مقالات متنوعة

محمد لطيف : مع الإمام في منفاه.. وعودة لم تتحقق! 1


في مثل هذا اليوم تحديدا من العام الماضي هبطت مصر.. وكانت وجهتي مقر إقامة الإمام الصادق المهدي.. كانت المساحة الزمنية قد تمددت بيننا من حيث التلاقي كفاحا.. وإن استمرت الاتصالات المباشرة وغير المباشرة بيني وبينه.. كنت أخطط لحضور احتفال ميلاده.. تعذر ذلك.. وفي ظهيرة ذلك اليوم دلفت إلى مقر إقامة الإمام.. بمدينة النصر.. شعرت ببعض انقباض.. وتذكرت يوم أن زرته بمحبسه الاضطراري بسجن كوبر.. العام الماضي.. فقد شعرت بذات الضيق.. فالمحبس اضطراريا كان أو اختياريا.. هو المحبس.. سبقتني الصحفية النشطة علوية مختار لحوار مع الإمام.. جلست حيث دعاني الحبيب محمد زكي.. انتظرت دون انزعاج فزيارتي للتحية والاطمئنان.. وحاجة في نفسي إذا سمحت الظروف.. وغادرت علوية بكنزها الثمين.. فانتقلت إلى حيث يجلس الإمام.. أو بالأحرى حيث وقف لاستقبالي.. وكعادة الإمام كان لا بد من بضع دقائق يطوف بها حول أحوالي وأحوال أسرتي.. حتى تخاله من بعض أهلك.. وأحسبه كذلك..!
ثم.. ودون مقدمات ودون سابق ترتيب سألت الإمام.. متى العودة؟
أجابني دون أن يطرف له جفن.. فور الانتهاء من بعض المهام.. الإجابة غامضة.. والإمام آخر من يقدم إجابة غامضة.. إذن.. فلنبحث في التفاصيل.. أي مهام..؟ الإمام يجيب.. لدي ثلاث قضايا.. قضية وطنية وقضية إقليمية وقضية عالمية.. علي أن أنجزها قبل العودة.. أسأله مجددا.. ما هي هذه القضايا..؟ يقول لي الإمام يومها.. أرتب للمشاركة في مؤتمر إقليمي ينعقد في عمان لاستنهاض الأمة.. دور الوسطية في مواجهة الإرهاب وتحقيق الاستقرار والسلم العالمي.. كما أحضر للمشاركة في مؤتمر دولي في إطار نادي مدريد.. اجتماع نادي مدريد الجمعية العمومية – الإرهاب وسلام الشرق الأوسط بحضور الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون.. أما القضية الوطنية.. يشرح الإمام.. أنت تعلم أننا نقود حراكا واسعا لجمع صف المعارضة وتوحيدها.. لمجابهة المأزق الوطني ووضع حد لغلو النظام واشتطاطه والوصول إلى مخرج يجنب البلاد مصائر الجوار.. سألت الإمام.. هل من برنامج زمني محدد..؟ نفى الإمام وجود برنامج زمني محدد.. سألت الإمام.. هل تأذن لي في الاختلاف معك..؟ كما توقعت كان رد الإمام.. تفضل هذا حقك.. قلت له سيدي الإمام.. ألا تتفق معي أنه ليس موفقا أن تربط القضية الوطنية بالقضايا الإقليمية والدولية..؟ وأن القضية الوطنية يجب أن تأخذ لديك أولوية قصوى وعناية أكبر..؟ أجابني الإمام.. صحيح للقضية الوطنية أولوية على ما عداها وتستحق الاهتمام الأكبر.. ولكن لي في الحقيقة سببان..!
ويبسط الإمام سببيه.. ويقول.. الأول أن الداخل استنفدنا فيه كل الفرص.. ظللنا نتحدث لأهل النظام ناصحين ومنبهين.. محذرين ومقترحين.. ولكن دون جدوى.. وحتى الحوار الذي رحبنا به ودعمناه.. واختلفنا مع البعض بسببه.. فرغوه من محتواه وجعلوه بلا معنى.. ويمضي الإمام.. هؤلاء الجماعة وصلنا معهم إلى طريق مسدود.. فما كان بالإمكان أن نقف مكتوفي الأيدي.. لذا تحركنا نحو الخارج.. في محاولة للم الشمل وإحداث اختراقات في الوضع السياسي.. وأظن أننا نجحنا كثيرا في ذلك.. كانت المعارضة الخارجية بحضور الإمام قد وقعت إعلان باريس في أغسطس.. ثم نداء السودان في نوفمبر.. أما السبب الثاني.. يقول الإمام.. فهو أنني شخصيا لدي التزامات تجاه نادي مدريد وتجاه منتدى الوسطية.. وأنت تعلم التعقيدات المقيدة لحركتنا في الداخل.. لذا فضلنا البقاء لحين الانتهاء من هذه المهام..!
أقول للإمام.. ولكن وجودك في الخارج يجعلك في نظر النظام جزءا من هذا الخارج.. فتفقد قدرتك على المناورة وعلى التأثير على كل الأطراف للوصول إلى المخرج الوطني الذي تتحدث عنه..؟ غدا يجيبكم الإمام على سؤالي.. ثم المفاجأة..!