رأي ومقالات

أيها الصحافيون: حاسبوا أنفسكم..


الحلقة الأولى من الحوار الخبطة الذي أجرته الصحفية المميزة لينا يعقوب مع الفريق أول محمد عطا مدير جهاز الأمن والمخابرات، وردت فيها نقطة مهمة وملفتة للنظر تتعلق بالصحافيين وعدم انتقادهم لأنفسهم ومؤسساتهم بنفس الشجاعة والجرأة والشفافية والصراحة التي ينتقدون بها الآخرين، وساق مدير الجهاز مثالاً لذلك بتدخل اتحاد الصحافيين لإيقاف بث مسلسل «بيت الجالوص» بالإذاعة بسبب أن المسلسل تضمن إساءات وتجريحاً وغمزاً ولمزاً في ممارسة بعض الصحافيين وسلوكهم غير المتفق أحياناً مع أخلاقيات المهنة وضوابطها وأعرافها.
وفي الحقيقة، فإن ما أشار إليه السيد عطا فيه الكثير من الصحة إذ نجد الصحافيين ينتقدون كل كبيرة وصغيرة ويفتون أحياناً فيما لا يعنيهم، بل ينشرون معلومات وأرقاماً خاطئة ومضروبة حول الصادر والوارد ونسب الفقر وإحصائيات الوبائيات وأرقام القتلي، وأحياناً ينشرون تقارير مصادرها غير معلومة وغير موثوقة أو يعتمدون على إفادات محرر أو مراسل «ملفوحة لفحاً»، وعندما يوقعهم ذلك في قضايا وشكاوى أمام المحاكم تجدهم يتذمرون ويتحدثون عن أن النيابات والمحاكم لم تحترمهم وأهدرت وقتهم الثمين، وكأني بهم يريدون معاملة خاصة غير مبررة مع أنهم لا يتورعون أحياناً في نشر ما يؤذي الآخرين ويضر بهم، دون أن يبذلوا ما يكفي للتحقق والاستيثاق قبل النشر والإثارة.
ومما لا شك فيه أن الصحافة دورها مهم وفعال ومطلوب في الرقابة والتبصير وكشف الفساد الحقيقي دون تهويل ودون خوف ومجاملة، لكن حامل القلم عليه أن يعلم أنه يحمل أمانة عظيمة، وأن عليه أن يبذل ويتعب لأداء تلك الرسالة، وإذا ما أخطأ أو وقف على خطأ من المؤسسات الصحفية وزملائه ينبغي أن يكون شجاعاً في الدعوة للرجوع للحق وقول الحق ولو على نفسه وزملائه، ووضع ما يلزم من المعالجات بحيث لا يتكرر الخطأ. وما ذهب إليه السيد مدير جهاز الأمن بهذا الخصوص يعبر عن رأي وهواجس العديد من المسؤولين والعامة الذين يطمعون أن يكونوا سواسية في دولة قانون محترمة يفخر بها ويثق فيها كل الناس مهما اختلفوا واختصموا، وعليه نتمنى من الإخوة قادة العمل الصحفي تجويد مهنتهم وتفعيل مواثيقهم حتى لا يتركوا ثغرة تنال منهم وتؤخذ عليهم وإن أخطأوا فالرجوع للحق فضيلة، جعلنا الله جميعاً من الفضلاء في رحاب وطن فاضل نرجو له موقعاً فوق الثريا.

معتز محمد الكنزي المحامي
الانتياهة