مقالات متنوعة

خالد حسن كسلا : الحكومة وسد النهضة آخر كلام


> بعد أن بدأت إثيوبيا في إعادة جريان مياه النيل الأزرق إلى مجراها الطبيعي لتمر مرور الكرام عبر بوابات سد النهضة، قالت الحكومة إن ملء بحيرة هذا السد سيتضرر منه السودان اكثر من مصر.
> والحكومة السودانية هي التي قادت موضوع التوقيع على وثيقة السد هذا، فوقعت معها إثيوبيا ومصر.. فهل كانت لا تعلم بالتضرر من ملء البحيرة؟
> وهل التضرر من ملئها سيساوي التضرر من ملء بحيرة السد العالي عام 1964م؟
> مائة قرية في وادي حلفا قد اغرقها السد العالي واغرق معها آثار اقدم حضارة يصل عمقها إلى سبعة آلاف عام.
> اضافة إلى كارثة التهجير من أروع المناطق إلى منطقة في شرق البطانة، قال عنها اختصاصي الامراض العقلية الدكتور طه بعشر إنها لا تصلح للسكن البشري.
> وقد صدقت تنبؤات دكتور بعشر بحالات كثيرة.. كان ظهورها شاذاً.. والسبب يبقى تشييد السد العالي دون وثيقة مبادئ كما فعل السودان ومصر مع اثيوبيا.
> لكن لولا تسليم السلطة لإبراهيم عبود هل كان في ظل النظام الديمقراطي الأول سيكون بناء السد العالي بدون آثاره الكارثية التي اصابت السودان في إنسانه وحضارته؟
> بصراحة لقد فاجأتنا الحكومة وهي تعلن أن السودان متضرر من ملء بحيرة سد النهضة اكثر من مصر.. ولو كان المقصود بالتضرر هو ما احصاه وزير الري الاسبق المهندس كمال علي محمد فإن خبراء مثله كثر قد تحدثوا عن أن نفعه اكبر من ضرره.. وأن مستقبل السودان التنموي في أشد الحاجة إليه.
> السودان بعد انفصال الجنوب قد فقد استثمارات نفطية ضخمة، لكن كان الانفصال لا بد منه، ولا يمكن أن تستمر الخرطوم محتفظة بالسيادة على الجنوب في ظل تربص أجنبي تقوده واشنطن للنيل اكثر واكثر من السودان.
> لا يمكن أن تتعنت مثل منقستو هايلي ماريام حينما رفض بشدة وبغشامة إعطاء إريتريا حق تقرير المصير حتى جاءته الطامة.
> وذهب منقستو لاجئاً إلى زمبابوي، وكان المفترض لولا دعمه لحركة قرنق أن يأتي إلى السودان، فقيل إن والده من شايقية منطقة «الدهسيرة» بالولاية الشمالية.
> فقد كانت حرب تقرير المصير بين اثيوبيا وإريتريا مما أشغل اثيوبيا عن الالتفات إلى البنى التحتية للتنمية.
> إذن استفادت مصر من حرب إريتريا في تأخير بناء السد الذي قد لا يستمر بعد بنائه فائض المياه عن حصتها.. كما استفادت من حرب جنوب السودان.
> لكن الآن إذا كان هناك تحمس من البعض المعروف في اجتماعات أمس واليوم للجنة السداسية لسد النهضة، تحمس لبحث سبل التوصل إلى حلول عاجلة للقضايا والمعيقات التي تعرقل دفع المفاوضات الفنية والبدء في الدراسات الفنية الخاصة بالسد، فإن حكاية السد تبقى مثل متابعة صحة الجنين.. المفترض تكون وهو في رحم أمه.. بعد الولادة.
> فالموجات الصوتية يستفاد منها قبل الولادة طبعاً وأثناء مرحلة تكوين الجنين في رحم أمه.. لكن اجتماع الأمس واليوم يريد استخدامها بعد الولادة.. بعد اعادة جريان مياه النهر الى مجراها الطبيعي.
> وغندور وزير الخارجية يصف مفاوضات سد النهضة الآن بأنها صعبة وليست بالأمر السهل وكأن بناء السد لم يبدأ بعد. وبعد شهور سيبدأ توليد الكهرباء في السد، وستستعد وزارات الري والزراعة والثروة الحيوانية في السودان لزراعة مليونين ونصف المليون فدان مستفيدة من التصرف الثابت لمياه النيل الأزرق.
> ويمكن ان يعوض النهر الآخر نهر النيل الابيض عن الطمي المفقود في النيل الازرق.
> لكن هل تصريح الحكومة السودانية بأن السودان سيتضرر اكثر من مصر، يجعلنا نبحث عن تضرر مصر؟ ما هو تضرر مصر إذن؟
> إذا لم تشيد مصر السد العالي يمكن أن نقول إنها ستتضرر.. لكنها تحبس في بحيرة السد العالي «160» مليار متر مكعب وحصتها «55» مليار متر مكعب.
> فهل الضرر يتمثل في حرمانها مما يزيد عن حصتها بسبب عدم استفادة السودان منه.. ومؤقتاً بملء بحيرة سد النهضة؟
> مشكلة مصر إنها لا تجيد لعبة التعاون الإقليمي مثل السودان الآن الذي نجح فيها بجدارة.. فما استطاعت واشنطن ان تهز عرش السلطة التي طالما عادتها.
> مصر تريد أن تكون القائدة في الإقليم رغم كامب ديفيد وانقلاب السيسي على الديمقراطية.
> حتى بعد انقلاب عبد الناصر، ونحن نحتفل هذه الأيام بالذكرى الستين للاستقلال، أرادت ان يكون السودان المستقل الديمقراطي تابعاً لها وهي عسكرية شمولية دكتاتورية.
غداً نلتقي بإذن الله.