهي حلقات ترتبط ببعضها البعض، والناتج لصالح الجمهور
ماذا عن الأسرة سمعنا بأن أحد أبنائك مغني ؟
ـ نعم ياسر مغني راب، وقد قدم كثير من الحفلات الغنائية في مسارح جامعة الاحفاد، وقد غني معي في ثنائيات لأكثر من مرة، ولاتنسي أن ابنتي أنجي أيضا تعزف على الجيتار والبيانو، وما يجدر ذكره هو زوجي جلال الجميل فقد ظل ملهماً ومسامهماً في كل تجاربي.

حوار إمتنان بابكر
اخر لحظة


تعليق واحد

  1. نفرخ في الفنانين لما البلد اتملت – وتقريباً حالياً كل مستمع في قصاده تلاتة فنانين علي اقل تقدير – وبقا عندنا فائض للتصدير وفعلاً صدرنا للدول التعبانة من الناحية دي وابشركم الآن عندنا فنانة في فرنسا دعماً لمسيرتها الفنية التعبانة وعندتا كم واحدة في مصر وعندنا في امريكا متطوعين بمحو الامية الفنية – ومؤخراً اكتشفنا استرالية – اسف اقصد اكشفنا انه استرالية محتاجة لمعلمين سودانيين في هذا المجال بعد ان علمت عن امتياز المعلم السوداني في دول الخليج في مجالات اخري . وعندنا فرصة كبيرة نضرب الدول التعبانة في مجال الثقافة ضربة قاضية فتتواري تكنولجياتهم خجلاً من من ابداعتنا الناصعة السواد