منى ابوزيد

لا تعكروا مزاجنا ..!


٭ بعيداً عن هدير الحوار الوطني، وقبل أن يتواضع الساسة والسائسون على أمره – ضع نفسك مكان سلطة تنفيذية تمثل الوجه الآخر لحزب أوحد لا شريك له وهي – على عكس ما يحدث الآن – تحترم رأي المواطن في أدائها .. ما هي حزمة التدابير والقرارات التي كان من الواجب اتخاذها بشأن وعكة سياسية أصابت علاقة هذه الحكومة ببقية الأحزاب؟! .. إذا تأملت في واقع الحال وطبيعة المعالجات، سوف تخلص إلى أن تلك الشخصية السياسية الاعتبارية بحاجة ملحة إلى معالجة نفسية لعدة أدواء: شيزوفرينيا التمثيل السياسي .. مكابرة الملكيين أكثر من الملك .. تجاوزات المتحزبين أكثر من الحزب .. تدليل أولي الحظوة من الكوادر على حساب كفاءة أدوارهم في الحكومة .. فهل- يا ترى – من مذكر ..؟!
(2)
تبقى مشكلة السياحة في السودان مسألة قناعة في المقام الأول، هو ظرف اجتماعي يرجع إلى طبيعة هذا الشعب الذي لم تكن السياحة يوماً جزءاً من عاداته السلوكية أو قناعاته الاقتصادية، لذلك تجده غير مبالٍ – أو غير مقتنع إن شئت الدقة – إذا حدثته عن كون الاستثمار في بعض المشاريع السياحة لا يقل عن أهم الاستثمارات التي يعتمد عليها دخل البلاد! .. بينما المنطق البسيط يقول: هب أنك لا تأكل «باسطة» لأنك مصاب بالسكري، ثم يأتي أحدهم ويعرض عليك استثماراً مضموناً في محل لبيع الحلويات .. هل سترفض الربح الوفير، فقط لأنك لا تستطيع أن تأكل مما تبيعه للناس ؟! .. كلا بالطبع .. ستغريهم بأكل الباسطة حتى تتمكن من شراء الأنسولين .. وكذلك الاستثمار في السياحة ..!
(3)
لعلك تغتاظ مثلي كلما سمعت بعض خبراء الاقتصاد وهم يتحدثون بحماسة – لا ريب فيها – عن خصخصة بعض مؤسسات القطاع العام، وكأنها عصا موسى التي ستشق خط الفقر في السودان .. بينما في بقية دول العالم التي أفلحت في تطبيق سياسة الخصخصة يعول خبراء الاقتصاد وصناع القرار على توابع المنافسة التجارية – المتمثلة في «حرية السوق» – من تجويد وإتقان ودقة في تقديم مواصفات العرض لحصد أكبر نسبة من الطلب، وكله في إطار فلسفة المنافسة الاقتصادية الحقة التي تنهض بالمشاريع وتشد من أزرها .. لكن الذي تفهمه معظم قطاعات الشعب رغم أنف الترويج والحماسة هو أن الانتقال من احتكار الحكومة إلى احتكار جهات بعينها في القطاع الخاص هو نقل ملكية وليس خصخصة ..!
(4)
كلما كثر الحديث عن نهوض بعض الأمم من ركام العدم انبرى بعض سادتنا المسئولين للحديث عن تجربة مهاتير محمد كمثال على عظمة الدور الذي يلعبه القادة في النهوض بشعوبهم .. وكيف أننا في سودان البخاتة يجب أن نحذو حذوها! .. هذه المقارنة هي – بلغة الفقهاء – قياس فاسد لأن تاريخ ماليزيا – ببساطة – ومنذ استقلالها يؤرخ للبنات قوية قامت على أساسها نهضة اقتصادية، ولا شك في أن التطور الكبير حدث في عهد مهاتير كان بفضل سياساته الحكيمة والذكية – لا مراء – لكن نجاح الرجل لم يكن ليتحقق لولا وجود بيئة مهيئة، ولم يكن ليستمر لو لم ينهض على تأسيس ما يضمن له البقاء بعد مجيء غيره .. التجربة الماليزية أصبحت مثالاً يحتذى بفضل التخطيط الاستراتيجي، وثقافة تسلم شعلة الإصلاح وتسليمها بعدالة وشفافية ومسئولية .. بينما في بلادنا يتحاشى معظم القادة الخطط الاقتصادية بعيدة المدى، ويشجعون المشاريع التي يسهل قص شرائطها الملونة بأيديهم!، فيؤدون بذلك أدوار البطولة في «مسرح الرجل الواحد».. إذاً مهاتير كان «حامل شعلة» .. والسر في تتويجه بطلاً هو دوره الكبير في تعاظم اشتعالها .. لا أقل .. وليس أكثر ..!


تعليق واحد

  1. انتى البعكر مزاجك منو ؟!
    يا ريت مزاجه اصلا ما يتعدل