محمد عبد الماجد

الصحافة.. جلد جلد.. غرامة غرامة.. سجن سجن


«1»
> في التعريف الغالب عند العامة ورجل الشارع العادي، أن الصحف السودانية الحالية كلها تمثل «إعلام الحكومة» حتى تلك الصحف «المستقلة» التي لا تجد مفراً من التسبيح بحمد «الحكومة» من أجل الإعلان أو خوفاً من المصادرة والمحاكمة بمواد تصل حد «الإعدام».
> الحكومة فقدت القدرة على احتمال «إعلامها»، هذا أقصى حدود الضيق بالحريات.
> لذلك كلنا نمشي «تحت الحيط»، ولا نمارس «النقد» إلّا في حدود، وفي منتهى التهذيب والأدب، وعلى هامش غير ملحوظ.
> نحن نتعامل مع «الفساد» على أنه «طفل رضيع» يجب مجاراته بلطف… ونتعامل مع «السلطة» على تفضلها علينا بأن نشكره بغلظة.
> إن أردنا انتقاد «رفع الدعم» بحثنا أولاً عن «مبرر» الحكومة في ذلك، وتلطفنا في رفضنا بأسلوب يجعل القارئ يشعر أن «رفع الدعم» فضيلة.. أو هو من «مكارم الأخلاق».
> وإن قصدنا انتقاد أزمة الغاز أتينا إلى ذلك بعد التدليل والتعليل بالحصار الأمريكي للسودان.
> قطوعات الكهرباء نحسبها في ميزان حسنات «السلطة» التي تكابد وتجاهد من أجل استمرار التيار الكهربائي.
> مع ذلك، فإن السلطات لا تعجبها الصحافة السودانية، فهي لا تكتفى بارتفاع أسعار الورق وتكاليف الطباعة والضرائب والمصادرات فتزيد طين الصحافة السودانية بلة.
«2»
> وزير الإعلام المتحدث باسم الحكومة، والمنوط به الدفاع عن الإعلام والحريات أحمد بلال عثمان، قال في تصريحات صحفية «مهاجماً» الإعلام: «إن الحكومة لن تتساهل في التعامل مع الإعلام والأصوات الداعية لتثبيط الهمم وتسبح عكس التيار والتوجه العام للدولة، وبث الإحباط وهدم الحوار الوطني»، واعتبرها مسألة أمن إستراتيجي للبلاد، ووصف تعامل مسؤولي الحكومة مع الإعلام خلال هذه الفترة بأنه «حرص كلي على البلاد لأنها في مناخ تفاؤل ومحاولة زراعة الأمل بدل الإحباط».
> ليست مهمة الإعلام إشاعة مناخ التفاؤل.. هذا شيء يأتي بالواقع والمعاش وليس بالكلمات.
> بلال يقول: «في ظل هذا المناخ، من العبط أن تتساهل الحكومة مع الأصوات التي تدعو لتغيير المفاهيم عكس التيار».
> هذا المناخ يفرض التساهل والتسامح والحريات لن يكون هناك «حوار» في ظل المصادرة والقمع والترهيب.
> ثم يضيف بلال «الأمن الإستراتيجي للبلاد يحتم علينا في الحكومة المحافظة على الحوار الوطني حتى يرى هذا المولود النور».
«3»
> الحرب على «الصحافة» هذه الأيام يتضح حتى في ارتفاع أسعار الورق.
> النائب الأول لرئيس الجمهورية «السابق» والقيادي بالمؤتمر الوطني علي عثمان محمد طه، وخلال لقاء بكلية التربية عطبرة، نظمته أمانة الحوار المجتمعي بولاية نهر النيل، دافع عن انقلابهم على السلطة في عام «1989»، في ذات الوقت طالب طه بمنع من يثير الفتنة من الكتابة في الصحف.
> حول مصادرة السلطات الأمنية للصحف، قال طه «من يثير الفتنة يجب منعه نهائياً من الكتابة»، وأضاف أنه مع حرية الرأي لكن بعيداً عن الفتنة.
> هكذا بكل بساطة يبرر طه لمصادرة الصحف حيث «إثارة الفتنة» كلمة فضفاضة يحددها الشخص الذي يتضرر من الصحافة.