منصور الصويم

عازة في هواك”.. عبقرية الخلود


حين يندفع الصوت القوي صاعداً، مرددا آهات (عازة في هواك) المبثوثة كأنها بعث في منتصف النشيد الخالد، ستحس – صدقني – بالفوران الجمالي يتكاثف بداخلك، تصحبه لحظة سمو إنساني غريب وبديع تجعلك متأرجحا بحق من اليمن إلى الشمال؛ مأخوذا بحبها – عازة؛ هذا يحدث بالضبط من بعد الأداء السامي لجوقة الأداء الجماعي لطلاب معهد الموسيقى والمسرح في العام 1974م كما هو موثق في (الفيديو) المبثوث على موقع (يوتيوب)؛ ذلك الأداء الذي يهبنا معاني وأبعاد متجددة مغترفة من معين هذا النشيد الوطني الخالد، المتفرد في نظمه الشعري / المجازي – الجمالي، وفي تركيبه اللحني والموسيقي، القابل للتجدد وفق نسق كوني يمتص كل الطرائق الأدائية واللحنية ويقود في ذات الاتجاه – عازة الخليل.
في هذه الأغنية، النشيد – الوطن يحقق خليل فرح (1894-1932) معادلة الحب – الإنساني في أرفع منازلها، ويتمكن من القبض على المعنى الواصل بين الروحين: (الإنسان – الوطن، أرض الانتماء)، فكلمات القصيدة المرموزة بشعرية عالية، تخلق – قراءة – حالة من الصحو أو البعث النفسي الدافع للحراك أو لصبغ المعنى والتمسك به؛ صحو وبعث أبديان، تختزنهما أبيات القصيدة، متوافقان مع كل تحول وتبدل، ثابتان وجاذبان – أبدا – صوب الأرض الوطن.. هذا وهي كلمات قبل أن يحقنها – خليل نفسه – بالخلود اللحني ذي البعد الحياتي – الشجني – الرسالي:
“عازة ما سليت وطن الجمال ولا ابتغيت بديل غير الكمال..
وقلبي لي سواك ما شفته مال خذيني باليمين أنا راقد شمال”
كم من المرات تغني الفنانون بـ (عازة في هواك)؟ وكم من الأنفس والأبدان والأرواح استمعت لـ (صوت ونداء عازة) وتوحدت معه؟ وأي إضافة لحنية موسيقية أدائية تلك التي منحنا لها معهد الموسيقى، وهو ينبعث وينولد من خلال (عازة الزمن السبعيني، الثمانيني، التسعيني وفي الألفية)؟ إنه الخلود يطبع ترددات صدى آهات مصطفى سيدأحمد في عازة السبعينيات، إنه الخلود يرافق أزلية الانتماء في أداء عبدالله دينق في عازة الثمانينيات، إنه الخلود يضع بصمته الباهرة في أداء منى مجدي البديع، إنها كونية الخلود في أداء الكوريين والروس والفرنسيين والعالم أجمع وهو يغني:
“عازة في الفؤاد سحرك حلال ونار هواك شفا وتهيك دلال
عذابي في هواك حلو كالزلال تزيدي كل يوم عظمة وازداد جلال”
ختام: عبقرية الإنسان السوداني تتجلى في هذه الأغنية الرمز – المعنى – الخلود.
استدراك: “عازة جسمي صار زي الخلال وحظي في هواك صابو الكلال”.


تعليق واحد

  1. صدقوني هذه هي الأغنية أو النشيد الوحيد الذي لا أحبه. لا أجد فيه ما يجذبني وكثيرا ما أهرب من التلفزيون أو الراديو عندما يتغنى أحدهم بهذه الأغنية والتي يبدو أن السودانيين متيمون بها. أغنية تدعو للسى والحسرة والحزن الكاسر. فكفاية نواح وبكاء وحسة وألم انتفضوا أصحوا أعملوا العقل دعو العاطفة ترتاح قليلة كل شيء عزه في هواك. أغنية عمرها أكثر من 60 عاما وما زال الكل متيم كأنما اللغة توقفت هندها. فعلا شعب عاطل وكسول وغير مبدع. ويفكي أن من يتصدى لحل مشاكلنا الآن هم نفسهم الذين تصدوا ومازال منذ قبل الاستغلال نفس العقليات.