مقالات متنوعة

محمد لطيف : التعليم العالي تصدير الأساتذة.. إلى أين


(قالت وزارة التعليم العالي إن شح التمويل لا يزال يشكل تحدياً يجابه الجامعات التي لا تتحصل على ميزانيات من وزارة المالية، إنما تتلقى “دعومات” وتعتمد على التمويل الخارجي للبحوث، وألمحت إلى عدم ممانعتها لهجرة الأساتذة).. هذا اعتراف خطير من وزيرة مسؤولة في الدولة بتقاعس دولتها عن القيام بواجبها.. وبدلا من مضيها في شجاعتها والإفصاح عن خطورة ضعف الإمكانات وأثرها السلبي على أداء الأساتذة.. وعلى تحصيل الطلاب.. وبالتالي على المخرجات النهائية للجامعة.. وبالتالي أيضا.. على مستقبل الأمة.. وكذلك الأثر السلبي للاستعانة بالأجنبي.. كما قال وكيلها.. في تمويل البحث العلمي.. سيما وأنها تعلم.. وهي الرسالية.. خطورة مثل هذه الممارسات على بناء الأمة وتماسكها.. فقد كان حريا بالسيدة الوزيرة أن تمضي قدما بشجاعتها وتتبنى الإجراء الصحيح وهو إعادة النظر في حجم الجامعات وجدواها الاقتصادية.. ولكنها بدلا من ذلك تفاجئنا ببدعة خطيرة وهي اعتماد الجامعات على التمويل الخارجي للبحوث.. البحوث التي يفترض أنها علمية ومحايدة.. فأي تمويل خارجي تعني الوزيرة..؟ وما هي ضمانات حيادية وعلمية هذه البحوث.. إن كان لا أحد يستطيع أن يجادل أن الممول له تأثيره في ما يموله..؟
وفيما يقول الخبر إن الوزيرة ألمحت إلى عدم ممانعتها لهجرة الأساتذة.. يكمل وكيلها صراحة حين يقول.. عبر فضائية الشروق.. إن وزارته تتعامل مع مسألة هجرة الأساتذة من اتجاهين، الأول توسيع مواعين التدريب للأساتذة عبر الإحلال والإبدال، والآخر عبر “تصدير الأساتذة” ولن نمضي في مناقشة الأمر دون الوقوف عند الخبر المفجع التالي.. (توفي خمسة أشخاص وأصيب آخرون نتيجة حادث مروري مروع بالقرب من منطقة الشبارقة بطريق مدني القضارف بينهم مدير مستشفى النساء والتوليد بمدني واثنين من أشهر اختصاصيي النساء والتوليد بمدني، وتعود تفاصيل الحادثة إلى أن عربة بوكس دبل كابينة تحمل على متنها أربعة من اختصاصيي النساء والتوليد بجانب سائق البوكس قادمة من القضارف وعند منطقة الشبارقة اصطدمت ببص سياحي قادم من الاتجاه المعاكس.. وكان الأساتذة عائدين إلى مدني بعد الإشراف على امتحانات طلاب كلية الطب بجامعة القضارف..).
هذه الواقعة بكل مأساتها تعكس أمرا واحدا وهو أن ثمة نقص مريع في أساتذة التعليم العالي مما يضطر معه الأساتذة إلى الارتحال بين المدن وجامعاتها لمتابعة مهام تدريس وامتحان الطلاب.. إذن يكون محيرا أن تشجع الوزارة هجرة الأساتذة.. ومحير أكثر أن يتحدث الوكيل عن.. “تصدير” الأساتذة.. وبتجاوز الكلمة المستخدمة وخلوها من الحصافة المطلوبة والكياسة.. عند الحديث عن البشر.. ناهيك عن العلماء.. فالحديث عن التصدير لا يكون إلا بعد الاكتفاء الذاتي.. فهل تحقق..؟.. وفي ظل استمرار العجز في الأساتذة.. وفي ظل استمرار رحلاتهم بين المدن والولايات.. والأمر كما نعلم وتعلم الوزيرة ووكيلها ليس حصرا على القضارف ومدني.. وهو مشوار قصير نسبيا.. فقد رافقت من قبل أساتذة سافروا أكثر من خمسمائة كيلومتر لأداء واجبهم كممتحنين في جامعة ولائية.. عليه.. وفي ظل استمرار رداءة الطرق.. وفي ظل إصرار السائقين على السرعة الزائدة والتخطي الخاطئ.. يصبح الأمر وكأن الوكيل ووزيرته إنما يفوجان أساتذة السودان إلى الدار الآخرة..!!! فهل هذا هو التصدير الذي يعنونه..؟؟!!


‫2 تعليقات

  1. شكرا محمد لطيف علي الكلام المنطقي وهذا هو حال السودان الان يطلع علينا الوزير بتصريحات لا تمت للواقع بشئ وكل الوزراء مصابون بداء التصريحات وليس التخطيط والعمل المطلوب واكاد اجزم بأن كل وزير يصرح ويضلل في الناس وكأن الناس لا تعرف شيئا ياسادة ارحمونا وكفاية تصريحات وان النجاح في الفعل لا في التصريحات 26 سنة تصريحات وشعارات كان الله في عون الشعب المغلوب على امره

  2. كلامك ممتاز ويجب ع الدولة تحسين اوضاع الاساتذة
    وزيادة رواتبهم..والاهتمام بهم وتحفيزهم