مقالات متنوعة

محمد عبد القادر : الخرطوم.. توطين الأمراض بالداخل!!


قضية الصحة العامة والبيئة يُفترض أن تُحظى باهتمام مُتعاظم لدى القيادة السياسية والتنفيذية، لأنّ الأمر وصل مبلغاً من الخطورة تمدد معه المرض في الأجساد وبات العلاج يستأثر بأكثر من نصف مداخيل السودانيين أملاً في الشفاء وبلا فائدة في أحايين كثيرة.
نسأل الله تعالى العافية، ولكن جولة مسائية لأيِّ مسؤول في شارع الحوادث أو إطلالة على صفحات عَمَــلَ الخير في الجرايد اليومية أو نظرة على مجموعات (المروة) في الواتساب سَتُوضِّح الى أيِّ مَـدَىً وصل المرض بالناس وسط ظروف اقتصادية لا ترحم .
مهما اجتهدت الدولة في توفير ما تُسمِّيه بـ (العلاج المجاني) أو وسّعت من مظلات التأمين الصحي، ومهما اجتهد الناس في التكافل من أجل فاتورة العلاج، فإنّ الأمر لن يؤدي الى النهاية التي ننشد فيها العافية لكل مواطن، لأنّنا أهملنا البيئة التي تفرخ الأمراض بغزارة دون أن نمنحها الاهتمام اللازم.
في إحــدى زياراتي للبحر الأحمر كان واليها محمد طاهر ايلا يصرف على نظافة البيئة صرف من لا يخشـــــى الفقر أذكر أنه استعان في تلك الفترة على جيوش الذباب بالطائرات، كان الناس يرون في فعله ترفاً ولكن الرجل كان ينشد تمزيق فاتورة العلاج ومُحاربة المرض وهو في بدايات التفريخ فتحصل على نتيجة مُــذهلة تقلص معها الصرف على الأدوية والعلاج الى أكثر من 50%.
لن يجدي الحديث عن مُحاربة المرض يا وزارة الصحة وأطنان النفايات والأوساخ تطـــوق الأماكن وتستوطن الأحياء.
ولن يكون مُجدياً الحديث عن صحة المواطن ونحن نعيش في بيئات قذرة ومُتسخة صارت توطن المرض بالداخل بدلاً عن العلاج بالداخل، قصة نظافة العاصمة أعيت الطبيب المُــداويَا تظل (حكومات تجي وحكومات تفوت والحال ياهو نفس الحال).
من أين نحلم بوطن أو بعاصمة خالية من الأمراض ونحن نتواطأ معها بإهمال صحة البيئة، تَمَنّيت لو أعلنت الخرطوم 2016 عاماً للنظافة، فالحال لا يسر الآن بعض المُعتمدين (نَايمين على الخط) السلطات الصحية (لا تهش) ذبابة و(لا تنش) بعوضة بالعكس هي توفر (محاضن خمسة نجوم) لاستضافة الآفات، العاصمة تعيش في حالة (قذارة دائمة) والأمراض (على قفا من يشيل)، ونحن نَتَحَــدّث عن صحة المُــواطن.
اصرفوا على صحة البيئة حتى لا يكون العلاج (بزنس) للآخرين، نحن لن نحتاج الى دواء إذا أتقنّا النظافة وعَقّمنَا صحة البيئة، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء .
لا أعتقد أنه من الترف أن نحلم بعاصمة نظيفة وبيئة لا تتصالح مع الأمراض ونحن في خواتيم العام 2015، مُقارنة الخرطوم بأية عاصمة حديثة التكوين ستكون مُخجلة مع الإخفاقات المَاثلة في ملف النظافة، انتكس الأمر بصورة خطيرة الآن، أكوام النفايات تحتل العاصمة حتى في أحيائها المَخملية، كيف يُمكن تفسير مثل هذه المشاهد المُقزّزة في قلب عاصمتنا الحضارية، نتمنى أن تنتبه الجهات المَعنية بصحة المواطن الى ارتفاع مُعدلات الأمراض بصورة خطيرة خلال الفترة الماضية بسبب تدهور صحة البيئة.