حيدر المكاشفي

اتكلوا على الله واشتغلوا حواة


عندما علم الكوميديان عادل إمام في مسرحية (شاهد ما شافش حاجة)، أن حاجب المحكمة يتقاضى راتباً سبعة جنيهات وهو يعول عائلة من سبعة أولاد، لم يجد ما يساعده به على حل هذه المعادلة المختلة، غير أن يقول له (اتكل على الله واشتغل رقاصة).. وعندما علمنا بالأمس من الدراسة التي أعدها مجلس الوزراء أن راتب العاملين بالدولة لا يغطي سوى 12% من الاحتياجات المعيشية، لم نجد ما نعزي به هؤلاء العاملين الصابرين (مع تحفظنا على دقة النسبة المذكورة)، غير أن نقول لهم على طريقة عادل إمام (اتكلوا على الله واشتغلوا حواة)، فمثل هذا الحال الذي أنشد فيه شاعر مفلّس ومدبرس فقال:
آه يا اللي اسمك ماهية
يا اللي جايبالي الأذية
وفي أول كل شهر همومي هي هي
يا دوب أقبض ألقى كتير قابضين عليا
المعدة تعبت يا عالم من الفول والطعمية
نفسي آكل لحمة مش سخينة ماجي مغلية.. وهو كما ترون حال يحتاج إما لبراعة الحواة أو لـ(التكتيكات) كما في الحالات أدناه…
عامل بسيط لا يتعدى راتبه الشهري الثلاثمائة جنيه، التقته في عرض شارع الله أكبر مذيعة فصيحة ولضيضة، كانت تجري استطلاعاً مع عامة المواطنين حول غلاء الأسعار وكيف يجده المواطنون وإلى أي مدى يستطيعون التوفيق بين دخولهم المحدودة والأسعار المنطلقة والمنفلتة، استوقفته وسألته بعد أن شرحت له مهمتها، قالت كم يبلغ راتبك الشهري، قال ثلاثمائة جنيه، قالت هل تسكن في بيت ملك أم إيجار، قال إيجار، قالت وكم تبلغ قيمة الإيجار، قال ثلاثمائة جنيه، قالت وقد فغرت فاهها من الدهشة وسألته مستنكرة، مرتبك تلتمية ومؤجر بي تلتمية؟! قال نعم، قالت طيب نخلي أي شيء العلاج والمواصلات وحق الكهربا والموية والمدارس، بتاكل شنو، قال وقد بدت على وجهه كل ملامح الجدية، باكل سيد البيت…
مسؤول كبير في دولة تقع في التصنيف الذي يشمل دولتنا، التقى على هامش أحد المؤتمرات بمسؤول كبير في دولة من الدول المصنفة بالمتقدمة، ودار بينهما حوار شبيه بذاك الذي أدارته المذيعة مع العامل، سأل مسؤول الدولة النايمة – عفواً النامية، المسؤول الآخر، كم يبلغ متوسط المرتب الشهري للموظف عندكم، قال حوالى خمسة آلاف دولار، قال وكم يصرف من هذا المرتب، قال حوالى ألفين وثمانمائة دولار، قال يعني حيوفر ألفين وميتين دولار وديل بسوي بيهم شنو، قال نحنا دولة ديمقراطية ما بنسأله، بعدها انتقل المسؤول إلى خانة السائل، وقال كم يبلغ راتب الموظف عندكم، قال حوالى ميتين دولار، قال كم يبلغ مصروفه الشهري، قال ألف دولار، قال ومن وين بغطي هذا الفرق الكبير، قال مسؤول الدولة النايمة، والله برضو نحنا دولة ديمقراطية ما بنسألوا يجيب الفرق من محل ما يجيبو!!..